رحل قبل يومين الفنان "الملاحني" الكبير الشيخ محمد الخياطي بوثابت، أحد أشهر رواد الكريحة على الإطلاق. إشتغل محمد الخياطي مع عمالقة فن الملحون أمثال المرحوم الحاج الحسين التولالي والشيخ حمود بن ادريس القصباوي والشيخ اعزيزي والشيخ ابن هنية الزرهوني وكذلك مع شيوخ الجيل الذهبي لمدرسة الحاج التولالي كالشيخ سعيد المفتاحي وغيرهم من كبار هذا الفن بمكناس والمغرب. وبفقدان هذا الهرم الفني الكبير تكون مدينة مكناس قد رُزِئت، ومعها فن الملحون، في ركيزة قوية من ركائز الثقافة المغربية الأصيلة. الشاب علي زيان إبن مكناس أجرى عبر الهاتف حوارا مع الشيخ الفنان سعيد المفتاحي خريج مدرسة الحاج الحسين التولالي و سفير الملحون بديار المهجر، حيث يقيم بباريس منذ مدة متفرغا للبحث في مجال الفن والتراث، وكانت له هذه الدردشة معه: رحل في صمت قبل يومين إلى دار البقاء أحد أعلام فن الملحون بالمغرب، الشيخ محمد الخياطي بوثابت ، ما هو إحساسك برحيل هذا الهرم الكبير في فن الملحون ؟
أريد أولا أن أتقدم بأحر التعازي إلى أسرة الفقيد الكبيرة والصغيرة وأهل فن الملحون بمكناس والمغرب راجيا من الله أن يرزقهم الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون . رحيل الشيخ محمد الخياطي يعتبر خسارة فادحة لفن الملحون بصفحة خاصة، والمشهد الثقافي بمدينة مكناس بصفة عامة، فهو أحد أسود الكريحة، وشيخ كبير وخزان لذاكرة هذا الفن، والغريب أنه عاش في صمت ورحل في صمت، ويعتبر تهميشه إهانة للذاكرة الوطنية في مجال فن الملحون. في الحقيقة لا أحمل أي أحد المسؤولية عن هذا التقصير، فمن خلال تتبعي لصور جنازة الفقيد عبر مواقع التواصل الإجتماعي بالأنترنيت، تبين لي غياب مجموعة من الوجوه والأسماء المحلية والوطنية في فن الملحون، فأتساءل عن غياب وجوه ثقافية ومكناسية مرموقة، وكذلك وسائل الإعلام الجهوية والوطنية التي تخلفت عن تغطية رحيل أحد الوجوه الفنية الكبيرة بالعاصمة الإسماعيلية التي صنعت البهجة في نفوس أجيال وأجيال.
كيف ترى وضع فن الملحون الآن؟
رحيل سيدي محمد الخياطي يحمل أكثر من دلالة، وأكثر من معنى، هناك وضع كارثي يعيشه فن الملحون وأهل الملحون، هذه المغادرة بهذا الشكل هي عبرة ودرس، ووقفة تأمل لإعادة النظر في وضعية الفنانين "الملاحنية"، ومناسبة للجلوس جميعا، باحثين شعراء فنانين شيوخ وموسيقيين ومحبين وغيورين على هذا الفن المغربي الأصيل من أجل توحيد الصف، والرقي بمنظومة فن الملحون هذا المنتوج الثقافي العظيم وذلك لإيجاد صيغة مسؤولة ومقبولة إداريا وثقافيا لمخاطبة المسؤولين عن الشأن الثقافي والإجتماعي بالمدينة. الحقيقة تأثرت كثيرا برحيل هذا الشيخ الهرم المكناسي الوطني بهذه الطريقة التي لا تليق بقيمته الفنية الكبيرة وهو الذي أعطى الكثير لفن الملحون، لقد ترك تسجيلات مهمة في الإذاعة والتلفزة الوطنية وأنشد قصائد وقياسات غاية في التعقيد، رحل في صمت وهذه رسالة واضحة لكل ممارس في الحقل التراثي وفن الملحون.