فقدت أسرة الملحون بالعاصمة الإسماعيلية، أحد رجالها المخلصين لفن الملحون، وأحد أعمدته الأساسيين، الأستاذ الشاعر الحاج أحمد أكومي، بعد صراع مع المرض، وذلك يوم 5 مارس 2012، بعد أن أفنى سنوات عمره في خدمة هذا الفن الشعبي الأصيل. وبرحيله يكون أحد رجالات ونجوم الملحون قد غادرونا بعد أن قدموا أعمالا رائعة، واستطاعوا حمل مشعل تراث موسيقي، عملوا على إيصاله إلى الأجيال الصاعدة، وربطهم الجسور مع الأجيال المقبلة قبل أن يودعونا، تاركين لنا أجمل الأعمال الخالدة، نذكر منهم: عبد العزيز المغراوي من تافيلالت، والتهامي الهاروشي والحسين التولالي من مكناس، و امحمد بوزوبع (الأب) من فاس، وابراهيم الحرزي من سلا، ومحمد بن موسى من الدارالبيضاء، والجيلالي امثيرد، و محمد النجار، و محمد بوستة و محمد بلكبير و محمد الحسيكة من مراكش وغيرهم... الشيخ أحمد أكومي أحد شيوخ فن الملحون، نشأ في حي «التيزيمي» بالمدينة العتيقة لمكناس، يقال أنه لقب ب«حميدو ولد باسلام» تعبيرا عن المحبة التي يكنها له جميع محبي فن الملحون بالمدينة، وهو من أسرة مولعة بفن الملحون، هذا الفن الذي ورثه أبا عن جد، إذ كان والده الفنان باسلام أحد الشيوخ العشاق لفن الملحون، ومنشدا مشهورا بمكناس. كان شاعر الملحون الجليل أحمد أكومي، أحد شيوخ «الكريحة» و «السجية»، ينظم قصائد شعرية ويحفظ للرواد الأولين البارعين في فن الملحون، كان محبوبا عند جميع رجالات الملحون بمكناس، يعزف على آلتي «السويسن» و «الطعريجة» ضمن جوق الحسين التولالي، كان يجمع رواد ومنشدي الملحون في حلقات بساحة قرب باب «البردعيين» ويزودهم بكل ما في جعبته من قصائد شعرية، وتركيبات وقياسات، لهذا الفن الأصيل. عرف عن الفنان أكومي أنه من علم الفنان الحاج الحسين التولالي أصول الكتابة والقراءة والأداء وفق قياسات فن الملحون، كما ظل لسنوات يلقن فن الملحون لطلبة المدرسة الوطنية التابعة لوزارة الثقافة، والمعهد الموسيقي التابع للمجموعة الحضرية بمكناس. تتلمذ على يديه نخبة من فناني الملحون ك: ماجدة اليحياوي، سعيد مفتاح، رشيد الحكيم، سعيد نجاح بوعبيد، أمير علي، نعيمة الطاهري، ليلى المريني، وآخرين... ويقال أنه يستمع كثيرا ويتكلم قليلا، ويعتبر مدرسة قائمة بذاتها، يلجأ إليه كل من أراد الإستفادة من تراث الملحون. يقول أحد تلامذته الفنان سعيد مفتاح: «كان أكومي من رعيل الشيوخ الذين يحبون فن الملحون حبا جما، وظل يغير على هذا الفن.. وهو علامة من العلماء الكبار، كان متأسفا من حال الملحون لعدم إيلائه ما يستحق من اهتمام، ومستاء من أسلوب تدريسه». ويضيف الفنان مفتاح، في آخر لقاء جمعه بأكومي قبل يومين من وفاته «كان الرقيب اللغوي لدى الراحل حاضرا بشكل قوي رغم كونه كان «مهدود» القوى، حاملا لهم الملحون بحب ومرارة رغم صراعه مع المرض». ويقول أيضا «كان صاحب الفضل عليه حيث تعلم منه فن الملحون، كما تعلم على يد الشيخ محمد بن راشد، الذي كان منزله محجا، لكل كبار الملحون بالمغرب، ومن بينهم الشيخ بنعيسى الفاسي، والحاج التهامي الهاروشي، والحاج عبد الكريم كنون، والحاج الحسين التولالي..».