كثيرة هي الأحداث التي شهدتها المكسيك خلال السنة التي نودعها سواء على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لكن تظل التطورات الجديدة التي شهدها مسار البحث عن حقيقة اختفاء الطلاب في بلدية إغوالا بولاية غيريرو المكسيكية، وفرار زعيم المخدرات " ال تشابو " أبرزها على الإطلاق، والتي لا زالت تقض مضجع الحكومة والمجتمع على حد سواء. ففي تطور لافت زاد من غموض قضية اختفاء الطلاب المكسيكيين، أكدت مجموعة من الخبراء، تابعة للجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، أن أدلة جديدة ظهرت بعد أزيد من عام على اختطاف 43 طالبا مكسيكيا تؤكد أن جثثهم لم يتم تدميرها بسبب حريق كبير في مكب للنفايات كما تدعي الحكومة.
وأكدت اللجنة مؤخرا، خلال ندوة صحفية بمكسيكو سيتي، إن صور أقمار اصطناعية للمشهد المزعوم لم تظهر أي علامة على حريق في ذلك الوقت، مدحضة الراوية الرسمية بشأن الحادث.
وكانت السلطات المكسيكية قد أعلنت رسميا في يناير الماضي عن تأكيد مقتل الطلاب المختفين، على الرغم من عدم العثور على جثثهم لكن تم التعرف على هوية طالب واحد فقط من بقايا جثته المتفحمة.
لقد مر أزيد من عام على الأحداث التي شهدتها بلدية إغوالا يومي 26 و27 شتنبر من السنة الماضية، والتي أودت بحياة ستة أشخاص وإصابة 25 آخرين بجروح، أعقبها فقدان 43 طالبا كانوا يتابعون دراستهم في مدرسة لتكوين الأساتذة، تقع بالقرب من شيلباسينغو عاصمة ولاية غيريرو، لكن ما يزال مصير هؤلاء الطلبة مجهولا في وقت يعتبر فيه العديد من المراقبين أن البحث عن مخرج لهاته القضية هو بمثابة طريق لا نهاية له.
وفي ظل مراوحة القضية لمكانها، طالب أهالي الطلبة المفقودين بنقل التحقيق حول مصير أبنائهم إلى وحدة خاصة تحت إشراف دولي، بعد رفضهم لنتائج التحقيق الرسمي الذي وجدوه غير مقنع بتاتا. ورفض أفراد أسر الضحايا مرارا الرواية الرسمية لما حدث، قائلين إن التحقيق أجري بشكل عشوائي.
وفي محاولة لتخفيف حدة الغضب الشعبي، خاصة بعد صدور تقرير الخبراء المستقلين يدحض وجهة النظر الرسمية التي تشير إلى أن الطلاب حرقوا في مكب للنفايات، أمر الرئيس المكسيكي إنريكي بينا نييتو بإعادة فتح التحقيق في القضية.
قبل عام واحد فقط، وفي طريقهم إلى ساحة تلاتيلولكو، لم يكن أيا من طلاب مدرسة تكوين الاساتذة لأيوتسينابا يتخيل أنه سيصبح رمزا للنضال والغضب المكسيكي.
على صعيد آخر، أثارت معاودة خواكين "إل تشابو" غوزمان لويرا الهرب من سجن مشدد الحراسة يقع في بلدية ألمولايا دي خواريز في ولاية مكسيكو، الكثير من عمليات الاستفهام والدهشة حيال الطريقة التي تمت بها، والتي تضاهي في كثير من تفاصيلها ما يحدث في أفلام هوليود، وذلك على الرغم من الحراسة المشددة المفروضة على السجن.
وقد لجأ " إل تشابو " غوزمان لويرا إلى الهرب عبر نفق يبلغ طوله ألف و500 متر يربط منطقة الاستحمام بزنزانته بمبنى خارج أسوار السجن.
ولا زالت تجري السلطات المكسيكية عمليات بحث حثيثة، تشارك فيها كل الوحدات الأمنية والعسكرية، في سبيل تحديد مكانه في أقرب وقت ممكن.
إن هذين الموضوعين، اللذين حظيا بمتابعة كبيرة من قبل الرأي العام، حجبا الجهود التي تبذلها الحكومة الفدرالية في مجالي الإفلات من العقاب ومحاربة الجريمة المنظمة والاتجار في المخدرات.
وقد شرعت الحكومة الفدرالية خلال السنة التي نودعها في إجراء إصلاحات وتغييرات مؤسساتية لتوسيع وحماية حقوق الأفراد، من خلال المدونة الوطنية للإجراءات الجنائية وتنفيذ الإصلاح في مجال العدالة الجنائية، وغيرها.
وقدمت إلى الكونغرس مبادرات دستورية تهدف إلى تعزيز مؤسسات الأمن والعدالة على المستوى المحلي، مثل إنشاء وحدات أمنية ولائية لتفادي تغلغل الجريمة المنظمة، فضلا عن إعادة هيكلة نظام الاختصاص في المسائل الجنائية.
وهكذا، فإن من شأن إيجاد حل لقضية الطلاب المكسيكيين المختفين وإعادة إلقاء القبض على "إل تشابو" أن يعطي مزيدا من الثقة للمجتمع حيال التدابير والإجراءات التي تقوم بها الحكومة في مجال تعزيز الأمن بالبلاد.