فاز صديقي وزميلي الصحافي عبد الرحيم التوراني أمس الخميس بالجائزة الوطنية الكبرى للصحافة في صنف الصحافة الإلكترونية باسم موقع " تليكسبريس". والحقيقة أن هذا التكريم طال انتظاره في حق الرجل الذي انخرط في العمل الصحافي منذ بداية شبابه، وكانت له اسهامات لا يمكن انكارها، وأكثر من هذا اسهامات يقودها الضمير المهني والأخلاقي . عبد الرحيم التوراني عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة، ورئيس تنسيقية الصحافة الإلكترونية.
التحق التوراني بجريدة المحرر في سنة 1979 شهور قليلة جدا قبل أن يتخذ مدير الجريدة آنذاك قرار الطرد منها والذي سيتلوه قرار الطرد من الحزب بعد شهرين فقط من الأول مع مجموعة من المناضلين والمناضلات على رأسهن فاما (فاظمة أوعزير). وبعد استئناف جريدة الاتحاد الاشتراكي مكان المحرر التحق بها لكنه قدم استقالته منها بعد بضعة شهور فقط من العمل فيها. ما جعله يأخذ مكانه في المحرر آنذاك هو امتلاكه للغة الصحافة، لغة لا تصنع فيها ولا زحرفة، سلسة مطواعة، توصل الفكرة بجمل قصيرة مع الحفاظ على قواعد اللغة .
كان الاتحاد الاشتراكي يغلي بالخلافات السياسية بعد الانتخابات التشريعية في 1977 وهي خلافات بدأت تأخذ، بفعل الإصرار على ألا يتخذ الحزب موقفا صارما من التزوير الفاحش ضد الحزب، أبعادا سياسية وأيديولوجية حيث بدأت نقاشات حول الخط السياسي للحزب الذي بدا خطا يميل إلى التحالف مع الملك لتطويق القوى المستفيدة، وكان الرد عنيفا إلى درجة الاتهام أن مراجعة الخط السياسي هو اعتماد خط الكفاح المسلح من جديد .
في هذا الجو تتالت أشكال الطرد والحصار وكان من المتوقع أن تواكب العلم ولوبنيون ما يجري داخل الاتحاد لكن كان الحصار الإعلامي هو السائد بالرغم من الاتصالات التي أجريناها. عندما صدرت جريدة أنوال في أواخر سنة 1979 كان أملنا أن نجد أخيرا من يفك عنا الحصار لكن كانت خيبتنا قوية عندما أجابنا القائمون عليها بأن "الجريدة لا يمكنها أن تتدخل في الشؤون الداخلية لحزب تقدمي ".
أصدر الصديق التوراني مجلة السؤال في بداية 1983 وهو الذي فك عنا النحس الذي لازمنا حيث خصص الجزء الأكبر للخلافات السياسية داخل الاتحاد وأجرى حوارا مطولا مع الفقيد أحمد بنجلون. وقد صدر من السؤال 9 أعداد.
لم يستطع التوراني أن يبتعد عن الصحافة ولهذا انخرط في التعاون مع صحف ومجلات دولية وكله أمل أن يعود إلى الساحة الوطنية بمشروع ما جديد، في سنة 2007 سيصمم العزم على تنفيذ فكرة طريفة وهي "الإنتهازي" كان يأمل أن تكون جريدة تربوية وأخلاقية في ثوب فكاهي من خلال تتبع مظاهر وأشكال الانتهازيين وبالفعل لم يهنأ له بال حتى نزلت الجريدة إلى السوق ولكن ذهبت جريدة الانتهازي وبقيت الانتهازية وكانت أقوى من طموح الصديق التوراني .
* مناضل وقيادي في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي