"ما دمت في المغرب فلا تستغرب"، هذه العبارة يرددها المغاربة كثيرا فور وقوع أي مستجد في المغرب، خاصة تلك المستجدات الطريفة. واليوم أقولها أنا كذلك، وذلك بمناسبة وقوع مستجد طريف في الساحة السياسية المغربية، انه حدث "12 ماي ضد محمد أوزين"، هذه الإشاعة المفبركة التي تتهم كاتب الدولة في الخارجية بقول كلمة "ضسرناهم علينا" إشارة إلى أبناء الأقاليم الجنوبية، كما أوله أصحاب هذه الإشاعة، بعد انسحاب برلمانية حزب التقدم والاشتراكية كجمولة بنت أبي من اجتماع لجنة الشؤون الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية يوم 12 ماي الجاري، احتجاجا منها على ما أسمته تهرب وزير الخارجية الطيب الفاسي الفهري الإجابة عن سؤالها حول الوضع الحقوقي بالأقاليم الجنوبية. وللأمانة التاريخية فقط، وودت أن أصوغ هذه المرافعة، ليس بأنني محاميا لأحد أو أدافع عن أحد، ولا لفائدة شخص معين ضد آخر، بل نزولا عند المبادئ التي أومن بها وبحسب ما أعتقده شخصيا أنه الصحيح والصواب، والذي قد يظنه الآخر خطأ وله الحق في ذلك طبعا. إلا أن الفيصل في هذه القضية الشائكة موكول للأيام المقبلة ولشهادات الحاضرين في اجتماع اللجنة المذكورة آنفا، مرافعة من أجل الحقيقة ومن أجل نفض الغبار عن هذه الإشاعة الخطيرة في حق رجل نعتبره ذا أخلاق عالية، شخص مثل ثلاثين مليون مغربي في العديد من المحافل الدولية خير تمثيل. قبل الخوض في تفاصيل القضية، أريد أن أقف قليلا عند مفهوم الإشاعة، لكي أبين خطورتها في التأثير على الرأي العام. فالإشاعة كما يقول "ألان سوفيAlan souvé " تسير بسرعة أكبر من سرعة الضوء، وهي في القاموس السوسيولوجي تعني : " مجموعة من التعريفات، والتكهنات والشروحات للوقائع المفتعلة والمتنقلة بطريقة الفم والأذن والتي لم تتلق أي تأكيد من مصادر رسمية "، وهي كذلك: "تلك المعلومات أو الأفكار التي يتناقلها الناس دون أن تكون مسندة إلى مصدر موثوق به يشهد على صحتها ".
- هل قضية أوزين تحققت فيها مميزات الإشاعة؟
الجواب سيكون بالإثبات (نعم)، فالذي قام بإشاعة هذه الشائعة حسب تصريحات أوزين لبعض المنابر الإعلامية،هو أحد الأشخاص الذي لم يكن حاضرا داخل القاعة التي انعقد فيها الاجتماع، وإنما دخل بعد سماعه للضجيج خلال النقاش، فأول كلمة "السرعة" التي تفوه بها اوزين إلى "الضسارة" ونشرها على الفايسبوك، ليتم نقلها عبر بعض وسائل الإعلام بطريقة لا مهنية، وبطريقة عمياء. ربما لها فيها مآرب أخرى، والله أعلم. وبهذا حسب تحليلنا، نعتبر هذه القضية إشاعة لا غير.
- كيف تعاملت الصحافة مع القضية؟ (جريدة الصحراء الأسبوعية نموذجا).
كما سبقت الإشارة إليه أعلاه، فبعض المنابر الإعلامية تناولت الخبر بطريقة غير مهنية، وغير موضوعية، فمثلا جريدة الصحراء الأسبوعية خصصت صفحتين للخبر (ص 10 و 11 )، ثم جعلته العنوان البارز في الصفحة الرئيسية، الأمر الذي يتناقض كليا مع أعراف الجرائد، لأن العنوان الرئيسي في الصفحة الرئيسية، هو عنوان ملف العدد، فلا أدري لماذا قام الزملاء في الصحراء الأسبوعية بهذا الخطأ الفادح. كما أن الزميلتين اللتان أعدتا هذا الموضوع، لم تحاولا تحليله بطريقة مهنية، وإنما إكتفتا ببعض الإشارات مع الكلمة الكاملة لكجمولة. ثم بشهادات بعض الفاعليين السياسيين، الذين لم يحضروا اللقاء، وبالتالي لم تكن لديهم أي معلومة عن الواقعة، ما عدا السيد أعماي مستشار محمد اليازغي، والذي أكد أنه لم يسمع أي شيء من السيد أوزين. إلا أن الجريدة حاولت تفخيم الحدث، رغم عدم تناوله بطريقة الكبار نظرا لغياب الأدلة والمعلومات. خلاصة القول، إن أحفاد المناضل موحا أحمو الزياني وفي مقدمتهم السيد أوزين محمد ليس من خصالهم البوح بمثل هذا الكلام، والمتتبع لجميع البرامج التلفزية التي تستضيف محمد أوزين سيلاحظ رزانة ولباقة الرجل، الذي يحترم أدبيات الحوار ولم يسبق له أن جرح أحدا في جميع حواراته ونقاشاته والتاريخ يشهد له بذلك.
أوزين في سطور ازداد السيد محمد أوزين، كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، في 5 يناير 1969 . والسيد أوزين حاصل على الإجازة في اللغات من جامعة محمد الخامس بالرباط (1993) ودبلوم الدراسات العليا بشعبة اللغات والثقافات بنفس الجامعة (1995)، وشهادة الماستر في استراتيجيات التنمية المستدامة بجامعة الشرق الأوسط في بوسطن(2000)، ودكتوراه في سوسيولوجيا اللغات من جامعة محمد الخامس (2004)، وشغل السيد اوزين منصب مستشار تقني بوزارة الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري (2002 - 2007 )، حيث تكلف بإعداد عدة ملفات وأبحاث ودراسات وأشرف على العديد من البرامج. كما عمل السيد أوزين، من سنة 1993 إلى 1999، أستاذا بجامعة محمد الخامس وبعدة معاهد أخرى، وشغل منصب مساعد رئيس جامعة الشرق الأوسط ببوسطن ومستشارا بها ثم مستشارا ثقافيا بمؤسسة "بيس كور"، علاوة على مهمة التأطير التي أشرف عليها في العديد من المؤسسات والمعاهد الدولية. محمد اوزين، ناشط في عدة جمعيات بإقليمافران، عضو في المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، شغل كذلك منصب مستشار وزير الفلاحة والصيد البحري، ويرأس المجلس القروي لواد افران (إقليمإفران ).