مساء 11 أبريل 2015، وعلى مدى خمس ساعات، كان جمهور مدينة أكادير على موعد مع النسخة الرابعة من صالون سانتا كروز الأدبي، التي خصصت للاحتفاء بالتجربة الشعرية للمسرحي والشاعر الأمازيغي محمد واكرار عضو اتحاد كتاب المغرب، وعضو النقابة المغربية للمسرح. صاحب دواوين لها موقعها في المدونة الشعرية الحداثية الأمازيغية، منها: تينيتين، 2004.
تينو، 2010.
أفنوز نّسْ كَرْ إيمان دْ تانكَا، 2013.
ومعلوم أن واكرار، الذي شارك في ترجمة الميثاق العالمي لحقوق الإنسان إلى الأمازيغية، عُرِف أيضا بترجمته لأعمال مسرحية هامة إلى اللسان الأمازيغي كمسرحية: في انتظار غودو لصامويل بيكيت، 1989؛ ومسرحية أيام العز ليوسف فاضل، 2001.، اللتان أخرجهما بجماليات أدهشت العامة والخاصة.
وقد كان اللقاء مناسبة لاستكناه السؤال الشعري الأمازيغي، الذي يستمد مرجعيته من شرعية الاختلاف، الذي وهَبَنا أركانة شعرية تختزل قلب الجنوب، وتطاول شعراء الحداثة وعلى رأسهم علي صدقي أزايكو.
بعد تقديم فيديو عن تجربة واكَرار الشعرية، التي تعاقب على الشهادة فيها شعراء ونقاد ومترجمون، منهم: عبد القادر اعبابو ومبارك المغفور وأحمد بوزيد وأمينة إيقيس ولحسن الناشف وحسن أومولود، أجمع الكل على أن نصوص محمد واكَرار، التي تغنى بها كبار الفنانين الأمازيغ وعلى رأسهم الراحل عموري مبارك، سهلة لكنها تغوص في أعماق النفس: نفس الآخر؛ كما أنها نصوص حطمت مجموعة من النمطيات الشعرية التي تجعلنا أمام شاعر حداثي بامتياز، شق عصى الطاعة على تجارب كلاسيكية كتجربة الحاج بلعيد وألبنسير وسيدي حمو الطالب، التي تشرّبها من والدته التي كانت تحفظ الكثير منها. الشاعر واكَرار يختار المباغثة التركيبية ليجدد، ويبتدع استعارات مجدِّدة من طينة تلك التي عمل الشاعر علي صدقي أزايكو على ابتكارها.
من سحر الصورة إلى صورة السحر، تتسامى قصائد واكَرار كسمفونية ساحرة تمتح من الدواخل لا من الخارج، لتتدرج في مراقي نفحات صوفية تَجاورَ فيها الحلاج بالسهروَردي، وبوذا بكونفوشيوس، وابن العربي بالوليات الصالحات كلَلّا تِعزّا ولَلا تَعْلاّتْ..
وبعد الاستمتاع بالإلقاء الرائع لمحمد واكَرار، تم تأثيث هذا الاحتفاء بالشعر الأمازيغي، بقصائد فصيحة وزجلية وبلسان موليير ألقاها شعراء شباب قدموا من البيضاء وفاس وبعض مدن الجنوب، ومنهم: سناء زاهية وخالد الدويري وعمر الأزمي وأمينة إيقيس وهشام خضير وإلهام زنيد وزكريا الزايد ومحمد إدصالح وخديجة مفيد.
كما تم تأثيث هذه الأمسية الشعرية الراقية، بوصلات موسيقية صدحت فيها أصوات تستحق كل الاهتمام والرعاية كصوت الفنانة تُوفِيتْ تْريتينو والمطربة لمياء، التي أبدعت في أداء أغنية فيروز: سألوني الناس.
وقد تخلل كل ذلك حوارات حميمية أجراها الناقد أحمد أبو زيد مع الشاعر، لتسليط المزيد من الضوء على خصوصية التجربة، ومكامن قوتها الإبداعية.
وبعزف منفرد على العود تم التغني ببعض قصائد الشاعر حكم حمدان، ومنها نقتطف:
بربك هيا تعالي لنثأر ونشرب من دنّ حب ونسكر وننسى الغياب إذا التقينا فتغتاله قُبلة إن تجبر... على حد علمي رؤانا بعيدة سبَتْك الحياة سَبتْني القصيدة وبيني وبينك ألف اختلاف يهدد قصة حب جديدة... وتهمس لي ضيعتْك القوافي وأهمس بل أصبحتْ لي عقيدة
وأختم هذا الشلال الشعري، الذي تعاقب عليه شعراء وشاعرات بمؤهلات فنية وإبداعية أثارت دهشة الجمهور وإعجابه، بلازمة للزجالة المتميزة إلهام زنيد: البَرَكة فْراسْكْ مْنْ جِهْتْ راسْكْ.