تألقت الفنانة المغربية سعيدة فكري، مساء أمس السبت خلال حفل فني أحيته بواشنطن، بعد غياب دام نحو سبع سنوات، قدمت خلاله باقة زهية من أشهر أغانيها. غابت طويلا، هذه الفنانة التي حفرت لها اسما محترما في مجرى الأغنية المغربية، لكنها عادت من جديد للتواصل مع جمهور ظل ينتظر طلتها، وجديد أغانيها التي عكست عمق مشروع فني ملتزم بهموم الانسان والوطن. وشاءت الصدف أن تكون العودة من خلال أمسية استقطبت جمهورا نوعيا تقاسم لحظات جميلة مع الكلمة الهادفة والنغمة الساحرة.
فمن خلال أغاني "يا جبال الريف"، و"سألوني عن العذاب"، و"رضينا بالهم"، و"مولانا نسعاو رضاك"، و"الحمد والشكور يا خالق البحور" إلى ألبومها الجديد "الدنيا في الميزان"، الذي يضم أغنية أمازيغية، استطاعت سعيدة فكري أن تحلق بعشاقها في رحلة استغرقت نحو ساعتين من الزمن، غمرها العشق الصادق للفن الأصيل والملتزم، الذي يخاطب الوجدان ويهتم بقضايا الناس وهمومهم.
وكان تجاوب الجماهير الحاضرة، التي توزعت بين أفراد الجالية المغربية المقيمة بمنطقة واشنطن الكبرى، وعدد من الضيوف الأمريكيين، فريدا من نوعه، ينم عن عشق كبير لإبداعات هذه الفنانة المتكاملة، التي تزاوج موسيقاها بين الروك والبلوز والجاز، وموسيقى شمال إفريقيا التقليدية، وأنغام الأمازيغ المغاربة.
واكتسى حفل سعيدة فكري طابعا خاصا، حيث رافقتها على المنصة مجموعة من الموسيقيين الأجانب، بينما تشكل الكورال من ابنتيها، رانيا وغفران، اللتين نهلتا من العوالم الفنية لوالدتهما.
وبرز نجم سعيدة فكري منذ نعومة أظافرها مع مجموعة "الكانتري" بالحي المحمدي في الدارالبيضاء، قبل أن تقرر معانقة الأغنية الملتزمة، التي تلامس الواقع الاجتماعي المغربي، لاسيما هموم الشباب والصداقة والحب والسلام والحرية وقيم الأسرة والتسامح الديني ومناهضة العنصرية وكل أشكال التمييز .
ولم تتوقف تجربة سعيدة فكري عند هذا الحد، بل قررت الهجرة إلى الولاياتالمتحدة بحثا عن آفاق فنية جديدة، حيث درست بأمريكا اللغة الإنجليزية، وعلم النفس الاجتماعي، والإخراج السينمائي تخصص الشريط الوثائقي والفيديو كليب، الأمر الذي ساعدها على تطويرها أدائها الفني، والانفتاح أكثر على العالم.
ولعل الصدق والجدية، والحرص على الاهتمام بقضايا وهموم الناس، إضافة إلى صورة الفنانة المتكاملة والعصرية، التي تنتقل في كلمات أغانيها من الدارجة المغربية والعربية الفصحى إلى الفرنسية والإنجليزية من دون التفريط في أصالة ودفء البلد، جعل سعيدة فكري فنانة فوق العادة تحظى باحترام جمهور كبير، من مختلف الأعمار، يعشق إبداعاتها وترديد أغانيها.
ويأتي حفل سعيدة فكري في سياق سلسلة من التظاهرات الفنية والثقافية التي يلتئم فيها أفراد الجالية المغربية المقيمة بالولاياتالمتحدة، تكريسا للتبادل والتواصل بين أبناء الوطن الأم واحتفاء بالرموز الثقافية والفنية للمغرب.