شكلت المقاربة المغربية في مجال الهجرة واللجوء نموذجا قي المنطقة وكذا على المستوى الدولي، وذلك بالنظر إلى الرؤية الاستراتيجية المؤطرة للعملية وكذا المقاربة التشاركية التي اعتمدت عليها والبرامج العملية المعتمدة لتنزيلها على ارض الواقع.. ولتسليط الضوء على الحصيلة شبه النهائية للعملية التي نظمت خلال سنة 2014 لتسوية الوضعية الادارية لاقامة الاجانب بالمغرب، نُظمت ندوة صحفية بسلا امس الاثنين، شارك فيها كل من الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، الشرقي الضريس والوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية والتعاون امباركة بوعيدة والوزير المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج وشؤون الهجرة أنيس بيرو والمحجوب الهيبة المندوب الوزاري المكلف بحقوق الانسان..
وأشار الضريس إلى أن سنة 2014 شكلت سنة مفصلية في ما يتعلق بسياسة تدبير شؤون الهجرة بفضل التوجيهات الملكية السامية عقب تسلم جلالة الملك لتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول موضوع الهجرة ومسألة اللاجئين.
وفي هذا الاطار كشف الشرقي الضريس، أن عدد طلبات تسوية الوضعية التي تم إبداء رأي إيجابي بشأنها في إطار هذه العملية الاستثنائية والتي انتهت متم شتنبر من العام الماضي، بلغ 17.916 طلبا من أصل 27.332 طلبا تم تلقيه، أي ما نسبته 65 في المائة من مجموع الطلبات المقدمة.
وأوضح الضريس أن هذه العملية التي انطلقت رسميا في نونبر 2013 استفاد منها مواطنون من 116 جنسية في طليعتهم المواطنون السنغاليون (6600)، يليهم المواطنون السوريون (5250)، فالنيجيريون (2380)، فالإيفواريون (2281).
وأكد الضريس أنه تم قبول كافة الطلبات المقدمة من طرف النساء والأطفال (100 بالمائة) والتي بلغت 10.178 طلبا.
وتأتي جهة الرباطسلا زمور زعير في مقدمة جهات المملكة في ما يخص استقبال الطلبات ب 8198 طلبا (29.99 في المائة)، تليها جهة الدارالبيضاء الكبرى ب6363 طلبا (23,28 في المائة)، وبعدها الجهة الشرقية ب2730 طلبا (9,99 في المائة)، فجهة فاس بولمان ب2686 طلبا (9,83 في المائة).
واعتبر الوزير أن هذه العملية حققت النتائج المرجوة منها لكونها شملت 90 في المائة من المهاجرين غير الشرعيين. وكانت التقديرات التي تتوفر عليها وزارة الداخلية في بداية العملية تشير إلى أن أعداد المهاجرين في وضعية غير نظامية يتراوح ما بين 25 و 30 ألف مهاجر، حسب المسؤول ذاته.
وأكد الوزير أنه تم بلوغ هذه النتائج بفضل المقاربة التشاركية التي طبعت كل مراحل إعداد وإنجاز هذه العملية الاستثنائية والتي مكنت من الوصول إلى منظور مشترك ما بين مصالح الدولة والمؤسسات الدستورية والفاعلين الجمعويين.
وأكد أن الحكومة تجندت بكل مصالحها تنفيذا للتعليمات الملكية السامية من أجل بلورة السياسة الجديدة للهجرة اعتمادا على مقاربات تتلاءم مع الأوضاع المستجدة لظاهرة الهجرة وتأخذ بعين الاعتبار البعد الإفريقي للمملكة وكذا التزامات المغرب الدولية في مجال حماية حقوق اللاجئين والمهاجرين.
واعتبر أن هذه العملية تعكس أيضا صورة الإدارة المغربية الحديثة سواء على مستوى حسن التنظيم أو الاستقبال أو التوجيه أو التواصل.
وأوضح أن عدة عوامل ساهمت في تحقيق هذه النتائج منها تركيبة اللجان المحلية التي شهدت مساهمة فاعلة لممثلي المنظمات غير الحكومية، واعتماد نظام مرن لتحديد فئات الأجانب في وضعية غير شرعية، وتحديد مدة زمنية أقصاها شهران من تاريخ إيداع ملف الطلب لإصدار رأي اللجنة المحلية، وحث اللجان على تعليل قراراتها، وخلق آليات للطعون تتجسد في اللجنة الوطنية للطعون التي يترأسها رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
من جانبه، أوضح انيس بيرو ان الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة وضعت استراتيجية وطنية للهجرة واللجوء وذلك في إطار مقاربة تشاركية مع جميع الفاعلين في الميدان..
وأوضح بيرو ان هذه الاستراتيجية، التي صادق عليها مجلس الحكومة في 18 دجنبر 2014، تنبني على رؤية هدفها ضمان إدماج اقضل للمهاجرين وتدبير افضل لتدفقات الهجرة في إطار سياسة هجروية منسجمة شاملة انسانية ومسؤولة..
وقد تمت ترجمة الرؤية الاسترتاتيجية، حسب الوزير بيرو، إلى اربعة اهداف استراتيجية تروم تسهيل اندماج المهاجرين الشرعيين وتأهيل الاطار القانوني وإقامة إطار مؤسساتي ملائم وتدبير تدفق المهاجرين في إطار احترام حقوق الانسان..
ولتنزيل هذه الرؤية الاستراتيجية، يقول الوزير، تم اعتماد ستة مبادئ توجيهية تتوزع على 11 برنامج عمل تعكس 27 هدفا خاصا تمت ترجمتها إلى 81 مشروعا..
وتهم هذه البرامج الاحدى عشر، التربية والثقافة والشباب والترفيه والصحة والسكن والمساعدة الاجتماعية والانسانية والتكوين المهني والتشغيل وتدبير التدفقات ومحاربة الاتجار في البشر والتعاون والشراكة الدولية والاطار القانوني والتفاقي بالاضافة إلى البرنامج المتعلق بالحكامة والتواصل..
من جانبها كشفت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية والتعاون امباركة بوعيدة، خلال كلمة لها بالمناسبة، ان المساعدة المقدمة للمغرب من طرف الاتحاد الوربي، ليست كافية في هذا المجال، معتبرة ان المملكة تحتاج أكثر إلى دعم سياسي بموازاة هذا الدعم وذلك من خلال دعم التجربة المغربية والمقاربة البناءة والفريدة التي يعتمدها المغرب والاتعتراف بدوره في المنطقة في مواجهة وإيجاد الحلول لهذه الظاهرة..
وبدوره كشف المحجوب الهيبة المندوب الوزاري المكلف بحقوق الانسان، عن إعداد الحكومة المغربية لثلاثة مشاريع قوانين، تهدف إلى توفير الإطار القانوني للهجرة واللجوء ومكافحة الاتجار في البشر.
وأوضح المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، ان أي إطار لن يكون فعالا إلا إذا ارتبط بالحكامة الدولية للتدفقات البشرية، مشيرا إلى أنه لا توجد مقاربات موحدة على المستوى العالمي، "بل يتم الاعتماد على المناطق والسياقات المرتبطة بكل دولة".
وفي هذا الاطار، وبالنظر إلى ان مجال الهجرة واللجوء بعد أحد مشاريع القوانين الجديدة ، فإن المغرب اعتمد في تأطيره إلى بعض التجارب القليلة في دول الشمال كما في بعض دول الجنوب وخاصة الافريقية منها، وذلك لتهييء مشروع يمكن من توفير الحماية لكل شخص أجنبي ، من خلال مبادئه تقوم على رفض ترحيل أي لاجئ والاعتراف بحقوق اللاجئين، وكذا إحداث المكتب المغربي للاجئين وعديمي الجنسية.