المعضلة التي تؤرق النخب الجزائرية اليوم هي تهاوي أسعار النفط واستهانة الحكومة الجزائرية بالموضوع، مع العلم أن الموازنة العامة للجزائر تُبنى على أساس صادرات النفط، حيث تشكل مداخيل هذه الثروة 95 في المائة من الميزانية العامة للجزائر، وبعد أن بنت توقعاتها لميزانية 2015 على أساس 100 دولار للبرميل وجدت نفسها في ورطة بعد أن نزل إلى حوالي 60 دولار. وفي هذا الصدد انتقد التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، السبت الماضي، "لامبالاة" الحكومة إزاء تهاوي أسعار النفط وانعكاساته على ميزانية الدولة، التي تعتمد بشكل شبه كلي على عائدات المحروقات.
وقال الحزب في بيان عمم على الأنترنت، إن "الشكوك والتهديدات التي تحوم حول العائدات المالية للبلاد، يبدو أنها لا تثير أي قلق لدى حكومة تتغنى بأن الجزائر تصدر الاستقرار"، في وقت تتهاوى موارد البلاد وتتعاظم الرهانات الأمنية على حدودها.
وعبر البيان، في هذا السياق "عن المخاوف العميقة للتراجع المقلق لكافة المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية للبلد وللمناخ السياسي غير المساعد القائم على سياسة الهروب إلى الأمام" للنظام.
واعتبر التجمع في تحليله للوضع الراهن في البلاد بأن "الجزائر تعاني من صراع الحرس الخلفي للنظام من أجل البقاء مما يرهن استمرارية الدولة الوطنية، وكذا من فراغ في السلطة نتيجة الوضع الصحي لرئيس الجمهورية وما يشكل ذلك من مخاطر للأمة".
وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) قد أشارت في تقريرها الشهري مؤخرا أن خام الصحاري (المرجع النفطي الجزائري) فقد نحو ثلث قيمته، منذ يونيو الماضي، موضحة أن البرميل الجزائري قفل شهر نونبر الماضي بتراجع ب 8 دولارات إضافية، لتصل مجموع خسائره إلى أزيد من 33 دولارا مع متم الستة أشهر الأخيرة.
وأمام تراجع أسعار النفط في السوق العالمية، لم يكف المتتبعون الجزائريون عن التحذير من انعكاسات ذلك على التوازنات المالية للبلاد، مرجحين فرضية عدوة سيناريو الصدمة النفطية لسنوات الثمانينات التي تسببت في أزمة اقتصادية للجزائر.
وتشير توقعات خبراء جزائريين إلى أن خسائر بلادهم التي تعتمد كليا على عائدات المحروقات، ستصل إلى 50 مليون دولار يوميا السنة المقبلة، في حال استمرار سعر النفط في التراجع.
وفي تقدير الوكالة الدولية للطاقة، فإن "خفض سعر البرميل بنحو الثلث منذ بداية الصيف الماضي، يعتبر إشكالية بالنسبة لعدد من البلدان المنتجة التي هي في حاجة ماسة لسعر مرتفع للذهب الأسود لتمويل نفقاتها".
وتبدو الجزائر أكبر متضرر من استقرار سعر البرميل بين 60 و65 دولارا في المدى المتوسط، لكونها محتاجة لسعر يفوق ال100 دولار للتحكم في توازناتها المالية، والحفاظ على موقعها المالي الخارجي المهدد بالهشاشة السنة المقبلة.
لكن الحكومة غير مبالية بهذا التهاوي، ولجأت إلى أسهل الحلول وهو ضخ مبالغ مالية من الاحتياطي النقدي، وهذه عملية قد تؤدي إلى إفلاس الدولة.
ورغم حالة الإفلاس التام فإن النظام مستمر في سياسة النعامة لأن المنتفعين من الوضع يهيئون مرحلة ما بعد بوتفليقة ولا يهمهم أي شيء آخر سواء جاع الشعب أو مات.