خلال ندوة انعقدت صباح السبت بأحد فنادق الدارالبيضاء، حضرها وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، تحت عنوان "مشروع تعديل المسطرة الجنائية"، كان من بين الذين أخذوا الكلمة المحامي عبد الرحمن بنعمرو، الذي يتولى منصب الكاتب العام لحزب الطليعة الذي بقي فيه هو وبضعة محامين، وكان مما تفوه به والذي اعتبره ضربة معلم "أن القانون الذي خول الصفة الضبطية لعناصر الديستي مثل الذي أعطى للشياطين قبعة الملائكة". فالديستي بهذا المنطق معادل للشياطين والصفة الضبطية معادل لقبعة الملائكة. فإلى أي حد تستقيم هذه الجملة؟ وماذا لو علم بنعمرو أن هناك شياطين تتحدث عن الأفعال الشيطانية للآخرين؟ وهل من يحمي الوطن وأمنه هو الشيطان أم من تآمر عليها سابقا مع نظام هواري بومدين وحاليا مع كل المنظمات التي تقدم مصروفا محترما؟ من الشيطان هل الذي يقوم آناء الليل وأطراف النهار حارسا أمن الوطن وعينا ساهرة أم من ينام حتى تخمر في بطنه العجينة ويستيقظ ليحصل على الملايين مقابل دفاعه عن تجار المخدرات؟
لسنا في وارد الدفاع عن أحد. فكل قطاع فيه الأخيار وفيه ما دون ذلك. وشيطنة الأجهزة الأمنية هدف خارجي يلتقي مع نوايا الجزائر التخريبية ويلتقي مع التيارات الإرهابية وبالتالي يكون بنعمرو ينتمي لمدرسة "الوهابية اليسارية" التي تلتقي مع الوهابية السكيرة ووهابية "الشرموطات" في إعطاء الحجة للحركات التكفيرية.
فمنح عناصر من الديستي وليس عناصر الديستي الصفة الضبطية ليس فقط مطلب أمني ولكن مطلب حقوقي، حتى لا يبقى هذا الجهاز يعمل خارج القانون في إطار المهام الموكولة إليه، يعني أن عناصر الجهاز التي تحمل الصفة الضبطية تعمل تحت إمرة النيابة العامة.
وما لم يفهمه بنعمرو، وهو المحامي، أن الصفة الضبطية لا تزيد ولا تنقص من عمل هذا الجهاز، فهو جهاز مكلف بحماية الأمن القومي للمغرب، ومكلف بتجميع المعلومات حول الشبكات الإرهابية ومافيا المال والمخدرات، وهو نفس الدور الذي يقوم به سواء كانت لديه هذه الصفة أم لم تكن لديه.
لكن هناك عنصر مهم كان على بنعمرو أن يدافع عنه ألا وهو أن الصفة الضبطية جاءت لتسهل عمل هذا الجهاز الذي ظل لسنوات مكبلا بانعدام الصفة. هنا ينبغي أن نكون واضحين. من يريد الأمن ومن يريد الفوضى؟
فالشيطان الذي على بنعمرو أن يتعوذ بالله منه يكمن في هذه التفاصيل التي لم يأت على ذكرها، وفي كل بلدان العالم هناك عناصر من المخابرات تحوز الصفة الضبطية لهذا الغرض. غرض تسهيل مأمورية عملها وتمكينها من التنسيق المباشر مع النيابة العامة بدل سلوك مسطرة معقدة قد تترك الحبل على الغارب وينقلب القارب ويكون الإرهابيون قد نفذوا مخططاتهم.
نعتقد أن مرض الشيخوخة السياسية أنسى بنعمرو نفسه، وأنساه ذكر الوطن، ونسي معهما أنه دافع عن مافيات المخدرات وترافع لصالحهم ليس توضيحا للعدالة ودفاعا عن المحاكمة العادلة ولكن مقابل الملايين التي فاقت 100 مليون في واحدة منها.