عيون كانت قد رأت الدنيا عقدين من الزمن ..وأخرى ثلاثة وأخرى أربعة عقود...عيون لم تفقد أبدا نفاذها وحبها الشريف للحياة..كانت قد أطلت وفي مقلها وميض من المروءة وعزة وشهامة من زمن عمر المختار،حارسها الأمين في مقابر اليوم التي ولجتها بأمان ولم يلجها آل القذافي وبلطجيته ومرتزقته ولو من باب الترحم....فلطالما خشي هذا الطاغية من وطن الصمت والحقيقة...وطن هو التزام لا تنفع معه عمليات التجميل ولا التوبة ولا الإعتذارات أو التوسلات...وطن لا تنفع معه المكروفونات والخطابات الموجهة ولا أنوار الدنيا مجتمعة للإحتماء من الظلام الاخير. ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)) صدق الله العظيم
مرحا لهؤلاء الشهدء الذين قضوا وهم يدافعون عن نصرة الحق وإسقاط ملك الملوك وسيد العالم الذي نهب خيرات ليبيا ووزعها على المرتزقة من البوليساريو وعلى كل جامعات ومعاهد الدول المتقدمة...أما أنتم أيها المتآمرون العرب من سوريا إلى الجزائر ، فستزوركم أرواح الشهداء عن هذه المؤامرة الدموية وستداهمكم رائحة الموت ، وستغرقكم دموع المشيعين في مواكب الجنائز وستصمكم أصوات الحق وأنين الإحتضار الذي أراد أن يملأ الدنيا ضجيجا...أما الموتى فرحلتهم ليست إلا رحلة أجساد وستبقى أرواحهم صامدة،شاهدة على الدم المغدور، وأيامهم المغتالة هي خلود أبدي ،لأنهم قتلوا من أجل فضح الظلم واللصوصية والجنون والضياع في تلك الصحارى الشاسعة...غادرونا إلى السماء مسلمين طاهرين لكن غير مودعين.
إن ما قاله شيخ المجاهدين عمر المختار بالأمس، ينطبق على هذا الزمن وما أشبه الأمس باليوم: (( إن الظلم يجعل من المظلوم بطلا ، وأما الجريمة فلا بد أن يرتجف قلب صاحبها مهما حاول التظاهر بالكبرياء))وقال أيضا ((إنني اؤمن بحقي في الحرية،وهذا الإيمان أقوى من كل سلاح،وحينما يقاتل المرء لكي يغتصب وينهب، قد يتوقف عن القتال إذا امتلأت جعبته، أو أنهكت قواه،ولكنه حين يحارب من أجل وطنه يمضي في حربه إلى ما لا نهاية...)) .إن جعبة المرتزقة التي دخلت ليبيا اصبحت ممتلئة لأنهم يقاتلون ويأخدون الأجر مساءا بالعملة الصعبة من أموال الشعب الذي احترق ببأس الحديد والمحروقات التي أصبحت نقمة عليه، أما جعبة القدافي هي تساوي خزينة ليبيا كاملة فهو لم يفرق يوما بين خزينة الشعب وممتلكاته الخاصة لأنه الراعي والمتصرف الرسمي في كل خيرات الشعب الليبي الذي أهين وتحمل الجنون طيلة أربع عقود كاملة،وتحمل أيضا ثلة من مصاصي الدماء من أبناء الطاغية ، عائشة وخميس وهانيبال والساعدي وسيف الإسلام.
سيف الإسلام هو سيف ضد الإسلام والمسلمين بارك قتل الآلاف وقطع الأرحام وأوغل في النهيق والنباح وتاه وراء ((طز)) وكلامه الفاحش المباح ، إرثا عن والده الذي لم يجد في قاموسه المخبول شيئا غير القذف والهتك في أعراض الناس والتأتأة بأهوائه الشيطانية ، أما البندقية التي يتباهى بها ،لا بد أن تنتصر للغدر ويطلق بها طلقة المنتحر، كي لا تقام عليه صلاة الجنازة وليدفن في مقبرة غير مقابر هؤلاء الشهداء المؤمنين...فهيهات من الليبيين الذلة وهيهات أن يوقف الطاغية عجلة التاريخ ولعبة القدر، لأنه سينساب من أصابعه مثل النبع المنفجر ...وستظل تطارده لعنة الشهداء و محرري ليبيا من الاستعمارين الإيطالي ومن آل القذافي.. محمد بوعلالة [email protected]