أكد حقوقيون وجمعويون مغاربة وأجانب، امس الخميس بالدارالبيضاء، أن مشروع الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية الذي اقترحه المغرب يعد مبادرة جدية تحترم المعايير الدولية في مجال الحكم الذاتي وتدبير الشأن المحلي. وأوضح المحامي الإيطالي الأستاذ فالتير باربوني، في الملتقى الحقوقي الدولي الأول لأصدقاء الصحراء المغربية، المنظم من طرف الائتلاف الوطني للدفاع وحماية المقدسات بشراكة مع مجلس جهة الدارالبيضاء الكبرى والجماعة الحضرية للدار البيضاء، أن مبادرة الحكم الذاتي التي أعلن عنها المغرب منذ أبريل 2007 تعد الأولى من نوعها على الصعيدين العربي والإفريقي، مشيرا إلى أن هذا المشروع ينطوي على العديد من العناصر الإيجابية في مجال تدبير الشأن الجهوي.
وأضاف باربوني في هذا اللقاء، المنظم تحت شعار "البعد الدولي الحقوقي لمشروع الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية"، أن المغرب يتعهد من خلال هذه المبادرة ضمان حقوق كافة الصحراويين ومشاركتهم في الهيئات والمؤسسات المنتخبة لتدبير شؤونهم المحلية تحت السيادة الوطنية والوحدة الترابية، مبرزا أن اقتراح هذه المبادرة نابع من الأهمية البالغة التي يوليها المغاربة، ملكا وشعبا، للأقاليم الجنوبية في الصحراء المغربية.
وفي ما يتعلق بالجانب القضائي في مشروع الحكم الذاتي، ذكرت الزوهرة أصولدي، قاضية وفاعلة جمعوية، أن تطبيق هذا المشروع من شأنه أن يشمل إنشاء محاكم جهوية تعمل وفق تنظيم قضائي يتلاءم مع النظام القضائي للمملكة المغربية.
وأضافت أصولدي أن تشكيل الهيئة القضائية على مستوى هذه الجهة يقتضي الأخذ بعين الاعتبار لخصوصيات الصحراويين وتقاليدهم وأعرافهم، مشيرة إلى أن القضاة بمحاكم الجهة يتعين عليهم معرفة هذه الخصوصيات ومراعاتها في مختلف درجات التقاضي وأنواع المحاكم ضمن نجاعة القضاء واستقلاليته التي ينص عليها دستور 2011.
أما قاسم الحاج، محام وأستاذ جامعي فلسطيني، فقد ذكر أن المقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية يندرج ضمن الجهوية المتقدمة التي ينص عليها دستور 2011، مشيرا إلى أن هذه الجهوية تقوم على عدة مرتكزات تسمح بمنح عدد من الاختصاصات للجهة، وتكرس الديمقراطية التداولية، وتضمن حقوق الإنسان والحريات العامة، وتدعم المقاربة التشاركية، فضلا عن أنها تأخذ بعين الاعتبار احتياجات الصحراويين المغاربة.
وأضاف المتدخل أن مبادرة الحكم الذاتي، التي تم تقديمها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بعد سلسلة من المشاورات الموسعة على الصعيدين الوطني والدولي، تتوخى تحقيق المزيد من الحكامة الجيدة وتعزيز الحكامة الترابية والمؤسساتية والسياسية، مشيرا إلى أن هذه المبادرة تؤكد جدية المغرب في إيجاد حل ملائم لقضية الصحراء.
أما نجيب الكتاني رئيس منظمة مغرب إفريقيا للثقافة والتنمية، فقد أكد على وجاهة المقترح المغربي، الذي تقدمت به المملكة في 2007، بمنح المناطق الجنوبية المغربية حكما ذاتيا موسعا، مضيفا أن المنتظم الدولي اعتبر أن هذا المقترح يمثل دفعة حقيقية لدخول أطراف هذا النزاع في مفاوضات حقيقية.
وبعد أن استعرض أهم المحطات الرئيسية التي قطعها هذا النزاع المفتعل، أبرز المتدخل البعد الإنساني لمشكل الصحراء المغربية، المتمثل على الخصوص فيما يعانيه المحتجزون الصحراويون في المخيمات، في مقابل الجهود التي تقوم بها المملكة للعمل على تنظيم الزيارات العائلية للصحراويين المغاربة للالتقاء بذويهم، داعيا إلى تكوين ائتلاف عالمي للعمل على فك الحصار المفروض على ضحايا المخيمات بالجزائر، والعمل على التعريف بالمقترح المغربي المتمثل في مشروع الحكم الذاتي.
من جهته، تطرق فؤاد عبدي، هولندي من أصل مغربي، مستشار بمحكمة العدل الدولية بلاهاي، ومتخصص في القانون الدولي، إلى دراسة مقارنة عن التجارب الدولية في مجال الحكم الذاتي، وخاصة من خلال النموذجين الإسباني والإيطالي.
وخلص المتدخل إلى أن جهود المغرب لتسوية نزاع الصحراء المفتعل تندرج في إطار استكمال الوحدة الترابية لمملكة، موضحا أن مشروع الحكم الذاتي يمثل أفضل طريقة لحل هذا النزاع.
ومن جهة أخرى، ذكر المنسق العام ل"لائتلاف الوطني للدفاع وحماية المقدسات" أغبالي لمرابط أن هذا الملتقى المنظم بدعم عدد من المجالس يشكل مناسبة لطرح مجموعة من الأفكار والمقاربات التي ترتبط بالأبعاد الحقوقية والدولية لمشروع الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، مشيرا إلى أن جزء من المعركة المتعلقة بهذه القضية مرتبط بالجوانب القانونية والحقوقية.
وأضاف لمرابط أن هذا اللقاء يتميز بمشاركة عدد من أصدقاء المغرب الأجانب في إغناء المناقشات من خلال العروض التي سيتقدمون بها لتوضيح الأبعاد القانونية والدولية والسياسية للمقترح المغربي الذي لقي تأييدا واسعا على الصعيد الدولي.
كما أبرز عدد من المنظمين الأهمية البالغة لتنظيم مثل هذا الملتقى للتعريف بالملابسات التي تحيط بالقضية الوطنية والأطراف التي تعرقل الحلول الكفيلة بإيجاد تسوية لها، وفي مقدمتها مبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية التي تقدم بها المغرب ولقيت ترحيبا من المجتمع الدولي.