تساءل حسين مجدوبي في مقال له بموقعه ألف بوست "هل تحول عبد اللطيف الحموشي إلى عبد الفتاح السيسي جديد في المغرب؟". فالسؤال رغم تفاهته يفرض المنطق الجواب عليه حتى لا يظن صاحبه ومن يدور في فلكه أنه سؤال معجز مثل سؤال أسبقية الدجاجة والبيضة. ورغم أن المنطق يفرض الرد على صاحبنا المعروف جدا في مالقا، فإن السؤال غير منطقي لأنه يعقد مقارنة بين شخصيتين لا يمكن المقارنة بينهما أي "لا قياس مع وجود الفارق"، فلا الحموشي يقاس بالسيسي ولا السيسي يقاس بالحموشي، ولا قيادة الجيش المصري يمكن مقارنتها وقياسها بالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، ولا وظائف المؤسستين يمكن مقارنتهما.
لكن، لأن الصحافة في هذا البلد السعيد ابتليت بنماذج "سيد الفاهم" الذين يحشرون أنفهم فيما لا يفهمون، فإننا ننتظر منهم كل شيء. فالمقارنة غير معقولة ولا هي مقبولة منطقيا، فالفرق شاسع بين البلدين، فمصر بلد عرف تطورات ومتغيرات متتالية في ظرف ثلاث سنوات، حيث بدأ بالخروج إلى الشارع وتم تنازل حسني مبارك عن كرسي رئاسة الجمهورية تم سطو "جماعة الإخوان المسلمين" على الثورة ومن تم السلطة وتحويل مصر إلى جمهورية فرعونية من خلال الإعلان الدستوري الذي لا يوجد له مثيل حتى في عهد الفراعنة.
وتوالت الأحداث في مصر فخرج الشارع بمسيرات أسطورية مليونية مطالبة برحيل محمد مرسي الرئيس الإخواني. ولأن الإخوان أعلنوها حربا ضد الشعب وأعلن مرسي أنه سيقطع الأيدي، وطالبت الجماهير المليونية برحيل حكم"الإخوان"، انحاز الجيش لثورة الجماهير ومن هنا نال السيسي شعبيته.
أما في المغرب فالأمر مختلف، وإن كانت المؤسستان حافظتا على الاستقرار، فالمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني من مؤسسات النواة الصلبة للدولة التي قامت بضربات استباقية حمت المغرب من جحيم الإرهاب القاتل والمدمر والجريمة المنظمة. وما ذنب الصحفيين الذين يرون في مؤسسات معينة أنها حامية للاستقرار؟ وما ذنبهم إذا كانت هذه المؤسسات مرتبطة بأسماء أشخاص؟
ومن جهة أخرى، قال مجدوبي في مقال آخر "ترغب حكومة الرباط في تفاهم مع فرنسا حول إنابة قضائية للاستماع إلى مدير المخابرات المدنية في ملف التعذيب المفترض الذي تعرض له ثلاثة مغاربة، واحد موالي للبوليساريو وهو النعمة الأسفاري". هذا النوع من الصحافة غريب في كل بقاع العالم، لأنه لا ينتمي إلى أي جنس من أجناس الصحافة، فهي صحافة إبداع الأخبار وإبداع الاحتمالات التي لا يمكن تصديقها. فحسين مجدوبي كان عليه أن يستحي من نفسه ويفكر في الذين سيضحكون عليه وهم يقرؤون هذا الخبر، لأن المغرب قام بعد الضجة التي أحدثها القضاء الفرنسي بتعليق اتفاقيات التعاون القضائي بين البلدين واستدعاء قاضية التواصل بباريس.
فما معنى تعليق اتفاقيات التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا؟ فتعليق التعاون القضائي تعني مباشرة أن موضوع الإنابة القضائية غير مطروح نهائيا لأنه جزء من تلك الاتفاقيات وبالتالي فإن الخبر الذي أورده مجدوبي يدخل في باب الإثارة دون مصداقية. كما أن الإنابة القضائية لا تعتمد على الإشاعات وعلى الشكايات الكيدية، ولكن يتم التدقيق في موضوع الشكايات وجديتها، وبالتالي لا يمكن لأي معتوه كيفما راق له أن يرفع دعوى قضائية ضد مسؤول معين ويتم الاستماع إليه حتى لو كانت هذه الشكايات مجرد لعبة.