تجمع بين المغرب ومالي علاقات عريقة ومتميزة أساسها الثقة المتبادلة ورغبة مشتركة في توسيع آفاق التعاون، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس إبراهيم بوبكار كيتا. وتتجلى هذه الرغبة الراسخة في الدفع بالعلاقات بين البلدين المرتبطين بأواصر عميقة حول تراث غني سوسيو-ثقافي وديني مشترك، في التناسق الجديد بين المغرب ومالي، في انسجام تام مع الالتزام الدائم لجلالة الملك لصالح تعاون جنوب-جنوب فعال وتضامني.
وقد شكلت الزيارة الناجحة التي قام بها صاحب الجلالة لمالي شهر شتنبر الماضي لحضوره ، كضيف شرف ، حفل تنصيب الرئيس إبراهيم بوبكار كيتا، حدثا سياسيا كبيرا و غنيا بالدلالات على الصعيد الثنائي، حيث أبرزت التقدير الذي يحظى به المغرب، تحت القيادة النيرة والحكيمة لجلالة الملك، بكامل المنطقة.
وكان لعلاقات المغرب السياسية والاقتصادية والثقافية والروحية، التي نسجها منذ القدم مع مختلف شركائه بالجنوب، ونموذجه في الاستقرار والانفتاح والتسامح، الأثر الواضح في جعله محل ثقة كفاعل وفي وجدي وذي مصداقية، مؤهل لتسوية مختلف النزاعات، إن على المستوى الإقليمي أو الدولي.
وما الاستقبال الحار الذي خصصه الماليون، سلطات وشعبا، لجلالة الملك، ومشاعر التقدير والعرفان، التي عبروا عنها لجلالته إلا تأكيد على قناعتهم الراسخة بالدور الذي تبذله المملكة من أجل استقرار بلدهم، و امتداد للروابط التي جمعت منذ قرون بين الشعبين، ودليل جديد على الإشعاع التاريخي والديني للمغرب داخل القارة السمراء.
وحرص السيد كيتا، خلال خطاب تنصيبه ، على الإشادة الخاصة، أمام حشد ضم أزيد من عشرين رئيس دولة وحكومة، بجلالة الملك، معبرا عن تشكراته الحارة لجلالته الذي شكل حضوره "مفخرة للشعب المالي".
و في ذات الخطاب أعرب الرئيس المالي عن عراقة الروابط التي جمعت بين الشعبين المغربي و المالي بقوله "في تومبوكتو نشعر بأننا في فاس، وفي فاس نشعر أننا في تومبوكتو".
وجدد الرئيس المالي مشاعر امتنان وتقدير الماليين، مرة أخرى، للمغرب في خطاب وجهه إلى الأمة بمناسبة السنة الميلادية الجديدة، حيث أبرز حدث الزيارة التاريخية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس لمالي، مشيرا إلى أن "صاحب الجلالة قضى بيننا أربع ليال وخمسة أيام، وصلى معنا (...)، واهتم بمرضانا حيث قدم إلينا بمستشفى ميداني".
وأكد " أن كل ذلك يأتي بعد عدة مبادرات إنسانية ودعم سياسي للقضية المالية داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حين كان تحت الرئاسة المغربية".
وتابع الرئيس المالي أن "جلالة الملك محمد السادس قدم خلال هذه الزيارة 500 منحة لتكوين أئمتنا لإسلام التسامح والحب"، مضيفا أن جلالته "لم يأت من أجل متابعة التعاون، بل يترجم إلى أفعال، الدين والأخوة، ومالي لن تنساه أبدا".
وتجد روح الأخوة التي عبر عنها شعبا البلدين عبر أجيال وأجيال والنابعة من التجانس التاريخي والسوسيو-ثقافي المشتركين، دلالاتها في السعي الحثيث لأمير المؤمنين للحفاظ على هذه الآصرة.
وقد شكل الاستقبال الذي خص به جلالة الملك في باماكو ممثلي الطريقتين التيجانية والقادرية بمالي وأداء صلاة الجمعة بالمسجد الأعظم في العاصمة، لحظات قيمة وقف عندها إمام المسجد في خطبته حين قال "إن الله تعالى من علينا بمكرمة التواجد بيننا لأمير المؤمنين حفيد سليل النبي المصطفى، صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله".
وتابع أن جلالته استمر على نهج أسلافه من الملوك والسلاطين الذين أولوا عناية خاصة إزاء إخوانهم الأفارقة، وسهروا على نشر رسالة الإسلام وقيمه السمحة.