لقد اتخذ أعداء الإسلام من الجنس سلاحًا لتحطيم الأمة المحمدية، واعتبروا قوته وتأثيره يفعلان أكثر مما يفعله ألف مدفع، فانهالوا علينا بوابل من الفتن، وأغرقونا في بحار الغريزة. وانتهوا إلى القول: إنكم أعددتم نشئًا في ديار المسلمين، لا يعرف الصلة بالله، وبالتالي جاء النشء طبقًا لما أردنا؛ لا يهتم بعظائم الأمور ويحب الراحة والكسل، ولا يصرف همته إلا في الشهوات، فإذا جمع المال فللشهوات، وإذا تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات. هكذا أرادوا وهكذا وجدوا في الجنس ضالتهم لإبادتنا بعد أن عجزت ويلات الحروب عن كل ذلك. الجنس أصبح بضاعتهم الرائجة لنا، وقد عرف أعداؤنا أنه لا سبيل لهدم أمتنا إلا بمحاربة ذلك الدين الداعي إلى العفة والطهارة والحياء، لذا انهالت التهم والأراجيف المستهزئة بالإسلام وكتابه وآياته، وقالوا: إنه يدعو للكبت والجمود ويحارب العواطف. أقوى الغرائز: إن غريزة الجنس أقوي الغرائز التي أودعها الله في الإنسان، وجعل الزواج سبيلاً شرعيًّا لإشباعها. قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة} [الروم: 21]. فالجنس غريزة في الطبيعة الإنسانية، أودعها الله -تعالى- في الإنسان -رجلاً كان أو امرأة- من أجل التكاثر والتناسل، وقد وضع الإسلام لتلك الغريزة ضوابط وحدودًا وأحكامًا؛ حتى لا يصير النسل البشري فوضى، وليحفظ الإسلام الأنساب من الضياع، وليحمي الإنسان من الشيطان وفتنه. النظر إلى الجنس: وتختلف نظرة الرجل والمرأة إلى الجنس باختلاف مراحل حياته، فالفتاة والشاب -مع ما فيهما من براءة وشفافية وقلة خبرة- يصبح للجنس مكانًا مميزًا في حياتهما، لاسيما وهما ينتقلان من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ والمراهقة ثم الرجولة والأنوثة الكاملة، فهما يستشعران أمورًا كثيرةً يجهلان حقيقتها، ويريدان معرفتها، واستكشاف تلك المناطق المجهولة التي يخوضها الكبار، ويريد كل منهما تحديد علاقات مع الجنس الآخر. وهنا يغزو موضوع الجنس جلَّ تفكيرهما، ويداعب خاطرهما، وقد تنجم مشكلات عديدة إذا لم يتولَّ الآباء والأمهات مهمة تبصيرهم وتهيئتهم للدور الاجتماعي الجديد الذي ينبغي عليهم مراعاته، وللأمهات والآباء أن يمدّونهما بالكتب العلمية والدينية التي تساعد على تثقيفهما وتوعيتهما بهذا الموضوع، وعليهم أن يحسنوا الظن بهما. علاج هذه الشهوة: وعلى الشباب والفتيات الالتزام بمبادئ الإسلام وتعاليمه، فترتدي الفتاة الزي الشرعي، وتكون عفيفة طاهرة تتجنب المخالطة الفاسدة للرجال، ولا تشيع الفتنة، ولا تبدي مفاتنها كي لا يطمع الذي في قلبه مرض. ويجب على الشباب أن يراقب الله -تعالى- فلا ينظر إلى ما حرم الله، وأن يبتعد عن الاختلاط، فلا يشاهد ما يثير الغريزة: كالأفلام الخليعة، وصور المجلات الرخيصة أو غيرها من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة، إذا ما خالفت تلك الوسائل شرع الله. وقد عالج الإسلام تصريف تلك الشهوة بالإسراع بالزواج عند الاستطاعة وبتصبير النفس في الطاعة والصيام لمن لا يستطيع الزواج. وتختلف النظرة إلى الجنس بعد الزواج ؛ إذ يجعل الزواج الجنس حقًّا مشروعًا، يمارسه الزوجان بالشكل الذي يرضي عنه الله -عز وجل-، فلا شذوذ ولا انحراف. آداب للزوجين: وقد وضع الشرع العديد من الآداب للزوجين، والتي يجب مراعاتها عند الجماع من أجل أن تتحقق الغاية المنشودة منه. ومن هذه الآداب: الذكر قبل الجماع كقوله (: ( بسم الله. اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا) [متفق عليه]، كما حرص الإسلام على حسن معاشرة الزوجين، وإظهار العاطفة الجياشة بينهما، والرفق والحرص على استمتاع كل منها بالآخر، لتحقيق العفة لهما وإشباع شهوة الرجل وأنوثة المرأة. وقد حثَّ الإسلام على التطهر والنظافة، والتزين والتطيب من الزوجة لزوجها، ومن الزوج لزوجته، ونبَّه إلى الستر عند الجماع، ودعا إلى السرية وكتمان ما يقع بينهما. إن الإسلام لا ينظر للجنس باحتقار -كما يظن البعض- ولا يدعو إلى التنزه عنه، فلا رهبانية في الإسلام، بل يعتبره غريزة فطرية وطبيعة بشرية، لكنه يضع له الحدود والآداب بما يحفظ طهره وتماسكه ليظل مجتمع الرسالة والدعوة طاهرًا ونظيفًا.