بعد قبول جلالة الملك محمد السادس مساء أمس الاثنين استقالة وزراء الاستقلال الخمسة، التي توصل بها من طرف رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران، لم يعد امام هذا الاخير إلا مباشرة المشاورات من أجل ترميم حكومته او الذهاب نحو إجراء انتخابات سابقة لأوانها. وإذا كان السيناريو الاول هو اكثر الحلول واقعية وأسهلها بالنسبة لحزب العدالة والتنمية وباقي احزاب الاغلبية وكذا الحزب او الاحزاب المحتمل تعويضها لوزراء الاستقلال، فإن سيناريو تقديم بنكيران لاستقالته والذهاب مباشرة نحو إجراء انتخابات سابقة لأوانها لايزال مطروحا بالنظر إلى ما يروج داخل حزب المصباح وكذا من خلال تصريحات بعض القيادات داخل حزب التجمع الوطني للاحرار، المرشح رقم واحد لتعويض حزب الاستقلال.
ويلاحظ ذلك من خلال خرجات بعض قياديي العدالة والتنمية وخاصة اولائك الذين يوصفون داخله بالصقور، امثال عبد الله بوانو وعبد العزيز افتاتي، والذين عبروا اكثر من مرّة على ان الحزب لا يهاب الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها، بل ذهب الامر بالسيد رئيس الحكومة إلى رفع هذا الخيار في وجه مستشاري المعارضة داخل مجلس المستشارين، خلال جلسة المساءلة الشهرية، حيث قال ان الحزب مستعد لهذا الخيار.
خيار السيناريو الثاني يبقى في حكم الاحتمال ايضا ما دام صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للاحرار، وقبله محمد اوجار صرحا ان الحزب ليس عجلة طوارئ احتياطية وان له مواقف ومبادئ يتشبث بها، وذلك في محاولة للضغط على بنكيران وحلفائه لقبول شروط حزب الحمامة التفاوضية.
نفس السيناريو يبقى محتملا إذا استحضرنا تصريحات كل من قيادات الحركة الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية، الذين ضمنوا تصريحاتهم بعض الشروط التي تسير في اتجاه عدم التضحية بمكتسباتهم داخل حكومة بنكيران الاولى، وهو ما يعني ان بنكيران سيجد نفسه موزعا بين مطالب الاحرار وضغط الحلفاء وكذا تعنت صقور العدالة والتنمية واعتدادهم بالشعب والمباهاة بانه إلى جانبهم..
فهل سينجح بنكيران في اول امتحان سياسي بالمعنى الحقيقي للكلمة، لأن كل الاختبارات التي اجتازها إلى حد الساعة يمكن وصفها بالتجريبية، حيث ان السياسة التي يقال عنها انها فن الممكن يمكن ان تصطدم في هذا الامتحان بميولات بنكيران الشعبوية وخيارات التيار الدعوي داخل الحزب، وكذا التصعيد الشعبوي لبعض الصقور وكلها امور لا تستقيم في مجال السياسة وقواعدها التي تختلف عن الشعارات والنوايا، بغض النظر حن حسنها او سقوطها في حكم السوء..
هي خيارات لا يمكن الحسم فيها غلا إذا ابان بنكيران عن حنكة سياسية وبراعة في المفاوضات التي يجب ان تراعي حسابات الربح والخسارة مع التحلي بالبراغماتية والواقعية السياسية لتجاوز الازمة..