أفاد بلاغ لوزارة الاتصال أن مدينة مراكش تحتضن ما بين 17 و 30 يونيو الحالي المؤتمر الدبلوماسي "لاستكمال المفاوضات بشأن معاهدة تهدف الى تحسين النفاذ الى المصنفات المحمية بحق المؤلف لفائدة معاقي البصر والمكفوفين و العاجزين عن قراءة المطبوعات." و تجدر الاشارة الى أن "مشروع الاحتضان انطلق (بمبادرة من وزير الاتصال المغربي) إثر لقاء جمع (في ثالث أكتوبر 2012 بمدينة جنيف) رئيس المنظمة العالمية للملكية الفكرية بوزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة السيد مصطفى الخلفي".
و نحن بحكم اختصاصنا و خبرتنا النظرية و الميدانية في مجال حقوق الملكية الفكرية الأدبية و العلمية و الفنية على امتداد أربعة عقود من الزمن، نرى من واجبنا، و من باب الغيرة على مجد هذا الوطن، أن نسلط بعض الضوء على خبايا و خفايا هذه المعاهدة التي كانت في الحقيقة و الأصل بمبادرة من حكومات البرازيل و الاكواتور و الباراغواي سنة 2009. و هي تهم بالدرجة الأولى المثقفين و الناشرين و مصنفاتهم و ما يرتبط بها من حقوق استئثارية. و تهدف بالأساس الى تسهيل الولوج (بعوض أو بدون عوض) الى مؤلفاتهم و انتاجاتهم المحمية لفائدة معاقي البصر والأشخاص العاجزين عن قراءة المطبوعات. حيث سترد بعض القيود و الاستثناءات على الحماية المقررة للحقوق المالية للمثقفين و الناشرين و المنتجين بالنسبة لإبداعاتهم الفكرية و مطبوعاتهم الثقافية.
و معلوم أن السيد مصطفى الخلفي ليس هو الوزير المكلف بالشؤون الثقافية، و لا هو بالوزير الوصي على حماية مصنفات المثقفين (الكتاب، الأدباء و العلماء) و الناشرين و غيرهم من أصحاب حق التأليف، و الذين يخولهم القانون الوطني و المعاهدات الدولية و الاتفاقيات العالمية "الحق المطلق في منع استعمال مصنفاتهم أو الترخيص بها".
وزير الاتصال يكرس للقطيعة و عدم الاتصال..و يخرق القانون
وزير الاتصال يكرس للقطيعة و عدم الاستشارة و التواصل مع المثقفين – الكتاب، الأدباء و العلماء و الباحثين و المترجمين و الناشرين و غيرهم. كما أنه غير مرخص له من أي مبدع أو ناشر أومنتج ليقوم مقامه بالأعمال الواردة ضمن حقوقه الاستئثارية. مما يشكل اهانة للمجتمع الثقافي، استغلالا للنفوذ و تجاوزا للسلطة و خرقا لمقتضيات القانون.
حيث في سائر الدول المتقدمة، يتنازل المثقفون المبدعون، كقاعدة عامة، عن "حقوقهم المالية" المستحقة لهم، لكيانات متخصصة قد تختار الدولة في تشريعها أن تجعلها جمعيات أهلية أو شركات مدنية أو إدارات حكومية، أو "تترك كل هذه الخيارات متاحة لأصحاب الحقوق، لتتولى إدارة هذه الحقوق باسمها ولحسابها باعتبارها خلفا خاصا لهم، و بما يكفل تحقيق أفضل استغلال لها في كل زمان ومكان".
وفي نفس السياق، أبرز المشرع المغربي أحقية المثقفين "أصحاب حقوق التأليف" في الترخيص بموجب عقود التخلي لكيان متخصص "من أجل انجاز أعمال تتضمنها الحقوق المادية كتابة".
و الحالة هذه، فهل تخلى أصحاب الحقوق عن أعمالهم و حقوقهم كتابة لفائدة وزير الاتصال ؟ و هل من حق هذا الأخير أن ينصب نفسه ناطقا رسميا باسم المثقفين و وصيا على شؤون الملكية الأدبية و العلمية ؟
و هل تمت، على الأقل، استشارتهم في الموضوع ؟ أو اشراكهم في المفاوضات الجارية ؟ أو حتى اخبارهم بما "يطبخ" في غيابهم ؟
وزير الاتصال لا علاقة له بشؤون الملكية الأدبية و العلمية
ان المشرع المغربي لم يعهد من قريب أو بعيد، بمقتضى مرسوم أو ظهير، الى وزير الاتصال بالوصاية على "حقوق أولي الألباب" الأدباء و العلماء، المثقفين بصفة عامة؛ كما يتجلى ذلك واضحا من خلال قانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة كما تم تغييره و تتميمه بمقتضى القانون رقم 34.05. حيث حرص المشرع على أن تكون "السلطة الحكومية المكلفة بالاتصال" مكلفة (فقط) باصدر قرار مشترك مع "السلطة الحكومية المكلفة بالشؤون الثقافية" بتحديد لائحة المصنفات (المطبوعات) المستنسخة و التسجيلات، و ايداعها بالمحفوظات الرسمية"، و ذلك "من غير الاضرار بحق المؤلف في الحصول على تعويض عادل".
وزير الاتصال غير معهود اليه بالوصاية على حقوق المثقفين
أما ذلك الكائن الغريب الذي كان يسمى قيد حياته "المكتب المغربي لحقوق المؤلفين" فهو في وضعية غير قانونية، و يعاني من عدة اعاقات و أمراض أخرى مستعصية على العلاجات.. و قد ذهبت المنظمة العالمية للملكية الفكرية الى حد كتابة شهادة وفاته التي تقول انه: "تأسس في الأصل بناء على المرسوم رقم 6-64-406 لسنة 1965. بيد أن ذلك المرسوم فسخ بموجب الظهير (القانون) الخاص بحماية حق المؤلف لسنة 1970 الذي نص أيضا على انشاء جمعية للمؤلفين. وتجدر الاشارة الى أن المرسوم المنصوص عليه في ذلك القانون لم يصدر لحد الآن..." (نقل حرفي بأمانة).
"المكتب المغربي لحقوق المؤلفين" غير مشروع..و"يمول بحرارة"...
هذا "الكائن الغريب"، المتوفى شرعا منذ عقود، حضر "مديره" ضمن الوفد المغربي، خلال اجتماع اللجنة الدائمة المعنية بحق المؤلف و الحقوق المجاورة المنعقدة في دورة خاصة بجنيف، (من 18 الى 22 فبراير 2013) و "أكد أنه يرحب بجميع المشاركين و أفراد أمانة المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) بحرارة في المغرب و في مراكش خاصة. و أعلم اللجنة أن كلا من المدير العام للويبو و الحكومة المغربية وقعا على اتفاق يتعلق بتنظيم مؤتمر دبلوماسي و اتفق المغرب على تمويل 119 مندوبا من البلدان النامية و الأقل نموا".
في حين أن الكتاب و الشعراء و الفنانين و المسرحيين و المخرجين السينمائيين و غيرهم من المثقفين المغاربة يعيشون أوضاعا مزرية تدفعهم إلى التشكي عبر مختلف المنابر الإعلامية، كلما أتيحت لهم فرصة للتعبير عن حالة المرض و الإملاق.. نتيجة لعدم استيفائهم حقوقهم المسلوبة، لدرجة أن صار تشكي أولئك شيئا مألوفا، يسمعه و يردده و يشاهده و يقرأه و يلمسه الصم و البكم و العمي.
أعمال و مصالح المثقفين معرضة للقرصنة في كل مكان و زمان
و غير خاف على أحد أنه لم يسبق للمكتب المذكور و لا لأي جهة حكومية أو غير حكومية ( نقابة، اتحاد، جمعية أو وزارة أو منظمة مغربية، عربية أو اسلامية) أن اهتمت، عملا لا قولا، برعاية الأعمال الفكرية الأدبية و العلمية الخاصة بالمؤلفين، و لا بحماية مصالحهم أو استخلاص حقوقهم المادية. و هي الأعمال الوطنية التي تتعرض للقرصنة، في الداخل و الخارج، بصفة دائمة و مستمرة، على مرأى و مسمع من الجميع، داخل الخزانات العامة و مصالح التوثيق و باقي المؤسسات التابعة للخواص أو التي هي في ملك الدولة، و على رأسها مكتبات وزارات الاتصال و الثقافة و التعليم و العدل و الأوقاف، الخ. حيث يتم استعمال و استنساخ و استغلال الكتب الأدبية و العلمية و المطبوعات الثقافية دون اذن أصحابها و دون أداء مكافأة عادلة لهم. و هو ما يعتبر في حد ذاته خرقا سافرا لأحكام الدستور المغربي و القانون الوطني و المعاهدات الدولية و الاتفاقيات المتعددة الأطراف و الثنائية، بما فيها اتفاقية المنظمة العالمية للملكية الفكرية و اتفاقية المنظمة العالمية للتجارة و اتفاقية التبادل التجاري الحر بين المغرب و الولاياتالمتحدةالأمريكية.
القاعدة العامة تقتضي الحصول على ترخيص من المثقف
حيث باستثناء بعض الحالات الخاصة و المعينة (ينص القانون على شروطها): "لا يعتبر أي استخدام لكتاب أو مطبوع مشمول بالحماية مشروعا الا اذا تم الحصول على ترخيص صحيح بذلك من صاحب حقوق المؤلف قبل ذلك الاستخدام".
إلا أن المثقفين المغاربة (العرب و المسلمين بصفة عامة)، و من يمثلهم أو ينوب عنهم أو يتحدث باسمهم، لا يعرفون خطة النفاذ الى حقوقهم المادية التي يخولها لهم القانون الوطني و الدولي، و تشكل ثروة هائلة لا تقدر بثمن...انما هي غير محصنة من أضرار القرصنة.
كما أن اتحادات الكتاب و الناشرين، و رابطات العلماء و الأدباء و الباحثين، و نقابات الصحفيين و منظمات التربية و الثقافة و العلوم (في البلاد العربية و الاسلامية بصفة عامة) لم يسبق لها أن طالبت الخزانات و مصالح التوثيق باحترام أو تطبيق القانون و أداء الحقوق المالية (مكافأة عادلة) الواجبة لأعضائها. و لم نسمع كذلك عن أي هيأة أو مكتب واجه المنتفعين، أو وقف في وجه المعتدين على حقوق المؤلفين/المثقفين، أو دافع عن مصالحهم المادية و العنوية..
و لو كانوا يعلمون، أو يسألون به خبيرا "و لو في الصين"، لكانوا و كانت الأمة و القراء بألف خير.
وزير الاتصال يضرب عرض الحائط بالدستور و القانون
ومن ثم يتبين ان البلدان العربية و الاسلامية لا تحتاج أصلا الى أي معاهدة "لتحسين النفاذ الى المصنفات المحمية بحق المؤلف لفائدة معاقي البصر والمكفوفين و العاجزين عن قراءة المطبوعات".
فالنفاذ الى سائر المصنفات الأدبية و العلمية و الفنية، في بلدنا العزيز، لا يحتاج الى أي ترخيص و لا يخضع لأي استثناء أو حد من الحدود التي ترد على الحماية المقررة لحقوق المؤلف. حيث ان عمليات استنساخ و استغلال و قراءة المطبوعات المشمولة بالحماية هي مباحة أصلا (لا شرعا) للجميع و مفتوحة في وجه الجميع بدون استثناء و بدون أي قيد أو شرط، و دون مراعاة لمقتضيات القانون الوطني أو المعاهدات الدولية و الاتفاقيات العالمية الموقع عليها من طرف المغرب.
حقوق المثقفين العرب: ملكية عقيمة، أعمال و حقوق سائبة..و حكومات غائبة
حيث منذ أن خلق الله الأرض و من عليها، و "المطبوعات المغربية-العربية-الاسلامية" تعتبر ملكية سائبة، يمكن استنساخها و تسجيلها و نقلها و ترجمتها و استغلالها و استثمارها و بيعها و تحميلها و تحويرها و تحويلها و التصرف فيها بكل حرية، "دون اذن المؤلف و دون أداء مكافأة"؛ عكس ما تنص عليه القوانين الوطنية و الاتفاقيات المتعددة الأطراف و الثنائية، و عكس ما هو وارد لا محالة في "معاهدة مراكشالجديدة" (الآتية/الثانية).
« Créer une exception au droit d'auteur de cette sorte serait un précédent qui engendrerait trop de contraintes pour les éditeurs. »
كما أن أمتنا لا تفرق بين "معاقي البصر و الأشخاص العاجزين عن قراءة المطبوعات" و بين الأشخاص القادرين على القراءة "المعافين ماديا و معنويا و السالمين بدنيا و عقليا". و المغرب، كباقي البلدان العربية الاسلامية، لا يستثني من النفاذ الى أعمالنا و ثمرات أفكارنا المحمية أي شخص ذاتي أو اعتباري، أبيض أو أسود، أشقر أو أصفر، مغربي أو أجنبي، غني أو فقير، معاق أو سليم العقل و الجسد... هكذا ضحت أمتنا بثقافتها و قدمت حضارتها هدية الى الغرب، فوق طبق من ذهب و بالمجان...و قد قدر لها أن تبقى رائدة الى أن يرث الله الأرض و من عليها لو أنها عرفت كيف تحمي "مقوماتها الحضارية" (ملكيتها الفكرية).
شعار الأمة: "الثقافة ليست بضاعة" و "القراءة للجميع"
ذلك هو "الشعار الخالد" الذي ترسخ في ذهنية الأمة عبر حقب موغلة في القدم...من أن "الثقافة ليست تجارة أو بضاعة"، وأن "المطبوعات ملك للجميع" و أن "القراءة حق للجميع"، و أن "الحديث الشريف يقول: "من كتم العلم ألجمه الله يوم القيامة بلجام من حديد"؛ الخ.
و تجدر الاشارة في هذا الصدد الى أن هذا الحديث الشريف هو الذي يطبق اليوم في زمن "العولمة". حيث ان النظام العالمي الجديد لحق المؤلف ليس ضد نشر العلم و المعرفة على أوسع نطاق، و لا هو ضد مبدأ "القراءة للجميع"؛ انما هو ضد كل من يستغل ثمرات الفكر المشمولة بالحماية، بطرق غير مشروعة، و "يكتم الأجر" و "يلجم" الحق المادي الذي يمكن المؤلف من العيش بما ينتجه من أعمال ذهنية.
العالم العربي الاسلامي يكافأ الفاشل و يعاقب المثقف المبدع
و هو ما يتنافى مع النظم التشريعية الوطنية و الدولية، و ترفضه جملة و تفصيلا الدول المتقدمة الواعية بمصالحها و حقوق "مثقفيها"، و على رأسها دول الاتحاد الأوروبي و الولاياتالمتحدةالأمريكية الممثلة اليوم في شخص رئيسها السيد باراك أوباما. و التي تتوفر على خطة استراتيجية طويلة الأمد خاصة بحق التأليف و النسخ، و تناضل ضمنها من أجل تحسين وضعية أصحاب الحقوق الثقافية -الشركات المتعددة الجنسيات - و حماية تجارتهم و صناعاتهم الثقافية و رعاية مصالحهم المشروعة:
« C'est que les enjeux pour les maisons d'édition d'Europe et des Etats-Unis, qui comptent parmi les plus importantes au monde, est gigantesque. Personne n'apprécie trop l'idée d'un traité qui restreindrait l'exercice de leurs droits... »
لذلك فان الدول الصناعية و المصنعة في المجالات الثقافية، و التي تخضع لضغوط شركات التأليف و النشر العملاقة (المالكة الأصلية لحقوق المؤلفين) لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تتناقض مع مبادئها الأساسية أو تتنازل عن مصالحها الاقتصادية.. الا في حدود ما يسمح به القانون من قيود و استثناءات. و قد تسعى الولاياتالمتحدةالأمريكية، من خلال مؤتمر مراكش، الى المطالبة بالمزيد من تضييق هامش بعض القيود و الاستثناءات الواردة على حق النسخ الخاص بها:
« Les Etats-Unis et l'Union européenne sont en train de mener bataille pour bloquer un traité qui permettrait aux aveugles et déficients visuels d'accéder plus facilement aux œuvres grâce à des formats qu'il leur est possible de consulter. » الولاياتالمتحدةالأمريكية، برءاسة الرئيس أوباما، تعارض بشدة "مجانية القراءة" و الاستنساخ...على حساب المؤلفين و الناشرين الأمريكان "صناع الثقافة و الترفيه": “L'administration du Président Obama a fait marche arrière sur le traité de l'Organisation Mondiale de la Propriété Intellectuelle, qui rendrait plus facile l'accès aux livres pour les aveugles et déficients visuels. »
معاهدة مراكش بين القاعدة و الاستثناء و من ثم فالأداء هو الأداء، و هذه قاعدة راسخة يعرفها خبراء الملكية الفكرية باسم "اعتبار الخطوات الثلاث"، و هي كذلك واردة، بشكل أو بآخر، في معاهدة مراكش (نسخة ينيو 2013). « Les Etats membres doivent se mettre d'accord sur la façon d'envisager la formulation type de la disposition relative aux limitations et exceptions prévues par la législation nationale dans le texte du projet de traité (ce qu'il convient de dénommer le “triple critère”). » و "ان التوصل الى اتفاق في يونيو بمراكش ينبغي ألا يمس بحقوق المؤلفين و غيرهم من أصحاب الحقوق". و هو ما عبرت عنه (خلال دورة جنيف الخاصة المنعقدة من 18 الى 22 فبراير 2013) الدول و الوفود الواعية بحقوق مؤلفيها، بما في ذلك وفد الاتحاد الأوروبي باسم البلدان الأعضاء فيه. حيث لا يمكن لأي جهة (ثقافية، تعليمية، تربوية، جامعية، الخ.) أن تقوم بعملية استنساخ أي مصنف أو عمل الا (1) في بعض الحالات الخاصة (النادرة جدا) و بشرط (2) أن لا تضر عملية استنساخ أي مصنف بالاستغلال العادي لهذا المصنف، و بشرط (3) ألا تضر دون مبرر بالمصالح المشروعة للمؤلف.
وزير الاتصال و ضرورة أداء حقوق المثقفين
دعوة للعمل على أداء و استخلاص الحقوق المشروعة للمؤلفين:
الكتاب الأدباء و العلماء و الباحثين و المترجمين، و الناشرين و المنتجين، و الصحفيين و غيرهم من أصحاب الحقوق:
- حيث ان عمليات استنساخ المصنفات الثقافية من قبل الخزانات و مصالح التوثيق، وغيرها من المؤسسات التربوية و التعليمية و الثقافية، ينظمها و يضبطها القانون المغربي بدقة، وان جاءت مغلفة و مبهمة..امعانا في التمويه و التضليل؛
- وحيث ان أداء حقوق المؤلف أو أداء مكافأة عادلة (حسب الحالات المنصوص عليها في القانون) حق مشروع، ضروري و مؤكد يخوله القانون الوطني و المعاهدات الدولية للمثقفين/المالكين الأصليين للحقوق؛
فان ذلك يحتم على وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مضاعفة الجهود من أجل ارجاع الحق الى نصابه و المال الى أصحابه من المثقفين المغاربة و الأجانب الذين نصب نفسه ناطقا رسميا باسمهم و وصيا على حقوقهم، فيدفع لهم "حقوقهم المالية" المترتبة عن استنساخ و استغلال أعمالهم (بطرق غير مشروعة) من قبل مؤسسات الحكومة التي هو الناطق الرسمي باسمها. (و المثل المغربي يقول "الفضولي بشكارتو).
و هذا يعني أن الحكومة و المؤسسات المعنية ملزمة اليوم، و غدا بمقتضى معاهدة مراكشالجديدة، بأداء مكافأة عادلة الى مؤلفي و ناشري المصنفات المحمية بحق المؤلف - و جلهم من مواطني الدول الغربية التي لا يمكنها، (كما سبق القول) من حيث المبدئ، أن تتنازل عن حقوق مؤلفيها الأساسية - "في وقت يبلغ عدد المكفوفين ومعاقي البصر في العالم حوالي 314 مليونا يعيش 90% منهم في البلدان النامية." ليزداد بذلك الشمال غنى و المغرب فقرا. حيث إن الصراعات الدولية الدائرة الآن، إنما هي في جوهرها صراعات اقتصادية، وبتعبير أدق حول التجارة العالمية لحقوق الملكية الفكرية التي أثبتت فاعليتها وجدواها بإغناء الأمم، كل بما يتناسب مع ما يتوفر عليه من مصنفات أو أعمال، وما يقابله من إجراءات قانونية خاصة بحماية تلك المكتسبات. والتي قدر لها أن تصير عالمية، أي موازية لانتشارها الكاسح في كل ركن من العالم.. وهذه حقيقة تعرفها الدول المتقدمة التي تنافح عن عولمة حقوق المؤلف الاقتصادية. لأنها تعيشها حقا. بل وتستفيد منها.
« L'Europe et les Etats-Unis tentent pourtant de trouver des solutions politiques, mais l'administration Obama, observée de très près par les industries culturelles américaines, se retrouve bâillonnée et contrainte de céder aux pressions des lobbyistes. Parmi les lobbyistes qui font pression pour que ce texte n'arrive pas à terme, on retrouve la MPAA, Motion Picture Association of America, chargée de défendre le bien-être de l'industrie cinématographique et audiovisuelle. Selon eux, toute tentative de modifier le copyright, et d'adopter donc des exceptions au droit d'auteur, est considéré comme un problème potentiel, voire une perte d'argent, conséquemment. » De sa part « le président de l'Association of American Publishers, Alan Adler expliquait ne pas souhaiter qu'un précédent intervienne, et permette de développer une série d'exceptions au droit d'auteur. Celles-ci auraient pour conséquence de léser les ayants droit et les auteurs. »
ذلك ما توحي به التشريعات الوطنية و الدولية، و الوثائق الرسمية والتقارير الخبيرة.
المغرب سائر في طريق التوقيع و التصفيق و التمويل بحرارة...و لا علم له بحرارة و مرارة "الاستثناء الثقافي...الحضاري" ، ذلك ما عبر عنه بأسلوب لبق المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية الذي "أعرب عن امتنانه وتقديره للمغرب على عرضه المتميز لاستضافة المؤتمر مؤكدا أنها ستكون المرة الأولى قي تاريخ هذه المنظمة الدولية التي ستعتمد فيها اتفاقية دولية في دولة عربية وستحمل الاتفاقية اسم مدينة عربية هي مراكش".
و للحقيقة و التاريخ نقول ان أول اتفاقية تحمل اسم مدينة مراكش هي "اتفاقية الكات" GATT التي وقع المغرب على جوانبها السلبية في مراكش عام 1994..."ليلذغ المغرب المؤمن من جحر واحد مرتين"، بل عدة مرات.
و قد نبهنا الى ذلك عبر وكالات الأنباء الدولية خلال انعقاد مؤتمر "الجات" و بعده مباشرة، هدفنا في ذلك تحسيس المغرب و الدول العربية - الاسلامية بخطورة الموقف، و حثا لها على استيعاب حقوق الملكية الفكرية و محاولة التفكير في أبعادها و حباياها و خفاياها، و تنظيمها تنظيما يستجيب للمواصفات الدولية، و يراعي في آن واحد المصالح الوطنية و المقومات الحضارية و العمرانية العربية الاسلامية.
و هذا ما لا يتاح فهمه لمؤتمري الدول النامية بصفة عامة، و العربية الإسلامية بصفة خاصة، مهما بلغت درجتهم قي سلم المسؤولية داخل بلدانهم. بل نعتبره – و لا يختلف معنا أحد من الراسخين في علم الملكية الفكرية من البلدان المتقدمة – وقفا على أولي الألباب من الخبراء المختصين في مجال حقوق الملكية الفكرية.
- و الحالة هذه، فهل نحن حقا في حاجة الى تنظيم مثل هذا "المؤتمر الدبلوماسي" الذي "لا ناقة لنا فيه و لا جمل" ؟
- و ليته كان مؤتمرا دوليا بمبادرة من وزير الاتصال، حول حقوق الملكية الفكرية المقدسة، من أجل حماية "المطبوعات" أو الكتابات و الكتب المقدسة، و على رأسها كتاب الله العزيز الحكيم "القرآن الكريم" الذي هو "روح العولمة و أس الحق" (حق المؤلف/الخالق). و الذي يتعرض للتشويه و التحريف و البتر و الاعتداء...
- فما أحوجنا الى سلطة حكومية عربية اسلامية مكلفة بالاتصال لتتصل برئيس أو مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية لاحتضان مؤتمر عالمي من أجل وضع آلية تشريعية عالمية توفر الحماية لصور الأنبياء و الرسل، و بخاصة صورة النبي محمد صلى الله عليه و سلم، و التي تتعرض، من حين لآخر، للاعتداء باسم حقوق الملكية الفكرية الاقتصادية و باسم حرية التعبير الفني و التجاري.
و هي " تجارة اعتدائية" انما "مشروعة" في حكم القوانين الوطنية، و تشكل جانبا من "جوانب حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة"، الموقع و المصفق عليها بحرارة، و في مدينة مراكش بالذات، و التي دققنا من أجلها ناقوس الخطر و عاودنا الكرة مرات عديدة ل ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ﴾.
- و ما أحوج المغرب الى حكومة واعية بالحقوق و المصالح الوطنية تأخذ مبادرة تنظيم لقاء عالمي، برعاية المنظمة العالمية للملكية الفكرية و/أو المنظمة العالمية للتجارة، لمكافحة القرصنة التي تتعرض لها مصنفات و أعمال المغاربة الذين لبوا نداء "الوطن غفور رحيم"، و التي تتم على أيدي خصوم المغرب.
فماذا عن "الانفصالية" و استراتيجية المغرب في مواجهة الحرب التجارية المكشوفة ؟
﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾
فهذا النوع من القضايا المصيرية هو الذي يؤرقنا و يخرجنا عن صمتنا لندق ناقوس الخطر، كلما لاحت بوادر الخطر. و هو لا يدخل ضمن اهتمامات المنظمات العالمية أو اختصاصات خبراء الدول الغربية الذين "لهم أعمالهم و لنا أعمالنا"؛ لهم دينهم و لي دين.. و لي قضايا تتعلق ب"حقوق مقدسة" - روحية و اقتصادية - لن يتأثر أو يستأثر بها غيرنا من الخبراء و الباحثين المتمرسين في المجال نظريا و ميدانيا.
كما أن المنظمات العربية والإفريقية والإسلامية للتربية والثقافة والعلوم، واتحادات الكتاب والأدباء، ونقابات الفنانين والمبدعين والمسرح والسينما... ومكاتب حقوق التأليف و جمعيات حقوق المؤلفين غير واعية تمام الوعي بحقوقها لافتقارها إلى خبراء في حقوق الملكية الفكرية.
وتلافيا للوقوع في الأخطاء التي من شأنها نشر الجهل وإثارة البلبلة والفوضى، فإننا كنا و لازلنا ندق ناقوس الخطر للتحسيس بوجوب الالتزام "بالاختصاص". وهذا الالتزام هو طوق النجاة الوحيد للإفلات من "أمية العولمة". كما أنه السبيل الوحيد لتوفير المناخ الصحي والسليم، لإحقاق الحق و إزهاق الباطل، واغتناء الدولة و المؤلفين.. و الثقافة و المثقفين و القراء و المنتفعين و الناس أجمعين.
"عندما يطالب الناس بحقوقهم الأساسية، لا يمكن لأي قوة في العالم أن تمنعهم من الحصول عليها":
“when people are demanding their basic rights, no power in the world is strong enough to stop them getting what they want.”
حيث إن البلدان الغربية، في حرصها على مصالحها الخاصة و تجارتها الثقافية و حقوقها الاقتصادية و حريتها في التعبير التجاري في تلك البلدان، لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تنبه البلدان العربية الاسلامية إلى حماية حقوقها ومصالحها الثقافية المقدسة، الحضارية، التاريخية، المصيرية و الاقتصادية.
و لا نغالي إذ نضيف أن مادة "حقوق المؤلف" لها أسسها الفلسفية و المذهبية (الدينية) التي تقوم عليها لدى الأمم الأخرى. و التي لا تنسجم بالضرورة مع هويتنا الثقافية و خصوصيات بلدنا و مقوماته الحضارية باعتباره بلدا يدين بدين الإسلام.
و هي الحقوق التي – من فرط الجهل بمادتها - تتعرض على مرأى و مسمع من الجميع للتحريف و التشويه و البتر و السرقة/القرصنة (على أيدي قراصنة محترفين من خارج البلاد)، و تلحق ضررا بشرف و سمعة الأمة الصغيرة و الكبيرة. مما نسمعه و نشاهده و نقرأه كل يوم...
فهل حكامنا كلهم من "معاقي البصر و المكفوفين و العاجزين عن القراءة و المشاهدة و السمع.." ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ﴾، ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ ، ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾
*عبد السعيد الشرقاوي خبير قضائي، وسيط و حكم دولي معتمد في حقوق الملكية الفكرية الأدبية و العلمية و الفنية عضو مركز الوساطة و التحكيم بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية مؤسس مدرسة "حقوق المؤلف الاسلامية"