تواصلت أمس الاثنين أطوار محاكمة المتهمين ال24، المتورطين في أحداث اكديم إزيك، من طرف المحكمة العسكرية بالرباط، وذلك لليوم الرابع على التوالي. حيث واصل رئيس الجلسة الاستماع إلى المتهمين، بناء على ملتمس تقدم به الدفاع، بعد الاستماع أول أمس الأحد، إلى خمسة متهمين منهم. وكان الدفاع قد تقدم بملتمس، يقضي بتمكين المتهمين من فترة راحة، وهو الملتمس الذي استجابت له هيئة المحكمة إعمالا للفصل 95 من قانون العدل العسكري، الذي يقضي بعدم رفع المحكمة العسكرية لجلساتها إلا في الفترات التي تستلزم توفير شروط الراحة للمتهمين أو الشهود.
ويتابع المتهمون بتهم تتعلق أساسا ب"تكوين عصابة إجرامية والعنف في حق أفراد القوات العمومية الناتج عنه، الموت مع نية إحداثه، والتمثيل بالجثث".
ونفى المتهمون بشكل قاطع ما تضمنته المحاضر الموثقة لتصريحاتهم أمام الدرك الملكي، والضابطة القضائية من ثبوت مسؤوليتهم في تلك الأعمال تخطيطا وتنفيذا، مؤكدين أنهم لا يعرفون من ارتكب تلك "الفظائع" وأن لا علاقة لهم بالأسلحة التي تم حجزها.
وتجاوزت مرافعات المتهمين 8 ساعات حيث ظلوا يتهربون من اسئلة رئيس الهيئة، القاضي الزحاف، الذي طالبهم بالتقيّد بالجواب المباشر على الأسئلة التي يوجهها إليهم، مؤكدا أن علاقته بهم لا تتجاوز الدعوة العمومية، بعيدا عن منطق التسييس، الذي حاول المتهمون إعطاءه للقضية بتأكيدهم كل مرة أنهم اعتقلوا على خلفية قناعاتهم وآرائهم السياسية.
وقال الزحاف للمتهمين أنه يحترم توجهاتهم السياسية والاديوليوجية، لكن، يضيف القاضي، "لسنا في المنتديات أو حلقيات الجامعة للدفاع عن قضايا في الوقت الذي أحتاج فيه أنا إلى أجوبة مباشرة على الأسئلة المحددة".
يشار إلى ان المتهمين، وطوال اطوار المحاكمة، ظلوا يرفعون شعارات انفصالية وذلك أمام انظار المراقبين والملاحظين المغاربة والدوليين، وكذا الجمعيات الحقوقية ووسائل الاعلام الوطنية والدولية، التي حضرت لتغطية المحاكمة والتي حرصت هيئة المحكمة، في إطار توفير شروط محاكمة عادلة، على ترجمة جميع أطوارها من خلال حضور دائم لمترجمين محلفين، باللغات الفرنسية والإنجليزية والإسبانية.
واعتبر الملاحظوم ان المحاكمة تمر في ظروف عادية وأن مؤشرات المحاكمة العادلة التي تضمن المبادئ الأساسية لحقوق الانسان بشكل عام، وحقوق المتهم بشكل خاص، انطلاقا من قاعدة براءة المتهم حتى ثبوت إدانته.
وفي هذا الاطار قالت الصحافية اللبنانية رويدا مروة، التي حضرت المحاكمة بصفتها ملاحظة دولية باعتبارها مديرة المركز الدولي للتنمية والتدريب وحلّ النزاعات، أن"المحاكمة كما رأيناها عادلة ولا تزال كذلك إلى حدود الآن"، وأكدت عدم تسجيل أية مضايقات في حق المراقبين من طرف الجهات الرسمية، سواء كانت أمنية أو عسكرية، خلال مقامهم بالمحكمة، كما لم تمارس أية رقابة في حقهم.
وقالت رويدا أن المتهمين حاولوا تسييس القضية، وإعطائها بعدا سياسيا أكثر منه بعد جنائيا قانونيا، وذلك عبر رفعهم للشعارات الانفصالية كل بداية جلسة دون الاعتراض عليهم.
إلى ذلك تبين أن لذى بعض المراقبين، تقول مروة، خلفيات سياسية مسبقة من النزاع، وهي خلفيات مؤيدة لأطروحات البوليساريو بشكل كبير. كما اثار استغرابها حضور إحدى المراقبات الفرنسيات ضمن وفد المراقبين الدوليين، رغم انها زوجة للمتهم الرئيسي، كما أنَّ أبرز دفاع للمتهمين، هو شقيق لمحمد عبد العزيز، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام.
وقالت رويدا، بخصوص شرعية المحكمة العسكرية وأهليتها لمحاكمة المتهمين، ان المحاكمات العسكرية تنص عليها أغلب دساتير العالم، وهي موجودة في أعرق الديمقراطيات، عندما يكون أحد الأطراف عسكريا. مضيفة ان المحكمة العسكرية استثنائية بالمعنى الإيجابي، حيث أن القاضي أعطى مساحة كبيرة للمتهمين للدفاع عن أنفسهم، في وقت كان بإمكانه أن يوقف مرافعات الدفاع والمتهمين، في الأسئلة المحددة من طرفه، بينما كان هناك متهمون يتحدثون عن مواضيع سياسية، ومواقف تعبر عن آراء مخالفة للطرح المغربي. مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه عادة في المحاكمات العسكرية لا يسمح بهذه المسافة الكبيرة من العلنية ومن الحضور الجماهيري.