يبدأ عام 2011 على أنقاض سنة.. كانت زمنا آخر من أزمنة البؤس ومن أزمنة الوباء والعداء ، سنة اغتنى فيها الغني ومات فيها المستضعفين في الارض شر ميتة، بأياد آدمية أو بكوارث طبيعية لكن فيها نصيب للبشر سواء ما كشف منها أو بطن...تحل السنة الميلادية الجديدة ونحن أحوج الى تغطيات تلفزيونية واعلامية هادفة تقوم بجرد لحصيلة 360يوما كاملا وإلى وقفات وتأملات مع الذات عن ما فات من الجرح والدمار والحاجة والفقر، لا المراوغة بأعذار العطل والترويح وبالهروب من صخب الوطن. إن الدمار البشري والطبيعي كثر بشكل غير مألوف في السنة المنقضية من حروب وزلازل وبراكين وأعاصير وفياضانات، وهنا لا بد من الدعاء بالرحمة على من فاته قدوم الفصل الجديد ولا مناص من التذكير كذلك بالأحداث الساخنة من سنة 2010 لأن الذكرى تنفع المومنين. - فياضانات تضرب المغرب و أوروبا وباكستان وتخلف العديد من القتلى والمشردين - زلزال هايتي من أعنف الكوارث التي تضرب كوكبنا منذ عقود وزلازل أخرى تضرب الصين والمكسيك والشيلي - قحط وجفاف مدمر يضرب ولايات في الصين - انفجار بركان ايسلاندا وتعطيله لحركة الملاحة لانتشار السحاب البركاني في سماء أوروبا -التهام النيران لغابات روسيا واراضيها الزراعية وفيما يخص القتل فقد استفحل خصوصا في الدول الاسلامية كفلسطين والعراق وأفغانستان واليمن.. وعاث الجناة في الأرض فسادا ولم تكن بلادنا بمنأى عن هذه الجرائم اذ قضى ما يناهز 12 فردا من القوات العمومية نحبهم بالذبح والنحر من طرف عصابات إجرامية مدربة تدريبا خاصا في معسكرات مغلقة بكوبا أو بتندوف على كراهية البشر. إن هذه الآيات والأحداث خصوصا الطبيعية منها التي ميزت سنة 2010 لها حكم التخويف والعتاب ومخاطبة الضمائر الراقدة قال تعالى (وما نرسل بالآيات الا تخويفا)، فتكاثرها مرتبط بكثرة القتل والدمار والجور والعدوان ، وهذا الظلم والتفاوت الطبقي الصارخ يظهر أيضا في وداعها الأخير فهي تطل بآمالها وآلامها وببرجوازيتها المتعفنة في قوالب عديدة خصوصا في طوابير وكالات السفر والسياحة وفي الرياضات وقصور النخيل الدافئة و الفنادق المصنفة والكازينوهات والمراقص..واليخوت البحرية والمنتجعات العالمية المشهورة كمنطقة ماريبا الإسبانية التي يضخ فيها الاثرياء المغاربة برومانسية سخية الأورو والعملة الصعبة ويزورون دولا مجهرية وجزرا نحتاج للمكرسكوب لرؤيتها في الخارطة العالمية مثل نورث ايلاند وجزر الباهاماس والسيشل...أما الذين لا يهربون من الوطن فيرتادون بشكل عائلي الأماكن العليا والمصنفة ، إذ يشربون نخب السهرات فتعلو رقصاتهم ويختلط الحابل بالنابل في مشاهد فوقية تحت عباءة الحداثة والرفعة عن عامة الشعب وبانسلاخ كلي عن عادات المجتمع المغربي وعن الأعراف والتقاليد والدين. المغلوبون على أمرهم ، وجدوا أنفسهم سنة 2010محرومين حتى من أنيستهم الأبدية كرة القدم لأن الفساد عمها كذلك سواء في حقوق البث أو في تنظيم مونديال2018و 2022إذ قيل الكثير في الصحف الغربية عن الرشوة والمحسوبية. وتطل عليهم هذه السنة الجديدة كذلك بديون متراكمة وضيق في الحال وزيادة مخيفة في الأسعار، هم يقنعون بغباء أنفسهم أن حياتهم ستصبح أفضل ويصفقون للبابا نويل الذي سيحضر سحره الموجودون بأوروبا و البرازيل وسائر دول العالم المتقدم فنرى الإعلام المتواطئ يسوقهم من أعناقهم إلى شاشات التلفزيون ، ويحدثونهم عن ضيوف الشرف في المغرب من الأمراء والمشاهير و الفنانين والرياضيين والساسة لكن لا يحدثوهم عن وصمة عار المغرب البورنوغرافي والصورة النمطية التي اصبحت تتفرد بها المرأة المغربية الشريفة اذ حيكت عنها أفلام سلبية ومسلسلات في السنة المنصرمة كسلسلة أبو قتادة وابو نبيل الكويتية وفيلم العار المصري ببطلته المغربية إيمان شاكر،وقد استهوت مدنا مجاهدة الصحف الأجنبية وهواة البورنو كمراكش التي يدفع فيها المحرومين والمحرومات ثمن هشاشة الدخل الفردي و الرقابة الوطنية فكل مواطن مغربي شريف لن يقبل بالمتاجرة بأعراض القاصرين والفقراء لإثراء المنتوج السياحي الوطني و إغناء الصحف الأجنبية الفرنسية ..والاسبانية والإيطالية المتخصصة في الميوعة والمجون والفضائح....ولعل الحسنة الوحيدة التي يفعلها الإعلام المرئي هي صرف ملايير أبناء الشعب/ المستخلصة من ضرائب المكتب الوطني للكهرباء لفائدة هذا القطاع/ مباشرة في سهرات رأس السنة في حدث ديموقراطي عظيم اذ تزين القناة الثانية أبصار العامة بفلاشات وأنوار مستوردة وديكورات باهظة وأسماء في الطرب يسيل لعابها في كل المناسبات العامة كي تزيد في ثراءها الفاحش. . وتطلب ود المال ولو في إسرائيل كما فعل/ سي الصويري بغنائه في تل أبيب/..فأي رسالة أصبح يقدمها الفن. ..؟؟وعلى رأي أحلام مستغانمي هل مؤخرة روبي أهم من مقدمة ابن خلدون؟ للأسف نعم فالإقبال على الابتذال ترعاه الكثير من القطاعات التي لها المصلحة في أن تجعل الشعب لا يقرء وبالتالي لا يفكر وذلك باسترتيجيات محبوكة بإحكام بإيقاظ النزوات المتجاوزة ودعم ليالي الغناء والرقص التي كانت سببا في سقوط إمبراطوريات عظمى . إنني بهذا الانتقاد المشروع لا أهدف أن أجعل القارئ في صورة سوداوية وقاتمة ولن أنسى أن أبارك للعالم الإسلامي عامة والشعب المغربي خاصة العام الجديد.. لكن علينا أن نطمح ل2011 كسنة غير ورقية ، شفافة ونزيهة و نتحلى بأعلى درجات الصدق مع أنفسنا أولا ومع القارئ ثانيا ، فضيوفنا الكرام بمراكش العالمية كساركوزي وزوجته كارلا بروني و عقيلة الرئيس الغابوني والتونسي والأميرة موزة وزوجها السيد حمد بن خليفة وتيري هنري وبلال أنيلكا وجمال الدبوز.....كل هؤلاء وغيرهم كثير سيعودون الى أوطانهم مخلفين ورائهم عالم منمق يراه المغاربة ملئ بالفوارق والتناقضات بين أحياء كليز الراقية وبين باطرونات الشوارع الخلفية . محمد بوعلالة