- أ. ف. ب انتشرت الشائعات حول احتمال تسميم ياسر عرفات فور إعلان وفاته في فرنسا قبل ثماني سنوات، لكن لم يفتح أي تحقيق قضائي بتهمة الاغتيال إلا في صيف 2012 على اثر رفع أرملته قضية بعد اكتشاف مادة البولونيوم على أغراضه الشخصية.
أهو "تدنيس" أم "تجربة مؤلمة لكن ضرورية"؟ تساؤل مطروح في وقت سيتم فيه فتح ضريح ياسر عرفات لأخذ عينات من رفاته الثلاثاء في رام الله بالضفة الغربية، في حضور قضاة فرنسيين يسعون بعد ثماني سنوات على غياب الزعيم التاريخي الفلسطيني لكشف أسباب وفاته.
ففتح الضريح بما ينطوي عليه من معانٍ رمزية، يثير "تساؤلات حساسة للغاية" داخل القيادة الفلسطينية ولدى الشعب الفلسطيني كما لفت مصدر دبلوماسي، وذلك على خلفية ما شكله موته من لغز مدعوم بنظريات المؤامرة وصراعات على السلطة وخلافات عائلية.
وسيحضر القضاة الفرنسيون المكلفون بالتحقيق الذين وصلوا إلى رام الله مساء الأحد عملية إخراج الجثة التي دفنت في ضريح بداخل المقاطعة، مقر رئاسة السلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية.
كما سيحضر خبراء سويسريون وروس بطلب من الفلسطينيين. وشدد رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية اللواء توفيق الطيراوي السبت على أن القيادة الفلسطينية تضمن امن التحقيق.
وسيجري فتح الضريح بعيدًا عن الأنظار وخلف ستائر بلاستيكية زرقاء تحجب القبر، حيث بدأت الأشغال تمهيدًا لفتحه في منتصف نوفمبر.
وقال الطيراوي إن "الخبراء سيقومون بأخذ عينات وكل شيء سيتم في غضون بضع ساعات"، موضحًا أنه سيتم تنظيم مراسم دفن رسمية مجدداً بعد العملية.
وأكد أنه "لن يسمح لوسائل الإعلام بتصوير حدث فتح الضريح وأخذ العينات لقدسية الموضوع، ورمزية شخص ياسر عرفات".
وأضاف أنه "سيتم إعادة الجثمان بمراسم عسكرية تليق برمز الرئيس الراحل".
وسترسل العينات بعد ذلك إلى مختبرات في الدول المشاركة في العملية.
وقد توفي الزعيم ياسر عرفات عن 75 عامًا في 11 نوفمبر 2004 في مستشفى عسكري بالمنطقة الباريسية نقل إليه بموافقة الإسرائيليين الذين كانوا يحاصرونه منذ أكثر من سنتين في المقاطعة.
ولم تنشر على الإطلاق أي معلومات طبية واضحة عن سبب وفاته ويتهم عدد كبير من الفلسطينيين إسرائيل بتسميمه، الأمر الذي تنفيه هذه الأخير. لكن البعض يشككون أيضا بتعاون فلسطيني في هذه الوفاة على خلفية صراعات على السلطة.
وتجدد الجدل بشأن وفاة عرفات مسمومًا في الثالث من يوليو اثر معلومات نقلتها قناة الجزيرة القطرية في فيلم وثائقي أورد أن معهد الإشعاع الفيزيائي في لوزان اكتشف "كمية غير طبيعية من البولونيوم" في أمتعة شخصية لعرفات عهدت بها إلى الجزيرة أرملته سهى عرفات.
والبولونيوم مادة مشعة على درجة عالية من السمية استعملت في 2006 في لندن لتسميم الجاسوس الروسي السابق الكسندر ليتفيننكو الذي أصبح معارضًا للرئيس فلاديمير بوتين.
وعلى اثر كشف هذه المعلومات رفعت سهى عرفات التي تعيش في مالطا ولم تعد إلى الأراضي الفلسطينية منذ 2004، قضية في فرنسا بتهمة الاغتيال مما يمهد الطريق لنبش الرفات.
وقالت سهى عرفات لوكالة فرانس برس "إنها تجربة مؤلمة لكن ضرورية". وأضافت "لكن ينبغي معرفة الحقيقة، إنها ضرورية لشعبنا ولعائلات شهداء غزة"، موضحة "يجب القيام بذلك لطي صفحة هذا السر الكبير المحيط بوفاته، وان كانت هناك جريمة فينبغي كشفها". ونفت رفضها لتشريح الجثة في 2004.
في المقابل اعتبر ناصر القدوة ابن شقيقة الزعيم الفلسطيني الراحل ومدير مؤسسة ياسر عرفات ذلك "تدنيسًا". وقال في الآونة الأخيرة "مؤخراً خرج علينا البعض بفكرة بغيضة، هي نبش قبر الرئيس الراحل وتدنيس قبره والمساس برمزيته".
وقال أيضا "الجميع بات مدركًا تمامًا أن القائد المؤسس تم اغتياله من قبل إسرائيل بالسم، والشواهد والدلائل كانت كثيرة، وتضمنت قرارات رسمية من الحكومة الإسرائيلية بإزاحة عرفات"، مؤكدًا أن "التقرير الطبي الذي صدر عقب وفاة عرفات أكد بوضوح أن حالته المرضية لا يمكن تفسيرها وفق علم الأمراض، وأكد ذلك ما اكتشف مؤخرًا من وجود البولونيوم المشع في ملابسه".
وسبق أن أعلن القدوة أنه "من حيث المبدأ ضد فتح قبر ياسر عرفات لأخذ عينة من رفاته لعدة أسباب منها أن اخذ العينة بعد ثماني سنوات (على وفاته) قد لا يكون مفيدًا طبيًا للوصول إلى الحقيقة"، مؤكدًا أنه تم اخذ عينات من جسم عرفات أثناء وجوده في مستشفى بيرسي العسكري في فرنسا بالإضافة إلى الفحوصات والتحاليل وتساءل "لماذا لا تتم الاستعانة بها؟".
وفي شوارع رام الله يرتسم الوجوم على الوجوه لدى التحدث عن نبش قبر زعيم لا يزال رمزًا بالنسبة لمعظم الفلسطينيين. وقال عبدالله صالح الذي يناهز الخمسين من العمر، بحنق "لماذا الآن؟ لماذا بعد ثماني سنوات؟ في كل الأحوال أن الفرنسيين يعرفون الحقيقة".
وقال يوسف خضر وهو صاحب محل للمنتجات الحرفية "إنها قصة عائلية. لن يجدي ذلك القضية الوطنية ولدى الفلسطينيين مشاكل أخرى تتطلب حلولاً عاجلة".
تذكير بأبرز المحطات في مسيرة الزعيم التاريخي الفلسطيني ياسر عرفات.
- 4 غشت 1929: مولد محمد ياسر عبدالرؤوف عرفات القدوة الحسيني في القاهرة.
- 1950-1965 : بعد دراسته الهندسة المدنية في القاهرة غادر عرفات مصر الى الكويت حيث اسس في 1959 حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) قبل أن تستقر مجموعته في الأردن في 1964. وبدأ الكفاح المسلح ضد إسرائيل في الأول من يناير 1965.
- يونيو 1967 : الحرب العربية الإسرائيلية. عرفات يعاود الظهور بعد أن عاش سنتين في السرية باسم "ابو عمار".
- 4 شباط 1969 : انتخاب عرفات رئيسًا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تشكل حركة فتح كبرى فصائلها.
- سبتمبر 1970 : ابعد من الأردن بعد مواجهات دامية عرفت ب"ايلول الاسود" بين مقاتلين فلسطينيين والجيش الأردني. وانتقل بعدها ياسر عرفات الى لبنان.
- 13 نوفمبر 1974 : منظمة التحرير الفلسطينية تحصل على صفة مراقب في الأممالمتحدة. وقال عرفات حينها عبارته الشهيرة في خطاب في الأممالمتحدة "إن المسدس في يدي وغصن الزيتون في اليد الأخرى، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي".
- 3 سبتمبر 1982 : الجيش الإسرائيلي أبعده من لبنان لينقل عرفات مقر منظمة التحرير الفلسطينية الى تونس.
- 2 مايو 1989 : عرفات يعلن ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية "كادوك" بالفرنسية أي "عفّى عليه الزمن". وكان الميثاق ينص على أن "الكفاح المسلح هو السبيل الوحيد لتحرير فلسطين".
- يناير 1992 : زواج عرفات من سهى الطويل (28 عامًا) المتحدرة من عائلة مسيحية التي أنجبت له ابنته زهوة في 1995.
- 13 سبتمبر 1993 : مصافحة في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين أثناء توقيع إعلان المبادئ الذي تم التفاوض بشأنه سرًا في اوسلو، لإقامة سلطة حكومة ذاتية انتقالية فلسطينية أصبحت تعرف لاحقًا بالسلطة الوطنية الفلسطينية.
- 1 يوليو 1994 : عودة مظفرة لعرفات إلى الأراضي الفلسطينية بعد 27 عامًا في المنفى. وشكل في غزة حكومة ذاتية، السلطة الفلسطينية، انتخب رئيسها في يناير 1996.
وفي أكتوبر حاز عرفات على جائزة نوبل السلام مع اسحق رابين (اغتيل في نوفمبر 1995) وشيمون بيريز.
- 3 ديسمبر 2001 : على اثر سلسلة هجمات انتحارية فلسطينية حاصرت إسرائيل عرفات في مقره العام في المقاطعة في رام الله بالضفة الغربية.
- 29 مارس 2002 : إسرائيل تشن هجومًا كبيرًا على الضفة الغربية وتدمر الجزء الأكبر من مقر قيادة عرفات.
- 29 اكتوبر 2004 : على اثر تدهور مفاجئ في صحته غادر عرفاترام الله إلى باريس حيث دخل مستشفى بيرسي في كلامار.
وفي 11 نوفمبر أعلنت وفاته بعد غيبوبة استمرت أياما عدة. وأسباب وفاته لم تتوضح مطلقًا.