في إطار بادرة متميزة تحقق السبق التضامني وتكريس ثقافة الاعتراف، وتزامنا مع تخليد ذكرى اليوم العالمي للمرأة؛ نظم المرصد الدولي للدراسات والأبحاث القانونية والاجتماعية ندوة وطنية وحفلا تكريميا لصالح العاملات المنزليات عشية يوم السبت 23 مارس الجاري بالمركب الثقافي والإداري لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمراكش. الندوة الوطنية والتي قام بتأطيرها قامات علمية هامة من هيئات قضائية وحقوقية واجتماعية تربوية، اتخذت موضوعا لها: "الحماية القانونية والإجتماعية لعاملات المنازل: مقاربات متعددة" وكانت فرصة للتجسيد الفعلي للإعتراف بجهود هذه الفئة المجتمعية التي تعمل في صمت ومسؤولية من أجل تماسك الأسر المغربية. استهلت الندوة بالنشيد الوطني، لتنطلق بعدها السيدة وفاء جوهر رئيسة المرصد الدولي للدراسات والأبحاث القانونية والاجتماعية للتعريف بأهداف المرصد والغرض من تنظيم هذا المحفل. وفي السياق ذاته أوضحت السيدة وفاء جوهر في تصريح خصته لكاب 24 تيفي الغرض من إقامة هذا النشاط قائلة: ( لقد اخترنا أن نعلن ميلاد هذا المرصد من خلال هذا النشاط الثقافي والاجتماعي، وهو اختيار اعتمد على مجموعة من المحددات منها تزامنه مع تخليد اليوم العالمي للمرأة من خلال مناقشة مجموعة نقاط ذات الاتصال بعمل المرأة. وأيضا للوقوف على مقاربة العمل المنزلي من خلال قراءة في قانون 19/12 الذي يحدد شروط تشغيل العمال والعاملات المنزليين. وكذا الوقوف على القانون المتعلق بالاتجار بالبشر من أجل توفير حماية لعاملات البيوت دون اغفال مرجعية التشريع الاسلامي وعمل مفتشية الشغل مع تقديم أهم الطرق والمناهج لضمان التواصل الرشيد مع عاملات المنازل. لهذا يجدر بنا على الأقل، أن نعترف بجهودهن ونكرمهن في هذه المناسبة احتفالا بهن وتشريفا لهن وتحفيزهن على مزيد من البذل والعطاء.) ومع انطلاق الجلسة العلمية التي ترأسها الدكتور سمير أيت أرجدال رئيس المحكمة الابتدائية بواد زم والأستاذ بالمعهد العالي للقضاء، أعطيت الكلمة لمداخلة الدكتورة بشرى البدوي رئيسة مؤسسة ابن رشد للدراسات والأبحاث والترجمة والتي سلطت الضوء على المقاربة التشريعية الاسلامية لحكم المرأة العاملة في المنازل، والتي ربطت عمل هذه الأخير بأجر العمل الصالح ومنه لمرتبة الايمان المؤدي للجنة اذا توفر فيه عنصر الاخلاص والوفاء وكتم الأسرار بالنسبة للعاملة في المقابل وجب للطرف المشغل الالتزام بأداء الأجر واحترام الأجير والمحافظة على كرامته وحسن معاملته. في حين فصلت الدكتورة رشيدة أحفوظ المستشارة بمحكمة الاستئناف بالدار بيضاء وأستاذة المعهد العالي للقضاء، (فصلت) أثناء مداخلتها الحديث عن موضوع الحماية القانونية لعاملات المنازل من خلال طرح مجموعة من الاشكاليات القانونية الواقعية والتي يمثلها قانون 19/12 الحامل لجوهر الحماية المقررة لعمال وعاملات المنازل، معتبرة أن المقاربة الشمولية لهذا الموضوع(موضوع الحماية القانونية) يحمل مقاربة شمولية تتجاوز ماهو قانوني على اعتبار أن هذه الفئة أحيانا لا ترتبط بعقود وتحكمها تداخلات، مستخلصة أن المقاربة القانونية تظل غير كافية وأنه من الضروري اعادة النظر في هذه المقتضيات ذات الارتباط بتشغيل العامل المنزلي، مسجلة قصور القانون رقم 19/12 فيما يتعلق بالاختلال الحاصل في المراكز القانونية والاجرائية بين كافة مكونات العلاقة التعاقدية. الندوة لم تغفل التطرق للحماية الجنائية للعاملات المنزليات على ضوء القانون المتعلق بالاتجار بالبشر، وهي المداخلة التي ركز فيها الاستاذ خالد الركيك وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بورزازات، على تصنيف العاملات الأجنبيات بالمغرب وأغلبهن من الفلبين واللواتي يتجاوزن 3000 عاملة تقدمن بأكثر من 15 شكاية معروضة الان على أنظار المحكمة، وصنف العاملات المغربيات في الخارج واللواتي يدخلن في اطار العمل بالكفالة في دول الخليج، ثم العاملات الراشدات بالمغرب، فالعاملات القاصرات اللواتي تنحصر أعمارهن بين 16 و 18 سنة مذكرا بمبدإ تجريم تشغيل القاصرات. كما أوضح الاستاذ المتدخل العلاقة بين قانون 19/12 و قانون الاتجار بالبشر موضحا التداخل بينهما ومبرزا نقط الاختلاف. وارتباطا بذات الموضوع، تطرق السيد عبد المجيد لوكيلي في مداخلته للاشارة الى أنجع آليات التواصلية مع عاملات المنازل، مشددا على مبدأ ضمان كرامة هذه الفئة من خلال تحقيق تواصل رشيد وحكيم خصوصا وأن طبيعة عمل هؤلاء العاملات تجعله لا ينتظم في علاقة شغلية فقط بل تواجد العاملة داخل البيت ووسط الأسرة يصبغ على العلاقة معهن طابع التداخل والتشعب. خلصت الندوة الوطنية الى مجموعة من التوصيات أهمها : ضرورة إلزام كافة المكونات الحقوقية والقانونية والتربوية والاعلامية بالقيام بحملات تحسيسية وتوعوية للتعريف بمستجدات القانون المتعلق بتشغيل العمال بالمنازل، مع ضرورة اعادة النظر في المقتضيات القانونية ذات الارتباط بتشغيل العامل المنزلي البالغ من العمر 16 سنة مع الحرص على الجانب التعليمي والتكويني لهذه الفئة. كما حملت التوصيات ضرورة تجريم الوساطة في العمل المنزلي باعتبارها تدخل ضمن جرائم الاتجار بالبشر، مع ضرورة المتابعة بالرصد والتتبع تطبيق القانون 19/12 والاسراع باصدار نصوص تنظيمية ذات صلة بتطبيق هذا القانون المذكور. واختتم اللقاء بتكريم اكثر من تسع عاملات منزليات كفئة رمزية رغبة من المرصد وأعضائه ومشاركيه المساهمة بارتقاء أوضاع هذه الفئة الاجتماعية من خلال تشخيص وضعها الآني والاعتراف بجهودهن وتشريفهن وتحفيزهن على المزيد من البذل والعطاء في ظروف أكثر ملائمة وانسانية.