دائما ما كنت حالما بأن أكون محبوبا عند الناس وتسلط علي الأضواء وألعب دورا مهما في حياتهم،ربما يعود السبب لحبي لأبطال الروايات والأفلام،ودائما ما رأيت نفسي بطلا يستطيع تغيير واقعه وواقع من حوله، لكن كلما كبرت ومضى الوقت،تعلمت درسا ربما هو الأهم في حياتي…"لا ينبغي أن تكون بطلا لكي تكون بطلا" فالناس بكاميراتهم غالبا ما يعجزون عن التقاط صور الأبطال..فمن كنا نعتقد أنهم أبطالا اتضح أنهم ليسوا الا أشخاص لعبو دورهم باتقان وربما هذا ما أكد لي صدق المقولة التي تقول الأبطال الحقيقيون لا يصعدون إلى خشبة المسرح , الأبطال الحقيقيون وراء الكواليس! وفي قصة عادل لم يكن هو من سلطت عليه الكاميرا في حياته بل كان وراء الكاميرا …فكان حريصا على نقل الصور والأخبار وممارسة مهنته بكل مهنية وأخلاق عالية،عادل شاب بسيط من طنجة من أصول ريفية يمارس الصحافة ويعشقها،لم يسعى أبدا ليكون بطلا في رواية أحدهم ولا أن ينال اشادة الناس فيما يفعله أو أن ينتظر مكافأة تثمن جهوده واخلاصه في عمله،بل فعل كل ما فعله من أجل المشاعر..المشاعر فقط فمنذ بداية تدريبي في موقع كاب 24 كلما تكلمت مع أحدهم عن المهنية سمعت اسم عادل .. ورأيت لمعة الحماس في أعينهم وهم يسردون لي قصصهم التي غالبا ما كان عادل جزءا منها فقد قام بتعليم هذا وقام بمساعدة ذاك وغطى هفوات كل من حوله، فكل ما سمعته عن شخصية عادل جعلني أتحمس لتعرف عليه عن قرب ،فتلك الكلمات التي سمعتها من زملاءه جعلوني أعرف اي نوع من الأشخاص هو،صفات لا يتحل بها سوى الأبطال ..هنا أتحدث عن أبطال الحقيقة …فهو لم يحاول عكس ما يفعله من خير في حياته على مواقع التواصل الاجتماعي،فحين تدخل لصفحته الشخصية ترى رجلا بسيطا عفويا عاشقا لاكتشاف خبايا الطبيعة وتسلق الجبال ولكن عادل الذي حرص على نقل الأخبار طيلة حياته لم يدري أن القدر سيشاء أن يجعله بطلا لخبر كان اخر خبر يسجل باسمه وفاة عادل توفي عادل الأحد، وذلك إثر حادث عرضي تسبب في سقوطه من مرتفع بجبل موسى ببلدة بليونش الواقعة بين مدينة الفنيدق وسبتة. نزل الخبر كالصاعقة على كل من عرفه في يوم من الأيام،رحل الشاب الخلوق الجميل الذي أحبه الجميع،فلم يكن أحد يتوقع أن رحلته الى جبل موسى ستكون رحلة بلا عودة ... ليلة ليلاء…هذا أحسن تعبير يصف تلك الليلة،فتحول الفضاء الازرق الى فضاء عزاء،عشرات التدوينات التي تنعاه وتتراحم عليه،فحتى الذي لم يعرفه في حياته عرف قدر ومعدن هذا الرجل من خلال ما راه من حزن مخيم على الجميع فالله جعلنا نعرف قيمته عنده فرفع من مقامه بعد مغادرة هذه الدنيا الفانية ،رحل عادل لكن ذكره لن ترحل ،فتلك الحقيبة التي دائما ما لزمته حين كان حيا اتضح على أنها كانت ممتلئة بالحب والسمعة الطيبة،الرجل الذي غرص ما غرصه من وئام في الظل،خرج كل ما فعله من طيبوبة الى النور بعد مماته. لكن عزاء أحبائه فيه أنه مات وهو في مكان دائما ما كان يحبه.. وكما وصفه صديق في الفضاء الازرق "اختاره الموت وهو في أعلى الجبال لعلو أخلاقه" العبرة من كل ما قيل أو سيقال أننا دائما ما نسقط في فخ وهم البحث عن البطولة والاستثناء بينما البطولة الحقيقية تكمن في ما تحمله من طيبة وجمال داخلي ورجوعا لقصة عادل فلقد تعلمنا منها الكثير وأهم ما تعلمناه هو كيف يكون البطل الحقيقي،وكم من عادل في حياتنا فدعنا نعبر عن مدى امتناننا لوجودهم في حياتنا ونمنحهم المكانة التي يستحقونها. شكرا عادل.