تصريحات هشام ايت منا تشعل فتيل الصراعات المفتعلة من جديد … !    تأجيل محاكمة عزيز غالي إثر شكاية تتهمه بالمس بالوحدة الترابية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي        الرباط: المنظمة العربية للطيران المدني تعقد اجتماعات مكتبها التنفيذي        28 ناجيا من تحطم طائرة بكازاخستان    مسؤول روسي: المغرب ضمن الدول ال20 المهتمة بالانضمام إلى مجموعة "بريكس"    التوحيد والإصلاح: نثمن تعديل المدونة    بلاغ رسمي من إدارة نادي المغرب أتلتيك تطوان: توضيحات حول تصريحات المدرب عبد العزيز العامري    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    بعد تتويجه بطلا للشتاء.. نهضة بركان بالمحمدية لإنهاء الشطر الأول بطريقة مثالية    الوداد يطرح تذاكر مباراته أمام المغرب الفاسي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية        الريسوني: مقترحات التعديلات الجديدة في مدونة الأسرة قد تُلزم المرأة بدفع المهر للرجل في المستقبل    الحصيلة السنوية للمديرية العامة للأمن الوطني: التحفيز والتأديب الوظيفي آليات الحكامة الرشيدة    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    "ميسوجينية" سليمان الريسوني    ترامب عازم على تطبيق الإعدام ضد المغتصبين    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    مجلس النواب بباراغواي يصادق على قرار جديد يدعم بموجبه سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    بنحمزة: الأسرة تحظى بالأهمية في فكر أمير المؤمنين .. وسقف الاجتهاد مُطلق    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ونجح الاتحاد في جمع كل الاشتراكيين! .. اِشهدْ يا وطن، اِشهدْ يا عالم    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    الخيانة الزوجية تسفر عن إعتقال زوج وخليلته متلبسين داخل منزل بوسط الجديدة    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    ‬برادة يدافع عن نتائج "مدارس الريادة"    المخرج شعيب مسعودي يؤطر ورشة إعداد الممثل بالناظور    الاعلان عن الدورة الثانية لمهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية والموسيقى    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث        ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ثقافة جنرالات الجزائر
نشر في كاب 24 تيفي يوم 05 - 09 - 2021

سبق أن وصفت، ذات يوم، حكام الجزائر بكونهم مجرد "عصابة" متسلطة على الشعب الجزائري، فرد علي أحد أصدقائي قائلا: "إنهم نظام عسكري، وليسوا عصابة". وبعد تأملي في رد ذلك الصديق، خلصت إلى أن حكام الجزائر ليسوا نظاما، لأن النظام يقتضي وجود مؤسسات فعلية قائمة على العقل والوجدان ومنتجة للفكر والفن والعلم ومختلف أنواع الخيرات... لكن ما يوجد في الجزائر اليوم هو جماعة متحكمة بدون عقل، ولا خيال، ما جعلها عاجزة عن الإنتاج، بل إن نشاطها يقتصر على ممارسة العنف والقهر، كما أنها تقوم بنهب كل شيء، ما جعلني أصف حكام الجزائر بأنهم مجرد "عصابة" تتصرف حسب أهوائها ونزواتها، ولا تستند في اشتغالها إلى العقل، ما جعلها منغلقة على ذاتها، وحرمها من أي أفق، أو مستقبل، إذ من المحتمل جدا أن تذهب إلى زوال...
عندما أتأمل في طبيعة حكام الجزائر، وثقافتهم، وكيفية اشتغالهم، أجد أن استبدادهم وعنتريتهم، ونزعتهم لهما جذور ثقافية قبلية بدوية قومجية، ما يفسر نزعتهم المركزية وعنصريتهم وعنفهم ضد منطقة "القبايل" وأهاليها، والمناطق الجزائرية الأخرى...
انطلاقا من هذه النزعات التي يعاني منها حكام الجزائر، فإن هم يستعملون العنف والقوة لضمان استمرارهم في السلطة، ما يعني أنهم يتخذون الخوف أداة يفرضون بها على الشعب الجزائري طاعتهم، حيث أقاموا دولة الخوف والطاعة، لكن هذا الخوف وتلك الطاعة يتوجهان تحو الجنرالات، حيث يكون الخوف من الجنرالات والطاعة لهم ضمن "دولتهم"، التي هي أساسا، في نظر كل الخبراء المهتمين بها، "دولة استبدادية" بشعة بالضرورة؛ إنها دولة لا وجود فيها لأبسط شكل من أشكال الحرية، حيث لا يمتلك الأفراد أية قيمة بالنسبة للجنرالات الحاكمين، الذين يتصرفون كما يشاؤون ، وحسب ما تقتضيه شهواتهم ونزواتهم وأمراضهم وتقلباتهم، وصراعاتهم وتحالفاتهم...
وإذا كان "هيجل" يرى أن الإنسان حر بطبيعته"، بل ويضيف إلى ذلك أن الفرد في ظل الدولة الاستبدادية يكون مرغما بالضرورة على أن يتخلى عن كل شكل من أشكال الحرية، حيث الحرية الوحيدة المسموح بها، في هذه الدولة، هي حرية الحاكم المستبد، فإن "دولة الجنرالات" في الجزائر لا تسمح بوجود أي شكل من أشكال الحرية، حيث توجد حرية وحيدة؛ وهي حرية الجنرالات الذين يتحكمون في كل شيء، ويرفضون بناء دولة المؤسسات، ولا يقبلون بوجود أي فضاء عمومي فعلي حر، يمكن أن تتعايش داخله تيارات عديدة، إضافة إلى أنهم يتصرفون في أموال الشعب الجزائري كما يشاؤون، حيث ينهبونها ويهربونها إلى الملاذات الضريبية التي توجد في مختلف جزر العالم...
ويرى "مونتسكيو" أن الخصائص التي تتميز بها الدولة الاستبدادية، فيما يتعلق بالعلاقات الاجتماعية والأحوال الاقتصادية المصاحبة لها، تتلخص في أن أساس النظام السياسي الاستبدادي، كما يحدده في كتابه "روح القوانين"، "هو نظام يقف على رأسه، ويهيمن عليه فرد، أو جماعة، حيث لا قواعد، ولا قيم، ولا قوانين؛ وهذا ما ينطبق على جنرالات الجزائر الذين يستخدمون سلطتهم حسب ما تقتضيه إرادتهم ونزواتهم". إنه اللانظام ذاته، حيث لا وجود لمؤسسات، ولا لدولة بالمفهوم المتواضع عليه اليوم، ولا لأية معايير ثابتة للحكم. وما دام حكام الجزائر، لا يستندون إلى العقل، ولا إلى الثقافة الحديثة التي تمكنهم من الانخراط في روح العصر، فإن هذا ما يفسر جهلهم وكسلهم وخضوعهم لاندفاعاتهم وتقلبات أمزجتهم. ومن المعلوم أن العالم قد جعل العقل أساسا للممارسة السياسية، حيث لا يمكن اعتماد المزاج مصدرا للممارسة السياسية، لأنه لا ينجم عن ذلك إلا الكوارث والمآسي...
ورغم ظروف القمع المسلط على الشعب الجزائري، فإن الشعب الجزائري قد استطاع أن يبدع حراكه الشعبي السلمي الحضاري لمواجهة العصابة المتحكمة في الجزائر، وجعل هدفه بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، ما مكنه من تعبئة مختلف فئات المجتمع الجزائري وتوحيدها...ورغم أن الجنرالات مارسوا القمع والاغتيال والحرائق من أجل إيقاف هذا الحراك، فمن المحتمل جدا أن ينتفض هذا الحراك من جديد، حيث لا يمكن للعصابة الحاكمة إطفاء جذوته، لأنه حمال قضية شعبية، والقضايا الكبيرة لا تختفي؛ نعم، قد تختفي مؤقتا، لكنها ستنفجر من جديد، خصوصا أن الظروف التي أدت إلى ظهورها ما تزال قائمة...
فضلا عن ذلك، فإن طبيعة حكام الجزائر تتعارض مع أي تطور سياسي حداثي في هذه البلاد، حيث إنهم يحولون دون أي تطور مؤسسي سياسي، كما أن وجودهم يتعارض جذريا مع أي تطور للأحوال الاقتصادية والاجتماعية في الجزائر، الأمر الذي يفسر غياب أي تصور تنموي جزائري، حيث يعيش الشعب الجزائري اليوم أزمة اقتصادية واجتماعية ومالية خطيرة. ويؤكد خبراء في الشأن الاقتصادي الجزائري أنه لم يعد للجنرالات ما يكفي من العملة الصعبة لاستيراد الحاجات الأساسية للشعب الجزائري... أضف إلى ذلك أن الجنرالات قد خربوا الاقتصاد الجزائري، حيث تم إغلاق مؤسسات إنتاجية عديدة، ما سينعكس سلبا على الحياة الاجتماعية، فينتشر التهريب، الذي يمكن أن يقضي على القدرات الانتاجية الضعيفة للجزائر... كما أن التهريب قد يؤدي إلى انتشار الرشوة والفساد... وهذا ما ينذر بانفجار سياسي واجتماعي وشيك، قد يعصف بعصابة الجنرالات...
تثير النزعة القبلية لدى الأفراد والجماعات الحماس، أو الاندفاع بشكل كبير جدا، لأنها لا تتوجه إلى العقل، فيندفع الأفراد في الحركية والنشاط اندفاعا على غير هدى، حيث إنهم قد يحققون، في البداية، انتصارا شكليا، ثم لا يلبث أن يصيبهم التعب، فيتهاوون، ويستسلمون عندئذ لأية قوة أقوى منهم من الداخل، كما من الخارج. وهذا ما ينطبق على جنرالات الجزائر اليوم، الذين لا يعترفون بأنهم مسؤولون عن فشلهم على كل الواجهات، كما أنهم لا يستطيعون مراجعة ذواتهم، ولا سلوكاتهم، الأمر الذي سيجر عليهم الكوارث...
تبعا لذلك، فإننا نلاحظ اليوم أن حكام الجزائر يعيشون في صراعات دائمة فيما بينهم، أو مع الخارج المحيط بهم؛ حيث لهم طابع حربي، ما جعلهم يندفعون في مهاجمة بعضهم البعض، وفي مهاجمة البلدان المجاورة. وهذا ما سيجعلهم خارج الشرعية الدولية، الأمر الذي قد يشكل انتحارا بالنسبة إليهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.