على بعد أشهر من الإستحقاقات الإنتخابية، وشروع مجلس النواب في مناقشة مشاريع قوانين تهم تنقيح المنظومة الإنتخابية المؤطرة لهذه الاستحقاقات. أصبح النقاش العمومي مرتكز بشكل كبير على التعديل الذي قدمته أحزاب المعارضة (الأصالة والمعاصرة، الاستقلال، التقدم والإشتراكية) وبعض أحزاب الأغلبية الحكومية (الأحرار، الحركة الشعبية) والقاضي بتغيير القاسم الانتخابي باعتماد أساس القيد في اللوائح الانتخابية بدل الأصوات الصحيحة. وتعليقا على الموضوع اعتبر عمر الشرقاوي، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي أن " هذا التعديل خلق نقاشا عموميا طبيعيا، بين مؤيد له رأى فيه نوعا من العدالة الانتخابية وحماية للأحزاب الصغيرة والابتعاد عن خطر الهيمنة، وبين رافض له واتهامه بتهديد الاختيار الديمقراطي ومخالفته للدستور واستغلاله كسلاح لتصفية حزب منافس وإقصائه مسبقا من السباق الانتخابي". واعتبر عمر الشرقاوي في تدوينة فايسبوكية عبر صفحته أن "لا أحد ينكر أن القواعد الإنتخابية هي بطبيعتها قواعد صراعية، لأنها تتوخى كسب رقعة من التمثيلية لدى البعض أو توظيفها لسحب جزء من رقعة التمثيلية لدى المنافسين". وأكد على "التنابز السياسي" الحاصل أمر طبيعي بل ومطلوب مادام يتم وفق آليات الحسم الديمقراطي الذي يشكل البرلمان فضاء لها، ومع ذلك سيظل الاختلاف قائما مهما كان مصير التعديل، لأن الامر مرتبط بمنظومة انتخابية غير مستقرة وتبحث دائما عن آليات تراعي السياق السياسي والإجتماعي والمصالح الظرفية للفاعلين الحزبيين". واشار عمر الشرقاوي إلى أن" القيمة الدستورية التي أصبح يحوزها التسجيل في اللوائح الانتخابية كشرط في ممارسة الحقوق الدستورية، ويكفي الرجوع لقرارات المحكمة الدستورية (رقم 1009 و1010) التي اشترطت على أصحاب العريضة والملتمس في مجال التشريع ومدعموهما أن يكونوا مقيدين في اللوائح الإنتخابية العامة، بل ان القضاء الدستوري اعتبر شرط التسجيل في اللوائح الانتخابية قبل ممارسة الحق في الديمقراطية التشاركية من شأنه تحفيز المواطنات والمواطنين على الانخراط في الحياة الوطنية". وشدد المحلل السياسي على أن " القيد في اللوائح الانتخابية فعل قانوني إرادي، يعبر من خلاله المواطن البالغ سن الرشد السياسي عن رغبته في الالتحاق بالكتلة الناخبة بمحض إرادته لممارسة حق وواجب التصويت…" وأوضح عمر الشرقاوي في نفس التدوينة على أن " تقسيم مقاعد مجلس النواب على الدوائر الانتخابية المحلية التي تجري بمراسيم لا تأخد بعين الاعتبار الكتلة الناخبة او المسجلة أو المعبرة أو المصوتة بل على معيار عدد السكان وهو معيار دستوري نص عليه الفصل 63 من الدستور". وأضاف أن "القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء مجلس النواب الذي يتضمن تعديل القاسم الإنتخابي سيحال إجبارا على المحكمة الدستورية للنظر في مدى مطابقته للدستور". وأكد الأستاذ عمر على الخطاب الرافض للتعديل هو خطاب سياسي وليس دستوري ويهم دائرة المشروعية وليست الشرعية وليس فيه ما يخالف الدستور وهو يدخل ضمن الإجراءات التشريعية التي تسمح للسلطة التشريعية ببلوغ الأهداف الدستورية-حسب تعبيره. ويرى المحلل السياسي أن "تقديم التعديلات حق دستوري مصون لممثلي الأمة، لا يحده سوى ما تضمنه الدستور من قيود". وأكد كذلك على أن "التسجيل في اللوائح الإنتخابية شرط لممارسة حق التصويت الذي هو أيضا واجب وطني، طبقا لأحكام الفقرة الثانية من الفصل 30 من الدستور". واعتبر عمر الشرقاويي أنه من شأن تحفيز المواطنات والمواطنين على الانخراط في الحياة الوطنية من خلال المشاركة في الانتخابات، إعمالا لما ينص عليه الدستور في فصله 11 من أن على السلطات العمومية أن تتخذ الوسائل الكفيلة بالنهوض بمشاركة المواطنات والمواطنين في الحياة العامة-حسب قوله- وأضاف أنه من" خلال الإطلاع على نتائج الانتخابات التشريعية لسنوات 2011، 2016، من زاوية العدالة الانتخابية القائمة على التناسب بين الأصوات المحصل عليها وعدد المقاعد البرلمانية، أن هناك احزاب بعينها استفادت من القاسم الانتخابي على أساس الأصوات الصحيحة، فيما تضررت أحزاب عديدة من القاسم الانتخابي المعمول به". واستطرد أنه من "شأن هذا الإجراء التشريعي تحفيز المقيدين إراديا في اللوائح الانتخابية للتوجه للانتخابات لتحديد مصير نتائج الاقتراع، مادام أن تسجيلهم له قيمة دستورية ويحتسب على أساسها توزيع المقاعد البرلمانية فإن ذلك سيسعى إلى تحقيق غاية مقررة دستوريا والمتعلقة بتوسيع المشاركة السياسية ويعد تكريسا لإحدى القيم الكبرى التي ينبني عليها الدستور التي بمراعاتها تتحقق مصلحة عامة". وأكد المحلل السياسي،" أن الدستور نص في الفقرة الأولى من فصله السابع على أن الأحزاب السياسية مهما كان حجمها "تساهم في التعبير عن إرادة الناخبين، والمشاركة في ممارسة السلطة، على أساس التعددية والتناوب، بالوسائل الديمقراطية، وفي نطاق المؤسسات الدستورية". وخلص عمر الشرقاوي إلى أنمن شأن اعتماد القاسم الانتخابي بناء على عدد المسجلين في اللوائح المحلية، أن يحقق تمثيلية مستحقة للأحزاب الصغرى وهو ما يسير في اتجاه إعمال المبادئ الدستورية القائمة على حماية التعددية من خطر الهيمنة-حسب وصفه- وختم عمر الشرقاوي تدوينته بتاكيده على ان أن القاسم الانتخابي إجراء تشريعي محصن بالدستور ولا يتعارض معه.