قضت محكمة في موسكو الثلاثاء 02/02 بالحبس لنحو ثلاث سنوات على أليكسي نافالني، أبرز خصوم الرئيس فلاديمير بوتين، في حكم ندّدت به دول غربية عدّة ودفع حشوداً من أنصار المعارض للنزول إلى الشارع للاحتجاج قبل أن تقمعهم قوات الأمن وتعتقل المئات منهم. وينصّ القرار القضائي على تطبيق حكم بالحبس ثلاثة أعوام ونصف عام كان قد صدر مع وقف التنفيذ في العام 2014 بحق نافالني (44 عاما)، الناشط في مكافحة الفساد والذي اتّهم الكرملين بتسميمه العام الماضي. وعليه تاليا أن يمضي عامين ونصف عام في السجن، وفق منظمته صندوق مكافحة الفساد التي دعت الى تظاهرة فورية في موسكو، علما أن القرار يحذف من العقوبة الأشهر التي امضاها في الاقامة الجبرية في ذلك العام. ومن المرجّح أن يفاقم الحكم القضائي التوترات مع الغرب الذي يطالب بإطلاق سراح المعارض الروسي. وأمرت القاضية ناتاليا ريبنيكوفا بتحويل حكم صادر في العام 2014 مع وقف التنفيذ يدين نافالني بالاحتيال حكما مبرم بالحبس، وفق مراسل لوكالة فرانس برس حضر جلسة المحاكمة. واعتبرت المحكمة ان المعارض انتهك شروط المراقبة القضائية التي أرفقت بعقوبته، الامر الذي تمت الاشارة اليه أيضا في طلبي مصلحة السجون والنيابة. وعقوبة السجن هذه هي الاطول بحق نافالني، الخصم الابرز للرئيس فلاديمير بوتين، فالعقوبات السابقة ضده لم تتجاوز اياما او اسابيع. وكان نافالني اتّهم خلال الجلسة الرئيس الروسي بمحاولة ترهيب معارضيه. وكرر بانفعال أمام المحكمة اتهامات بأن السلطات حاولت أن تقتله بغاز الأعصاب نوفيتشوك في الصيف الماضي وسخر من بوتين على خلفية مزاعم بأن السم دس في ملابسه الداخلية. "لإخافة الملايين" وقال نافالني "يضعون شخصا خلف القضبان لإخافة الملايين". ورأى أن بوتين يريد أن يُنظر له كزعيم عالمي عظيم وشخصية تاريخية لكنه بدلا من ذلك "سيذكره التاريخ على أنه مسمم السراويل الداخلية". ومثل نافالني أمام المحكمة بتهمة انتهاك شروط حكم بالسجن ثلاث سنوات ونصف سنة مع وقف التنفيذ صدر في 2014. وبالنسبة لسلطات السجون، فإن نافالني لم يمثل أمامها على النحو المنصوص عليه في شروط رقابته القضائية خلال فترة تعافيه في ألمانيا عقب عملية التسمم. وتم توقيف الناشط في محاربة الفساد في 17 كانون الثاني/يناير لدى عودته إلى موسكو من ألمانيا. ومساء الثلاثاء أعلنت منظمة حقوقية أنّ السلطات الروسية اعتقلت أكثر من 1,050 شخصاً خلال تظاهرات جرت في أنحاء عدّة من البلاد، ولا سيّما في العاصمة موسكو، احتجاجاً على إدانة نافالني. وقالت "أو في دي-إنفو"، المنظمة غير الحكومية المتخصّصة في متابعة الاحتجاجات، إنّ الغالبية الساحقة من هؤلاء الموقوفين (865 شخصاً) اعتقلوا في موسكو حيث فرّقت قوات الأمن بالقوة متظاهرين نزلوا للاحتجاج على عقوبة السجن الصادرة بحق نافالني. تنديد غربي ولم تتأخر ردود الفعل الغربية المندّدة بالحكم القضائي. ورفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الحكم الصادر بحق المعارض الروسي وطالب ب"الإفراج عنه فورا". وكتب ماكرون على تويتر أن "ادانة اليكسي نافالني مرفوضة. الخلاف السياسي لم يكن يوما جريمة. ندعو الى الافراج عنه فورا. إن احترام الحقوق الانسانية على غرار الحرية الديموقراطية غير قابل للتفاوض". ولاحقا، أعاد ماكرون نشر التغريدة نفسها بالروسية. ويتقاطع موقفه مع مواقف قادة اوروبيين آخرين طالبوا بالافراج الفوري عن نافالني بعد إدانته أمام محكمة في موسكو. ويتوقع أن يحمل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل هذا الموقف الى روسيا التي يصل اليها مساء الخميس في زيارة تستمر يومين حتى السادس من شباط/فبراير. بدورها طالبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بالإفراج فوراً عن نافالني ووضع حدّ لقمع التظاهرات التي تنظمها المعارضة الروسية. وكتبت المستشارة في رسالة على تويتر نشرها المتحدث باسمها شتيفن سايبرت أنّ "الحكم بحق اليكسي نافالني بعيد جداً من قواعد دولة القانون. ينبغي الإفراج عن نافالني فوراً. إنّ العنف ضد متظاهرين سلميين يجب أن يتوقف". كما طالبت بريطانيا ب"الإفراج فوراً ومن دون شروط" عن نافالني، مندّدة بالقرار القضائي "الجبان" و"المنحرف". وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في تغريدة على تويتر إنّ "قرار أليكسي نافالني بالعودة إلى روسيا بعد تسميمه كان حقّاً عملاً شجاعاً ونزيهاً". وأضاف أنّ "القرار الذي أصدرته المحكمة اليوم هو جبن محض ولا يستوفي أبسط معايير العدالة"، مشدّداً على وجوب "إطلاق سراح خصم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الفور". وتخلى مجلس الأمن الدولي عن مساع لعقد اجتماع غير رسمي هذا الاسبوع حول قضية نافالني، وفق ما أعلن مسؤولون الثلاثاء. تحقيقات في إطار مكافحة الفساد وفيما لم يتولّ أي منصب رسمي بالانتخاب، عُرف نافالني بتحقيقه في قضايا فساد وبكشف نمط حياة نخبة الأثرياء الروس. بعد يومين من توقيفه الشهر الماضي، نشر فريقه تحقيقا استقصائيا لعقار فخم مطل على البحر قال نافالني إنه مُنح لبوتين ضمن مشروع بمليار دولار موله مقربون منه على رأس مؤسسات حكومية. ونشر التقرير مرفقا بفيديو على يوتيوب حصل على أكثر من 100 مليون مشاهدة. ونفى بوتين أن يكون هو مالك العقار، والأسبوع الماضي قال رجل أعمال ملياردير مقرب منه، هو أركداي روتنبرغ إنه مالك العقار مؤكدا أنه يقوم بتحويله فندقا.