عدوان حكام الجزائر على المملكة ليس بدون أهداف. صحيح هو عدوان عبثي… وفي الاتجاه الخاطئ. عدوانٌ لا مُسَوِّغ له. مرفوضٌ ومُدانٌ، في الدنيا ويومَ تَشْخَصُ فيه الأبصار . لقد أغلقوا الحدود البريّة منذ صيف 1994، واشترطوا لفَتحِها إعتذاراً رسمياً من المغرب في قضية تفجير فندق أطلس أسني (24/10/1994) بمراكش وفرض التأشيرة على الجزائريين… طبعاً حكامُ الجزائر لم يطلبوا اعتذاراً من فرنسا التي قتلت مليوناً ونصف مليون من الجزائريين في حرب التحرير، ولا أغلقت في وجهها الحدود. لكنهم فعلوها في وجه ذوي القرْبى. هذا وقد تبيَّن بالملموس أنهم هم المتضررون الأوائل من هذا الإغلاق وخصوصاً مناطق تلمسان ووهران… أمّا الضرر الإنساني البليغ المتمثل في قطع الرحم فهو جريمة إنسانية بشعة في حقّ الشعبين الشقيقين كِلَيْهِما. ومن الأهداف الأساسية تلك التي تتمثل في تلهية الشعب الجزائري وصرف نظره عن مشاكله الحقيقية الداخلية . بوتفليقة المعدوم شكل مشكلة، بحيث أعطى اليقين في أن الجزائر دولة بدون رئيس، وأن الحكام الفعليين قومٌ آخرون. ثم نُظِّمت انتخاباتٌ مهزلةٌ بكل المقاييس… فتركت آثارها السلبية على الشعب. والحراك الشعبي الوهّاج قضَّ مضجع الجنرالات وأرعبهم وأرهبهم… فوجودوا في الجائحة طوق نجاة مؤقت…كوفيد 19 الذي لا قِبل للمنظومة الصحية المتهالكة به. فمع كونه طوقَ نجاة كما ذكرتُ، فإنه معضلة شائكة أيضاً تعمِّق الهمّ والغمّ وتضاعف المنغِّصات… وجاءت إصابة الرئيس بكورونا لتؤثث المشهد البئيس ويزداد هذا المشهد بؤساً عند علاج الرئيس في ألمانيا وليس في بلاده… ليقدم الصورة الحقيقية لدولة نفطية ليس لها سرير واحد في مستوى معالجة "فخامة" الرئيس. ثم هناك مشاكل مخيمات الصحراويين التي لا تنتهي. وهناك الانتصارات الدبلوماسية للمغرب التي تُحْدث لهم من الغضب والحرج ما لا يُطاق. الفقر المُستشْرِي الذي لا يزيد إلا انتشاراً واستِشْراءً… معضلةٌ من التيار الثقيل. قضايا الفساد قد توَطّنت واستوطنت وأصبحت من الروتين اليومي المتجدد…. أزمة الثقة بين المواطنين وحكامهم مستفحلة إلى حدّ بعيد… بل أزمة الثقة بين الحكام أنفسهم واصطفافات مع هذا الجنرال أو ذاك لا تخطئها العين… صراع على النفوذ مع تذبذب في القرارات وتجاذبات… الاستدانة من صندوق النقد الدولي وغيره لتخفيف ضغوط النفقات المتزايدة وإعطاء ضمانات التسديد من ثروة البلاد النفطية… انخفاض قيمة الدينار الجزائري بشكل مخيف وتأثيرات ذلك على الاقتصاد الوطني المتهالك . وهكذا يتناوب الحكام على نهب الثروة وعلى حَبْك الأكاذيب والوعود الفارغة… لهذا وذاك… كان لا بد من تعليق هذه المفاسد والإخفاقات والمشاكل على شماعة افتعال العدوان وممارسته على المملكة المغربية. جبهة البوليساريو أداة مفضوحة لتغطية المصائب الداخلية. والتلويح بالحرب على الأشقاء مع تهييج الروح الوطنية المهترئة … كل ذلك للحيلولة دون انهيار النظام فجأة. * رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ