عجبا لما أصبح عليه الانسان في زمننا هذا، يتخلى على الاخلاق والخصال الحميدة، الواحدة تلوى الأخرى، فبعدما وعلى مدى عقود من الزمن الأصيل كان إذا وعد الكريم وفى ولا يرتاح ولا يهنأ له بال حتى بتم وعده، أصبح الاخلال بالوعد سمة تطغى على غالبية المجتمع، مجرد اقوال جوفاء منمقة ومعسولة بعيدة عن الوفاء والالتزام والمسؤولية، بغض النظر عن النتائج واضرارها التي يمكن ان تسبب للطرف الذي تخلي عنه من جراء ذلك. فالوفاء بالوعد والعهد قاعدةً لبناء حياة فردية وجماعية متضامنة على أسس الصدق والثقة. كما قال أبو فراس الحمداني : وَمَن ذا الَّذي يَبقى عَلى العَهدِ إِنَّهُم وَإِن كَثُرَت دَعواهُمُ لَقَليلُ أُقَلِّبُ طَرفي لا أَرى غَيرَ صاحِبٍ يَميلُ مَعَ النَعماءِ حَيثُ تَميلُ وَكُلُّ زَمانٍ بِالكِرامِ بَخيلُ الوفاء لغةً هو الخلق الشريف العالي الرفيع العظيم الدال على التمام والإكمال، فهو كل ما التزم به الإنسان تجاه الله وكل الناس. فيتحلى الإنسان بالوفاء تعلو مكانته بين الناس فهو صفات الصالحين ودليل الاستقامة، وبهي يتنامى شعور الثقة بين الأشخاص، وبه تنسج روابط التعاون بين أفراد المجتمع. فمن وعد وجب عليه احترام وعده والوفاء به، لأنه أصل كرامته وسعادته. فالوفاء صدق في القول مقرون بالفعل وبه تسمو النفس الادمية لأعلى الفضائل والقيم السامية، ومن لم يتصف بالوفاء بالوعد فقد خرج من مفهوم الإنسانية. ففي الوفاء بالوعد بناءٌ للأمم من خلال تربية الأجيال على الأخلاق السامية، والقيم الرفيعة العالية، وعدم الوعد الا بما يمكن الالتزام به بدون مجاملة أحد حتى لا يتسبب له في مضرة غير محسوبة العواقب. وفي النهاية فإنه يتعين على كل فرد أن يلتزم بوعوده والتزاماته، على اعتبار أن الله ورسوله هو المثل الاعلى له، ويجب عليه الاقتداء به، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معروف بالوفاء بالعهد حتى مع الكفار والأعداء، لذا وجب علينا الوفاء بالعهود والالتزامات.