في 12 يونيو من كل سنة، تحيي منظمة العمل الدولية، اليوم العالمي لمحاربة ومكافحة تشغيل الأطفال، الذي دئبت عليه منذ عام 2002 ، تحت اشراف ورعاية الأممالمتحدة. حسب بعض إحصائيات اليونيسف، هناك ما يزيد عن 168 مليون طفل عامل عبر العالم، يمتهنون حرفا مختلفة وتهم جميع القطاعات تقريبًا، وذلك راجع لأسباب اقتصادية واجتماعية بالخصوص. وقبل الخوض في تفاصيل هذا الموضوع، لا بأس من وضع بعض التعاريف للطفل والطفولة، بالنظر الى العلم والمواثيق الدولية. فبالنسبة للاتفاقيَّة الدوليَّة لحقوق الطفلِ، الطفل هو إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه في بلده الأصلي. كما أنها عرفت الطفولة بأنها مرحلة يعتمد فيها الإنسان على تحمل مسؤوليةالحياة على الأبوين في إشباع حاجاته العضوية وعلى المدرسة في الرعاية للحياة. أما حسب علم الاجتماع فالطفولة هي مرحلة من الميلاد حتى النضج الفسيولوجي والعقلي والنفسي والاجتماعي والخلقي والروحي للطفل، بحيث يصبح كائنا اجتماعيا، فيكوين علاقات اجتماعية تكون مجالا للعب وتبادل الواقع والخيال، كما أنه خلال هذه المرحلة يقوم بتعلم مجموعة من القيم الأخلاقية والاجتماعية. باختصار شديد، تشكل الطفولة اللبنة الأولى في تكوين ونمو الشخصية وهي مرحلة كذلك اساسية للتوجيه التربوي. وعليه فالمكان الطبيعي والمنطقي لكل طفل هو أولا صفوفالمدرسة من أجل العلم والمعرفة وهو حق أساسي. ثانيا الى فضاءات مخصصة للهو واللعب وتفجير طاقاته ومواهبه، وأخيرا فهو في حاجة الى محيط وبيئة سليمين، يحظى وينعم فيهما بحقهبأن يكو ن مجرد طفل، تحت رعاية وحب والديه والاقارب ... تأتي ظاهرة تشغيل الأطفال لتكسر هذه القاعدة. وهذه الظاهرة تنشأ مع الأسف، بالخصوص داخل المجتمعات الضعيفةوالهشة، التي تعاني من الفقر والبطالة والأمية، والتي تعاني من ضعف في البنية التحتية وللحماية الاجتماعية. عمل الأطفال يمكن ان يأخذ اشكالا عديدة، كالعمل في البيئات الخطيرة أو الرق المقنع، السخرة والخدمة في المنازل، التسول، الاتجار بالمخدرات والبغاء، فضلاً عن إقحامهم في نزاعات مسلحة. يهدف اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال، صرخة مدوية من شأنها تحسيس كل المجتمعات والدول، بهيآتها ومؤسساتها، بأهمية تحسين طرق العيش الكريم والمستدام للأطفالومساعدتهم في الحفاظ على براءتهم، فضلا عن تبني سياسة تشمل كل القطاعات، طبقا الغاية السابعة من الهدف الثامن(8.7) من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة والتي تنص على ❞اتخاذ تدابير فورية وفعالة للقضاء على السخرة وإنهاءالرق المعاصر والاتجار بالبشر لضمان حظر واستئصال أسوأ أشكال عمل الأطفال، بما في ذلك تجنيدهم واستخدامهم كجنود، وإنهاء عمل الأطفال بجميع أشكاله بحلول عام 2025. ❝ . ويعتبر المغرب عضوا فعالا داخل هذا التحالف الدولي (8.7)، بحيث تم اختياره كبلد رائد في مجال القضاء على تشغيل الأطفال وكذلك جميع أشكال الاستغلال الاقتصادي لهم في أفق سنة 2025. من خلال اختلاف برامجه التي وضعت لمعالجة هذا الموضوع، في إطار مقاربة تشاركية ما بين القطاعات الوزارية، والمؤسسات العمومية المعنية، والشركاء الاجتماعيين، وبعض جمعيات المجتمع المدني المشتغلة في هذا المجال. و تجسيدا لما سبق، تجدر الإشارة الى أن أشواطا كبيرة قطعت في هذا الباب، إضافة الى العديد من الاوراش مفتوحة، نذكر من بينها : مساهمة وزارة الشغل والإدماج المهني في هذا الموضوع، بواسطةتفعيل القانون رقم 12-19 المحدد لشروط شغل وتشغيل عاملات وعمال المنازل، ومواكبته بدورات تكوينية لفائدة أعوان تفتيش الشغل وحملات تحسيسية لفائدة الفاعلين في المجال. بالإضافة الى العمل على تتبع وتدبير ملف تشغيل الأطفال من خلال مؤسسة مفتشي الشغل على مستوى مختلف المصالح اللامركزيةللوزارة، وعقد شراكات بينها والمجتمع المدني من أجل اهداف مسطرة، كالقيام بحملات وقاية وتحسيس بخطورة الظاهرة، انتشال الأطفال وإعادة إدماجهم في أسلاك التعليم أو مراكز التكوين المهني، والمساهمة في محاربة الهدر المدرسي، وقديم بدائل لفائدة أسر هؤلاء الأطفال. من جانبه، المرصد الوطني لحقوق الطفل، وفي إطار استراتيجية عمله الهادفة لحماية الأطفال من جميع أنواع العنف والاستغلال والإهمال، وضع رهن اشارة الكل، فنوات للتواصل بهدف الإشعار والتبليغ عن الشكاوى والتظلم لفائدة الأطفال ضحايا العنف والاستغلال، التي تكتسي طابع السرية. بدورها وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، قامت بخطوات إيجابية في هذه القضية، بمبادرات خاصة أو بموجب شراكات مع كل الفاعلين في هذا المجال، من قطاعات حكومية أو مجتمع مدني.