حالة الطوارئ ستستمر لفترة أطول قد تمتد إلى نهاية السنة، لكن الحجر المنزلي يمكن رفعه تدريجيا، الوضع اليوم يثبت أن هناك خلاف داخل الحكومة على ثلاث مستويات، أمني، اقتصادي، صحي… وكل طرف يدافع عن وجهة نظره انطلاقا من مسؤوليته على الأرض، وزارة الداخلية هي أكثر احتكاكا بالشارع وتعرف أن الضغط على المواطنين بلغ مداه الأقصى وقد يتطور الأمر إذا كان هناك تمديد، إلى مواجهات وانفلات أمني خاصة بالنسبة لجزء كبير من العاملين في القطاع غير المهيكل، كما أن رجال ونساء السلطة، الدرك الملكي، الأمن الوطني والقوات المساعدة تم استنزافهم طيلة ثلاثة أشهر وبالتالي فإن دفعهم مرة أخرى لمواجهة جديدة مع مواطنين غاضبين قد يؤدي إلى حوادث مؤلمة قد تتحول إلى كرة ثلج قد تكبر بالنظر لتعقيد الوضعية الاجتماعية والاقتصادية نتيجة شهور الحجر الطويلة وما تسببت فيه من فقدان كثير من الأسر لمواردها، لهذا فإن المنظور الأمني سيدعم رفع الحجر الصحي والتخفيف من إجراءات الطوارئ. وجهة النظر الثانية لها بعد اقتصادي، وهي تركز على الخسائر اليومية التي يتكبدها الاقتصاد الوطني والتي قدرتها وزارة الاقتصاد والمالية بمليار درهم يوميا، وهو رقم كبير جدا بالنسبة لاقتصاد صغير بحجم الاقتصاد المغربي، لهذا فإن وجهة النظر التي تنطلق من خلفية اقتصادية ومالية تستعجل رفع حالة الحجر الصحي. وجهة النظر الثالثة هي التي تعبر عنها وزارة الصحة، وهذه بالطبع أكثر محافظة وتنطلق من الوضع الذي تعرفه جيدا، سواء تعلق الأمر بالوضعية الوبائية أو فعالية البروتوكول العلاجي أو طبيعة العرض الصحي الخاص بضحايا كوفيد_19، وخاصة الخوف من موجة ثانية من الفيروس في ظل معرفة دقيقة بالسلوك الاجتماعي للمغاربة بعد رفع الحجر المنزلي مما قد يستنزف القطاع الصحي الذي أصلا تم استنزاف أطره على مدى ثلاثة أشهر متواصلة. تقييم هذه المخاوف ومنطلقاتها وجديتها، يتطلب شجاعة سياسية لأنه في نهاية المطاف لابد من اتخاذ قرار، وبكل تأكيد الأجواء اليوم على المستوى الدولي لم تعد مساعدة على اتخاذ قرار التمديد، كما كانت مساعدة أثناء إعلان الحجر المنزلي، فالناس يتابعون الوضع على المستوى الدولي خاصة البلدان التي كانت مرجعا لنا في بعض القرارات والإجراءات، أتحدث هنا عن فرنسا، إسبانيا وإيطاليا وكيف تعود الحياة إلى مستوياتها الطبيعية، بل إن المغاربة يتابعون اليوم مظاهرات ومسيرات حول العالم وخاصة ما يحدث في الولاياتالمتحدةالأمريكية، دون نسيان بؤرة الوباء الصين التي لا تتعدى 3 أشهر في الحجر الصحي و هنا التساؤل هل المغرب سوف يمدد أطول مدة من الصين؟ كل هذا قد يعقد إمكانية تمديد الحجر الصحي، المؤسف في كل الحكاية هي أن الحكومة غير قادرة على حسم اختلاف وجهات النظر بين قطاعاتها، وهو أمر طبيعي، بما يمكن من اتخاذ القرار المناسب مبكرا وعرض التدابير والإجراءات المرافقة له في الوقت المناسب للمواطنات والمواطنين، إذ أن كل قرار سيتم اتخاذه يتطلب من المواطنين الاستعداد له ومن حقهم معرفته بفترة مناسبة ومعقولة..