تنفيذا لتوجيهات السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بوجوب الاعتناء بتقوية القدرات العلمية وتأهيل الهياكل القضائية، نظمت محكمة الاستئناف بخريبكة والمحاكم الابتدائية التابعة لها بشراكة مع مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية وإقليمخريبكة ندوة علمية وطنية في موضوع : " أملاك الجماعات السلالية في ضوء المستجدات التشريعية ورهان النتميةالمحلية" وذلك يومه الخميس 20 فبراير 2020 بالقاعة الكبرى بمقر عمالة خريبكة، بحضور السيدالرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بخريبكة والسيد الوكيل العام لديها والسيد العاملمدير مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية، والسيد عامل إقليمخريبكة وعدد كبير من المسؤولين القضائيين والقضاة والنقباء والمحامين والأساتذة الجامعيين وغيرهم من المهتمين الحقوقيين والباحثين الجامعيين وبعض السلاليين ونواب الجماعات السلالية وممثلين عن المجتمع المدني و وسائل الإعلام. ويأتي تنظيم هذه الندوة في سياق البحث عن مخططات عملية لتأهيل أراضي الجماعات السلالية ، لتصبح آلية لخدمة التنمية الاقتصادية والمجالية، تنفيذا للرسالة الملكية السامية لأمير المؤمنين الملك محمد السادس نصره الله وأيده إلى المشاركين في المناظرة الوطنية المنعقدة بتاريخ 8 و 9 دجنبر 2015 بالصخيرات حول موضوع : "السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية واجتماعية"، ووفقا للتوجيهات السامية لجلالته الواردة في خطابه بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة للبرلمان وكذا خطابه السامي ليوم 20 غشت بمناسبة الذكرى السادسة والستينلثورة الملك والشعب والتي أكدت في مضامينهاعلى ضرورة الانكباب على الإصلاحات التشريعية المرتبطة بأملاك الجماعات السلالية وتعبئة الأراضي الفلاحية لإنجاز مشاريع استثمارية في المجال القروي انسجاما مع النموذج التنموي الجديد الذي دعى إليه جلالتهنصره الله وأيده. وقد استهلت أشغال الندوة بجلسة افتتاحية أكد خلالها السيد منير المنتصر بالله الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بخريبكة بأن هذه التظاهرة العلمية تلامسوجها من أوجه التعاون المؤسساتي والعلمي بين السلطتين القضائية والتنفيذية بشكل يقرب المسافات ويوحد الرؤوى في فهم النصوص القانونية الجديدة المنظمة للأراضي السلالية وبيان مضامينها من خلال استحضار الأعمال التحضيرية والمناقشات الموازية والتوجهات القضائية ذات الصلة. مضيفا بان هذه الندوة هي فرصة للتعريف بالمستجدات وطرح التساؤلات والبحث عن الحلول وطرح التوصيات بالشكل الذي يضمن وحدة المنطلقات ويفصح عن نطاق الغايات سواء من جانب السلطة الإدارية أو من طرف السلطة القضائية. وفي كلمة للسيد عبد السلام أعدجوالوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بخريبكة أفاد بأن تنظيم هذه الندوة يأتي في سياق رغبة الجهات المنظمة بصفتها معنية بصفة مباشرة في وضع الآليات التنظيمية والتدبيرية بالتعريف بالمداخل القانونية الضامنة للتطبيق السليم وللتنزيل الصحيح للمستجدات التشريعية. وأضاف في معرض كلمته بأن النيابة العامة تلعب دورا محوريا في الحفاظ على الأملاك السلالية وذلك من خلال التطبيق الصارم للمستجدات الزجرية التي يتضمنها القانون 62.17 تنفيذا لدورية السيد رئيس النيابة العامة عدد 52/ر ن ع المؤخة في 05/12/2019. وأكد عامل إقليمخريبكة السيد عبد الحميد الشنوري خلال كلمته الافتتاحية بأن المستجدات القانونية لأملاك الجماعات السلالية تشكل طفرة نوعية في تسيير شؤون الجماعات السلالية وأملاكها، بشكل يجعلها قادرة على المساهمة في تثمين النسيج الاقتصادي وتسهيل تعبئتهلفائدة الاستثمار الخاص، مشددا على أن تنزيل هذه القوانين يقتضي تعبئة شاملة وانخراطا جماعيا وجرأة كبيرة من أجل حسن تنفيذها وتحقيق الغايات والتحولات التي تصبو إليها.وموضحا بأن الجهود المبذولة من طرف جميع الفاعلين المحليين مكنت من خلق دينامية جديدة من أجل تعبئة الأراضي السلالية واستغلالها في مشاريع استثمارية سواء لفائدة ذوي الحقوق أو لفائدة المستثمرين الخواص حيث تمت تعبئة وتحديد 3.480 هكتار من أجل فتحها أمام الاستثمار في المجال الفلاحي والتي سيتم الاعلان عن طلبات العروض بشأنها خلال الأيام المقبلة. فيما أفاد السيد عبد المجيد الحنكاري العامل مدير الشؤون القروية بوزارة الداخليةبأن الدينامية التنموية التي تعرفها بلادنا جعل الأراضي المملوكة للجماعات السلالية تساهم في دعم المشاريع التنموية خاصة المحلية منها، مضيفا بأن محدودية الآليات القانونية والإكراهات العملية التي تحد من تدبيرها بكيفية ناجعة جعلت السلطة الوصية على تدبيرها تبادر إلى سن قوانين جديدة تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية واستجابة للتوصيات المنبثقة عن الحوار الوطني حول الأراضي الجماعية. وركز في كلمته على مختلف المستجدات التشريعية معتبرا بأن مصالح وزارة الداخلية بصفتها الوصية على الأراضي السلالية تتوخى من هذا الإصلاح الحفاظ على الأملاك الجماعية وتحصينها والحد من الأطماع الرامية إلى تملكها بطرق غير شرعية وجعلها أداة فاعلة في مسلسل التنمية التي يعرفها المملكة المغربية. وفي جلسة علمية ترأسها الدكتور محمد العلمي المشيشي وزير العدل السابق، تناول المتدخلون كافة الجوانب المتعلقة بالمستجدات القانونية ذات الارتباط بتدبير أملاك الجماعات السلالية لا سيما في شقها المتعلق بتحديد صفة ذوي الحقوق وبنطاق الوصاية الإدارية. كما عرجوا على التعريف بالمبادئ التوجيهية ذات الصلة بكيفية تدبير الأراضي السلالية من منطلق تنموي في ضوء مستجدات مختلف مستويات القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية. وفي جلسة علمية ثانية ترأسها الأستاذ سمير أيت أرجدال رئيس المحكمة الابتدائية بوادي زم، أوضح المتدخلون مختلف الإكراهاتوالإشكالات العملية لتي سيطرحها تنزيل المستجدات التشريعية، وذلك من خلال ملامسة مظاهر الحماية القانونية لأملاك الجماعات السلالية، والوقوف على القواعد الإجرائية والموضوعية الناظمة للمنازعات المتعلقة بها، وعلى مظاهر حمايتها الجنائية سواء من خلال المقتضيات المنصوص عليها في القانون الجنائي أو في القانون رقم 62.17 او من خلال القانون رقم 12.90 المعدل بموجب القانون 66.12، وطرح الإمكانات المتاحة لخلق الملاءمة بين مختلف النصوص المؤطرة، كما تمت الإحاطة ضمن هذا المحور بالمقتضيات المتعلقة بالتصفية القانونية لأملاك الجماعات السلالية في ضوء المستجدات القانونية المنظمة لها. وبعد مناقشات علمية مستفيضة من طرف المشاركين والحاضرين والتي انصبت على مختلف الجوانب القانونية والقضائية وما تطرحة من إشكالات واقعية وإحرائيةوموضوعية، خلصت الندوة إلى مجموعة من التوصيات نجملها فيما يلي: من حيث البعد التنموي لأملاك الجماعات السلالية: üتثمين المجدودات الكبرى لسلطات الوصاية في تكريس البعد التنموي لإدماج العقار السلالي في دينامية التنمية المستدامة, وفي وعيها بضرورة الحفاظ على نظام الأملاك الجماعية كثروة عقارية عريقة وتوفير شروط الاستقرار و الاستثمار بها. üتأهيل جميع الفاعلين في تدبير الأملاك السلالية بما ينسجم مع الأدوار الجديدة لنواب الجماعات السلالية ولممثلي السلطات المحلية، ويخدم الأهداف التنموية الكبرى تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية. üالسعي إلى تجديد عملية إحصاء أملاك الجماعات السلالية تثمينا لها وضمانا لاستمراريتها وإعداد ملفات تقنية خاصة بها وتزويد مصلحة المسح العقاري المختصة بتصاميم وقوائم ربط حدود الملك بالشبكة الجيوديزية الخاصة بكل تحديد غير مصادق عليه بشأنها. üاعتماد آليات تحفيزية لاستغلال الأراضي الجماعية في إطار التعاونيات أو الشراكات مع إعطاء الأولوية للنساء القرويات تشجيعا للمبادرة الذاتية للمساهمة في الإنتاجية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك انسجاما مع خطة العمل الخاصة بالمشاريع والأنشطة المذرة للدخل لفائدة تعاونيات ذوي الحقوق. من حيث المقاربة القانونية والقضائية: üإعادة النظر في مقتضيات المادة الاولى من المرسوم التطبيقي رقم 2.19.973 في ارتباطها بالمادة 19 بشان معايير اكتساب صفة العضوية بالجماعة السلالية وذلك بالتمييز بين شروط الانتماء وشروط الانتفاع بما ينسجم والمتغيرات الاجتماعية والديمغرافية والأعراف السائدة. üإعادة النظر في مقتضيات المادة 34 من القانون 62.17 وذلك بإضافة عبارة "مع إرجاع الحالة الى ما كانت عليه "وحذف عبارة "أوبإحدى هاتين العقوتين" الواردة في المادتين 34 و 35 من نفس القانون بما ينسجم مع بداية صياغة المادتين دون الإخلال بالعقوبة الأشد"وبما يتلاءم مع مقتضيات الفصل 570 من القانون الجنائي على سبيل المثال. üإعادة النظر في الفقرة الثانية من المادة 5 من القانون 62.17 وذلك بالإشارة بصفة صريحة على كون سلطة الوصاية تعد طرفا رئيسيا في جميع الدعاوى والإجراءات القضائية التي تمارس سواء لفائدة أو ضد الجماعة السلالية درءا لكل ارتباك في التطبيقأو اختلاف في التأويل. üتوحيد العمل القضائي على مستوى محاكم الموضوع بشأن المنازعات السلاليةانسجاما مع المستجدات التشريعية ومع التوجهات الحديثة لمحكمة النقض في تكريسافتراض الطابع الجماعي للأملاك الجماعيةوفي ضمان خصوصية الإثبات بشانها.