يعاني سكان غالبية الأرياف اليمنية من نقص في الخدمات الأساسية والتغذية، لكن الوضع يزداد سوءا في قرية “الخزنة” التابعة لبلدة “بني الحسن” بمديرية عبس الساحلية في محافظة حجة، غربي البلاد، حيث يعاني عدد كبير من سكانها من العمى المتوارث. وأصيب غالبية سكان قرية الخزنة ب”العمى الوراثي” منذ 30 عاما، حيث فشلت غالبية المستشفيات المتخصصة، وأمهر أطباء العيون في الوصول إلى تشخيص مناسب لهذا الداء، بحسب سكان بالقرية. وقال سكان محليون، إن أكثر من 40 أسرة أصيبت بالعمى في القرية، والتي يبلغ عدد سكانها 500 نسمة، وهو ما جعل بقية الأصحاء يفرضون عليهم عزلة، ويقررون منع الزواج منهم. من جانبه، قال علي الريح، أحد أبناء بلدة “بني الحسن”، التابعة إداريا لمحافظة حجة (غرب) إن “الأسر المصابة بالمرض يزيد عددها نتيجة الإنجاب، في وقت تجبر الأوضاع المادية الصعبة والفقر المدقع، السكان على المكوث في منازلهم وعدم التفكير في التخلص من المرض وعلاجه“. وأضاف الريح لوكالة الأناضول: “قبل سنوات، حضر إلى القرية أحد رجال الخير (لم يذكر اسمه)، وهو من دولة الإمارات، وأحضر معه طبيبا أجنبيا لبحث أسباب المشكلة، فوجد أنها مشكلة بالشبكية الخاصة بالعين، وتحتاج إلى عمليات بأسعار باهظة، ورغم أن هذا الرجل (فاعل الخير الإماراتي)، وعد بالتكفل بإجرائها على نفقته الشخصية، إلا أنه اختفى منذ ذلك الحين“. وتابع: “من العجيب أن المولود يخرج للحياة مبصرا، وبعد السنة السادسة من عمره يصاب بالعمى”، إلا أن أطباء يقولون إن الطفل يولد مصابا بالجينات، لكن عندما يكبر ويدخل المدرسة يكتشف المدرسون أنه لا يستطيع القراءة. وأدت إصابة حالة بإحدى الأسر التي لم يسبق أن أصيب أحد أفرادها بالعمى، الشهر الماضي، إلى بث حالة من الرعب أن يتفشى المرض أكثر مما هو عليه، في القرية عموما. وأشار على الريح إلى أنه بسبب ذلك، بدأت بعض الأسر بالتفكير جديا في مغادرة القرية. وتعاني قرية “الخزنة” الملقبة ب”قرية العميان” من عزلة في بلدة “دير الحسن”، كما تعاني كذلك من شح الموارد وانعدام الخدمات الأساسية، وعدم وجود مشاريع مياه وكهرباء، إضافة الى الوباء الذي حرم أكثر سكانها من نعمة البصر. ولا يتوفر في القرية مياه صالحة للشرب، رغم وعود منظمات خارجية، وقيادات سلطة محلية بتوفيرها لكن دون جدوى، وهو ما يضطر أهالي القرية للشرب من آبار عشوائية، قيل إنها إحدى أسباب الإصابة بمرض العمى . وقال عدد من سكان القرية لمراسل الاناضول إن بعض الجمعيات الخيرية تقوم بتقديم مواد غذائية لهم خلال شهر رمضان فقط , ويختفون باقي شهور العام. ويتزاوج المصابون بالعمى فيما بينهم، بعد قرار بقية سكان البلدة عدم تزويجهم، أو الزواج منهم، خوفا من تفشي المرض في عموم البلدة . ويؤكد الأطباء أن المرض “وراثي”، وتزداد نسبة انتشاره مع “زواج الأقارب”, محذرين من “خروج الجيل القادم أعمى بشكل كامل في هذه المنطقة، اذا استمر المصابون بالعمى في التزاوج فيما بينهم فقط، وعدم الانخراط في مجتمعات أخرى“. وقال أيمن مذكور، مدير عام مكتب وزارة الصحة في محافظة حجة، التي تتبعها القرية، إن “الأعراض تبدأ في سن الطفولة، حيث تنتشر التجمعات الصدفية في الشبكية بشكل مفرط، وبعد الانتشار الكلي للصدفيات يحدث العمى الكلي الذي لا علاج له“. وتابع مذكور في تصريحات لوكالة الأناضول أن “العلاج الجذري للظاهرة غير ممكن، هناك تدخلات جراحية تستطيع تأخير ظهور المرض لأعوام فقط، وخصوصا للحالات التي لديها مياه بيضاء أو ضمور في العصب البصري“. واعتبر المسؤول الصحي أن أهم المعالجات للظاهرة والحد منها، تكمن في “الدعم الاجتماعي، حيث يتوجب على السكان المحليين إدماجهم ببقية أعضاء المجتمع، والسماح لهم بالزواج من خارج القرية“. ولفت إلى أن “هناك اعتقادا خاطئا بأن تزويج الأعمى سيخلف أطفالا فاقدين للبصر، والأمر على العكس، حيث أن المرأة الصحيحة التي ستتزوج الأعمى لن تكون حاملة للجينات، وبالتالي ستنجب أولادا أصحاء، والحال كذلك مع الرجل الصحيح الذي سيتزوج بفتاة حاملة للجينات، سيخلف أطفال أصحاء لأنه لا يحملها“. ودعا المسؤول اليمني إلى “ضرورة التخفيف على الأشخاص المصابين بالمرض، من خلال صرف فيتامين (أ)، وإجراء عمليات جراحية للمصابين بمياه بيضاء فقط وليس الصدفية، إضافة إلى صرف النظارات الطبية والشمسية لهم”. (الاناضول)