في عدد من الأسر بالمغرب يتقدم الشاب لخطبة الفتاة التي يرغب في الارتباط بها، فيجلب معه هدية تكون ثمينة في أغلب الأحوال من أجل "رشْم" زوجة المستقبل حتى لا يأخذها غيره من الرجال، فيما يشبه العربون المادي الذي يُدفع لعائلة الفتاة من أجل حجزها للرجل الذي سيتزوجها. ويعد "الرشيم" أحد أبرز طقوس الخطبة أو التعارف قبل الزواج في المجتمع المغربي، وهو الهدية أو الهدايا الثمينة التي تتلقاها أسرة الفتاة من طرف الشاب زوج المستقبل، والتي تفيد أن الفتاة صارت محجوزة للشاب إلى أن يقام حفل الزفاف. ويتكون "الرشيم" الذي يقدم إلى أسرة الفتاة من أجل "حجزها" للزواج، سواء في مناسبة الخطبة الرسمية أو في لقاء تعارفي قبل الزواج، من مجموعة هدايا غالية الثمن، مثل دُملج ذهبي أو "سرتلة"، وهي سبع أساور من الذهب، وخاتم ذهبي يحمل جوهرة. بين القبول والرفض وتقول فرجية أنيس، شابة في نهاية عقدها الثاني، ل"العربية.نت": "إن "طقس الرشيم هو مناسبة تفرح بها أسرتا الشاب والفتاة معا"، مضيفة أن "تقديم هدية ذهبية غالية الثمن هو مجرد عربون مادي على مدى رغبة الشاب في الزواج من الفتاة". وأضافت "كلما كانت الهدية الذهبية قيمة وباهظة ارتفعت أسهم زواج الفتاة داخل عائلتها وبين معارفها وصديقاتها"، مشيرة إلى أنها حظيت برشم ذهبي من زوجها الحالي، كان عبارة عن أساور يدوية من الذهب الخالص. وبالنسبة لفوزية عماري، شابة عازبة، فإنها ترفض هذه العادة الاجتماعية، لأنها تسيء إلى كرامة الفتاة وتجعلها مثل شيء يباع ويشترى، أو يُحجز مدة زمنية في انتظار زوج المستقبل، مؤكدة أنها "سترفض الرشيم ولن تقبل إلا بالزواج دون تقديم عربون ذهبي". وبدورها، انتقدت الكاتبة سناء العاجي هذه العادة، لأنها أشبه بالعربون الذي يقدم إلى الفتاة، كأن الرجل يضع علامة عليها ليرشمها، مردفة في مقال كتبته في هذا الصدد بأن القبول بهذا "الرشم" يعني موافقة أن تكون الفتاة سلعة، مما يتناقض مع الاستقلالية والكرامة. تقدير أم تبخيس وأكدت الأخصائية السوسيولوجية، ابتسام العوفير، أن عادة "الرشم"، أو كما يسميها البعض "المْلاك"، تنتشر في مختلف الفئات الاجتماعية، وتنطبق على مختلف المستويات التعليمية أيضا، مشيرة إلى أن "الهدية الذهبية تختلف بالتالي بين الطبقات الغنية والفقيرة". وأفادت العوفير بأنه "حتى الفتيات المتعلمات والمتخرجات يوافقن أحيانا على مسألة "الرشيم"، إما لكونهن لا يجدن في ذلك حرجا لهن كنساء، أو لأنهن يخضعن في نهاية المطاف لرغبات وعادات الأسرة والمجتمع". وأوضحت العوفير أن "الرشيم" يمكن أن يُقرأ من الناحية الاجتماعية من وجهين اثنين، بحسب فهم وتأويل كل طرف، فالوجه الأول يتمثل في أن "الرشم" هو تقدير معنوي وعاطفي من طرف الشاب إزاء الفتاة، ويترجم باقتنائه هدية من ذهب. أما الوجه الثاني، فيتجلى في أنه يمكن اعتبار عادة "الرشيم" نوعا من جعل المرأة "سلعة"، والتبخيس من قيمتها، حيث تصبح الفتاة مثل سلعة يمنح المشتري للبائع عربونا من أجل أن يحفظها له، ولا يبيعها لغيره، تماما مثل أي بضاعة في السوق".