روى والله أعلم بالصدق من الكذب أن عمنا جحا كان معتاداً على تقديم الطعام إلى الحمار بالتناوب مع زوجته ، هو يطعم الحمار يوما،وهي تطعمه يوما آخر، وحدث ذات يوم من الايام أن اختلف جحا مع زوجته في دورمن يطعم الحمار ، هي تقسم بالله أن الدور دور جحا ، وهو يحلف بالله وبغيره أن الدور في إطعام الحمار دورها ، وعلا الصراخ بينهما ، واشتد النزاع فاهتدى جحا إلى حل يريح به صداع الرأس وصراعه مع زوجته ، إذ اقترح عليها أن يتوقفا عن الكلام تماما ومن يتكلم قبل الآخر يقوم بتقديم الطعام للحمار ، وبعد أن اتفقا على هذا الشرط ، التزم كلاهما الصمت لأيام طويلة إمعاناً في تنفيذ الشرط وخوفا من خرق بنوده ، وهكذا أمضى جحا أيامه وحيداً لا يتحدث إلى أحد ويكتفي بالإشارة، وكذا فعلت زوجته ، وحدث أن خرجت امرأتُه لشراء أشياء من السُّوق فغابت عنه لساعات من الزمن ،وفى أثناء غيابها ،دخل لصُ إلى الدار فرأى جحا جامداً لا يتحرك فتعجب من منظره ،وظنّه مصاباً بالشلل أو أنه ينتمي إلى فئة " صم بكم عمي " ، وأراد اللصُ أن يتأكدَ من ذلك فأخذَ عمامةَ جحا،فلم يتحرك هذا الأخير ، ولم يحتج على شىء ، ثم أخذَ حذاءه ومعطفه، فلم يتحركْ ، وحين وجده كالجثة الهامدة جرده من كل ملابسه ثم جمع كل ما يُمكن جمعه من البيت وهرَب . حين عادت زوجة عمنا جحا إلى البيت ، وألفته مسروقا ، نظرت إلى جحا نظرات غريبة ثم سألته عن متاع البيت وعن سبب جلوسه عريانا ، وقبل أن تكمل سيل أسئلتها ،تبسم في وجهها ثم قال لها : ربحتك ، والله حتى ربحتك ، أنتِ الأولى اللي بديتي الكلام ، يا الله سيري وكلّي الحمار . لو أسقطنا هذه القصة على واقعنا لوجدناها تنطبق عليه بشكل كبير ، ذلك أن التماسيح والعفاريت ، جردوا هذا الوطن من كل شيئ ، ونهبوامنه كل شيئ ، وما تركوا لنا أي شيئ ، إذ جعلوا من شعار " لنا ما فوق الأرض وما تحتها وما يتنزل من خير من السماء " سياسة ومنهاجا ، فأفقروا البلاد ومصوا دم العباد وجيوبهم ، والأدهى والأمر أن من صوت عليه جزء من هذا الشعب ليقف في وجه الفساد والمفسدين التزم الصمت هو الآخر ،وحين سئل عن الفساد والمفسدين ذات مرة أجاب ب " عفا الله عما سلف " ، وها هو اليوم يلتزم الصمت أمام لصوص آخرين أظرفهم يا الله كايخسر أو كاتخسر 40 مليون فالشهر ديال الشكلاط من ميزانية الدولة . صمت الشعب يا سادة قد يفسر وقد يبرر ، لكن صمت الحكومة على اللصوص الجدد والقدامى هو إطعام مع سبق المنة والفضل والتسامح لثلة التماسيح والعفاريت وهو في ذات الوقت استحمار وإفقاروتعرية لشعب مل من أن يجسد دور جحا العريان مع كل حكومة جديدة . بقلم : محمد ملوك