اصبح الطريق مفتوحا أمام الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والمقربين منه من أجل تنطيم خلافته بعد سيطرتهم بشكل كامل على الجيش والمخابرات اثر اقالة الجنرال توفيق، الرجل القوي الذي قاد الجهاز طيلة 25 عاما. وغداة انهاء مهام الفريق محمد مدين المعروف بالجنرال توفيق كتبت صحيفة (لوكوتيديان دورون) ان الجزائريين “لا يعرفون ان كانت السلطة ستغير معسكرها قريبا” لكن “الاكيد ان مرحلة ما بعد بوتفليقة ليست بعيدة حتى وان كان معسكره وعلى راسهم شقيقه الاصغر السعيد يسيطر حاليا على كل مقاليد الحكم” في غياب من كان يوصف ب”سيد الجزائر”. وتؤشر الحلقة الاخيرة في تنظيم دائرة الاستعلام والامن بعد ربع قرن من قيادة الجنرال توفيق الى “نهاية المرحلة الاولى” من سيطرة بوتفليقة على الجيش والمخابرات التي تعد “المتحكم الفعلي في السلطة” بينما الرئاسة والحكومة ليستا سوى واجهة، بحسب الخبير السياسي رشيد غريم. وتابع غريم ان بوتفليقة “اصبح وحده في الساحة” بعد 16 عاما في الحكم، وهو “بصدد المرور الى المرحلة الثانية، اي خلافة” الرئيس المنهك بفعل المرض منذ اصابته بجلطة دماغية في 2013 اقعدته على كرسي متحرك. وبرأي الخبير فان بوتفليقة “يحضر نفسه لترك السلطة مع اشرافه على خلافته” من خلال “سيناريو محكم هو الان بصدد تنفيذه يتضمن تحويل جهاز المخابرات الى قوقعة خاوية” منذ 2013 بعد نزع صلاحيات واسعة منه واسنادها الى رئيس اركان الجيش الفريق قايد صالح الذي عينه بوتفليقة بعد اقالة الفريق محمد العماري في 2004 لانه وقف ضد الولاية الثانية لرئيس الجمهورية. وبالنسبة لصحيفة (لوكوتيديان دورون) فان عملية اعادة هيكلة المخابرات ادت الى تجريد مديرها من “قوته التهديدية”. لكن هذه التغييرات تثير تساؤلات حول هوية من يقف وراءها.فهل هو بوتفليقة رغم معاناته من المرض؟ ام احد المقربين في ظل شائعات حول ما يتمتع به شقيقه السعيد مستشاره الخاص من صلاحيات واسعة حتى قيل انه الرئيس العتيد. ويقول موطف سابق في رئاسة الجمهورية فضل عدم كشف هويته، ان “بوتفليقة يستمع للنصائح لكنه يقرر وحده لان لا احد يعرف مفاصل السلطة مثله”. وفي الاتجاه ذاته، اوضح رشيد غريم ان “هناك بعض الميكيافيلية في الترتيبات لكن السعيد ليس لديه هذا الفكر حتى وان كان الرئيس يستمع لنصائحه”. واضاف ان اقالة الجنرال توفيق “لم تكن قرارا ارتجاليا انما نتيجة مسار طويل بدا منذ وصول بوتفليقة الى السلطة” في 1999. وحينها، كان بوتفليقة حذر من انه “لن يكون ثلاثة ارباع رئيس″ ردا على سؤال حول “خطوط حمراء” رسمها الجنرالات الذين اوصلوه الى السلطة بعد استقالة الرئيس اليمين زروال. وتابع غريم ان “بوتفليقة ليس بورقيبة (الرئيس التونسي الاسبق الذي اطاح به زين العابدين بن على في 1987). لقد وضع مخططا منذ فترة طويلة واليوم نشعر ان الهدف النهائي هو خلافته”. لكن الخبير لا يعتقد بامكانية ترشح شقيق الرئيس، مشيرا إلى أن “بوتفليقة يريد فقط ان يضمن حماية اقاربه من اي تصفية حسابات” بعد رحيله. وسبق ان أكد بوتفليقة في تموز/ يوليو انه يتمنى ان ينهي ولايته الرابعة التي تستمر حتى 2019. وقبلها بشهر خرج مدير ديوان الرئاسة الرجل القوي في السلطة احمد اويحيى لينفي اي طموح للسعيد بوتفليقة لتقلد منصب رئيس الجمهورية. وقال آنذاك “من يعرف السعيد من قريب او من بعيد يدرك دون ادنى شك انه لا يلعب في هذا الاتجاه. الجزائر ليست مصر”، في اشارة الى الحديث عن توريث الحكم بين الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك وابنه جمال قبل “ثورة يناير” 2011.