في إحدى قاعات الفرح بمدينة غزة، تجلس العروس، سلوى رزق وحيدة على مقعدٍ أحاطت به الزهور، بعد أن طلّت بفستانها الأبيض، دون أن يكون إلى جانبها عريسها المقيم في دولة قطر. كل شيء في المكان بدا بشكل مثالي، لإحياء حفل الزفاف، والاحتفال بعرس غمرته الأضواء والزينة، إلا أن الإغلاق المتكرر لمعبر رفح البري الحدودي مع مصر، حرم سلوى (24 عاما)، من أن تٌزف برفقة شريك عمرها. وبعد عام على خطوبتها من ابن عمها (خالد 29 عاما)، اضطرت عائلة الفتاة إلى إقامة حفل الزفاف دون العريس، بعد أن أتما مراسم الزواج في المحكمة الشرعية بغزة، عن طريق الوكالة. تقول سميرة (49 عاماً)، والدة العروس، إنها تشعر بالحزن لتزويج ابنتها بهذه الطريقة، غير أن الانتظار الطويل، وتعذر وصول العريس إلى غزة، دفع الأسرة إلى اتخاذ هذا القرار. في داخل قاعة الفرح، وضعت عائلة رزق شاشة عرض كبيرة، شاهد من خلالها المدعوون صوراً للعريس الغائب، واستخدمت العروس برنامج “سكايب” على الإنترنت، ليرى خالد لقطات العُرس الغائبة عنه. وفي الآونة الأخيرة، بدأت مشاهد إقامة حفل الزفاف دون العريس”، تنتشر في غزة، جراء إغلاق معبر رفح البري، المنفذ الوحيد لسكان القطاع (1.9 مليون شخص) على الخارج. وتغلق السلطات المصرية، معبر رفح، بشكل شبه كامل، منذ تموز/يوليو 2013، وتفتحه فقط لسفر الحالات الإنسانية، وتقول إن فتح المعبر “مرهون باستتباب الوضع الأمني في محافظة شمال سيناء”. ويقول حسن الجوجو، رئيس المحكمة الشرعية العليا في قطاع غزة، إن المحكمة شهدت حالات لفسخ عقد الزواج، بسبب الحصار. وأضاف: “الحصار أثّر على كافة مناحي الحياة، ووصل إلى الخصوصيات، والمحكمة شهدت عدداً من حالات فسخ عقد النكاح ( لا توجد حتى اللحظة أية إحصائيات)، بسبب تعذر وصول أحد العريسين إلى الآخر، وطيلة مدة الخطوبة”. كما وانتشرت في المحكمة، بحسب الجوجو، حالات عديدة للزواج بالوكالة، مضيفاً:” يقيم كثير من الأهالي زفافاً لبناتهنّ، دون انتظار العريس، ويتم ذلك عن طريق توكيل شخص يقوم بتزويج الفتاة، وطبعاً هذا جائز شرعاً”. ويرى المسؤول نفسه، أن الحصار المفروض على قطاع غزة خلف آثاراً نفسية هائلة، تتكشف مأساتها وفق قوله يوماً بعد آخر. ومنذ أن فازت حركة حماس التي تعتبرها إسرائيل “منظمة إرهابية”، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير/ كانون الثاني 2006، تفرض تل أبيب حصارًا بريا وبحرياً على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في يونيو/ حزيران من العام التالي.