تمكن مهاجر سوداني من المشي تحت بحر المانش الفاصل بين فرنسا وبريطانيا، وقام بعبور مذهل قطع خلاله أكثر من 50 كيلومتراً على قدميه، في أول تسلل ناجح عبر ثاني الأنفاق طولاً تحت الماء بالعالم، وهو “يوروتانل” المعروف باسم “نفق المانش” الذي دشنوه في 1994 لنقل الركاب والبضائع بقطارات تقطع المسافة من باريس إلى لندن بساعتين و25 دقيقة، منها 20 تصرفها لتعبر النفق الشهير. أما عبدالرحمن هارون فقطعه بيوم كامل محفوف بمخاطر متنوعة، وفي نهايته وجد ما لم يكن بالحسبان. الخبر البائس عن هارون منتشر في معظم وسائل الإعلام اليوم الجمعة بالعالم، لأنه قام بما لم يسبقه إليه سواه، وفق تفاصيل بوسائل إعلام بريطانية وغيرها من التي أجمعت على أنه اخترق أرقى الحواجز وأنظمة الرصد والتفتيش، ومر بأكثر من 400 كاميرا مراقبة في رحلته داخل نفق مظلم، كان جسمه قريباً في بعض أماكنه 90 سنتيمتراً من قطارات مرت إلى جانبه بسرعة تزيد عن 160 كيلومتراً طوال عبوره تحت الماء من مدينة “كاليه” الفرنسية إلى جارتها “فولكستون” بإنجلترا. ووفقا لموقع العربية نت هناك، وقبل وصوله إلى ضاحية من “فولكستون” تظهر فيها القطارات إلى الضوء حين تخرج من تحت بحر المانش، اعتقلوه في نقطة داخل النفق قريبة أقل من 900 متر من نهايته، التي لو كان يأمل بالخروج منها، ليطلب حق “اللجوء الإنساني” من سلطات المدينة الواقعة بمقاطعة Kent البعيدة 65 كيلومتراً فقط عن لندن، حيث كان يحلم بالعيش والعمل، لكن هارون البالغ عمره 40 سنة أصبح بلا حظ ولا نصيب تقريباً بالحصول بعد اعتقاله على ما خطط له وما كان يحلم به وينويه. شرطة المقاطعة أصدرت بياناً قالت فيه إنها تحقق بعبوره في السابعة والنصف صباح الثلاثاء الماضي من فرنسا إلى حين وصل في السادسة والربع بعد ظهر ذلك اليوم، وهو ما لم يصل صداه إلى وسائل الإعلام إلا حين مثل هارون “عبر الفيديو” بمساعدة مترجم أمس الخميس أمام قاض بتهمة التسلل، وإعاقة حركة القطارات، وعقوبتها السجن ثم الطرد، وهو ما سيبلغونه به خلال مثول ثان له أمام قاض آخر في 24 أغسطس الجاري، مع إمكانية منحه اللجوء فيما لو أثبت أن طرده قد يعرض حياته للخطر، كحكم مبرم بالإعدام ينتظره في السودان مثلاً. تقريباً 90 سنتيمتراً فقط من قطارات تمر بسرعة 160 كيلومتراً، مشى هارون 11 ساعة وسط 50 درجة مئوية مشى في الظلام 11 ساعة وسط حرارة درجتها 50 مئوية وفي رحلته تحمل هارون درجات حرارة عالية جداً، وواجه من حيث لا يدري إمكانية ملامسته لأسلاك كهربائية، توترها عال بمئات الفولتات وكافية لقتله مصعوقاً في الحال “أو حتى التعرض للصعق الصوتي من ضجيج القطارات الهائل” داخل النفق المعتبر الرقم 11 لجهة الطول بين أنفاق العالم. والمعروف عن “نفق المانش” الذي بنوه في 6 سنوات بتكاليف تعادل اليوم 20 ملياراً من الدولارات، أنه الثاني طولاً تحت البحر بعد “سيكان” الأطول منه في اليابان بأقل من 3 كيلومترات، وفق ما طالعت “العربية.نت” عنه بموقع “يوروتانل”، وفيه أنه الأطول عالمياً بالكيلومترات تحت الماء. والنفق هو شبكة من 3 أنفاق، بعيد كل منها 30 متراً عن الآخر، وفي أحدها المخصص للقطارات تم اعتقال هارون الذي عبره مشياً وسط حر شديد واختناق معدله في أغسطس 50 درجة مئوية، باعتبار أن في بعض الأماكن داخله نظاما للتهوية يخفف بعض الشيء من الحرارة التي يتسبب بارتفاعها مرور القطارات فيه، واحداً بعد الآخر. أما معدل عمقه تحت المانش فهو 50 والأعمق 70 متراً، وهذا كله مر به هارون من دون أن يراه بوضوح، لأن داخل النفق شبه مظلم تماماً. وكانت السلطات الفرنسية أعلنت في اليوم الذي اختفى فيه هارون داخل النفق، أن 600 مهاجر غير شرعي حاولوا عبور Eurotunnel تسللاً في الشهرين الماضيين إلى وجهتهم ببريطانيا، إلا أنهم فشلوا جميعهم، ومات منهم 9 حتى الآن، منهم سوداني آخر وجدوه ميتاً في 29 يوليو الماضي، ووحده هارون نجح بعبور “المانش” من أسفله، مشياً ولأول مرة بالتاريخ.