افتتح الملك محمد السادس رفقة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، في الحي الحسني بمدينة الدارالبيضاء، والذي نفذته مؤسسة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية. ويعد هذا المشفى معلمة طبية بعد مستشفى الشيخ زايد بالعاصمة الرباط. وحضر الافتتاح عدد كبير من الشخصيات الإماراتية. وفضلا عن العلاجات الطبية سيقدم المستشفى خدمات في تكوين الأطباء وتطوير الأبحاث العلمية ذات العلاقة بالمجال الطبي.
تم فتح المستشفى والمرافق التابعة له، بعد مصادقة المجلس الحكومي في اجتماعه المنعقد يوم 17 أبريل من السنة الماضية، على مشروعي قانونين تقدم بهما الحسين الوردي، وزير الصحة، يتعلق النص الأول بمشروع قانون رقم 14-28 بتغيير وتتميم الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون رقم 228-93-1، الصادر في 22 من ربيع الأول 1414 الموافق ل10 شتنبر 1993 بإنشاء مؤسسة الشيخ زايد بن سلطان، أما النص الثاني فيهم مشروع قانون رقم 14-29 بتغيير وتتميم القانون رقم 07-12، المنشأة بموجبه مؤسسة الشيخ خليفة بن زايد. ويهدف هذان القانونان إلى تمكين هاتين المؤسستين من الإسهام في تطوير التعليم العالي والبحث العلمي في مجال علوم الصحة، وذلك عن طريق إنشاء مؤسسات للتعليم العالي والبحث العلمي في المجال الصحي وشبه الصحي، وإنشاء مراكز للتكوين أو البحث أو هما معا في مجال الصحة، وتشجيع أعمال البحث في الميدانين الطبي والبيوطبي والمشاركة فيها، كما يروم هذان القانونان تمكين هاتين المؤسستين من القيام بالدور الاجتماعي الذي أنشئتا من أجله، من خلال المساهمة في تحمل مصاريف علاج الأشخاص في وضعية صعبة، والقيام بأي عمل له طابع اجتماعي أو خيري لفائدة الأشخاص المعوزين، انسجاما مع الأهداف الإنسانية والاجتماعية التي تسعيان إلى تحقيقها. ومن بين الأهداف المسطرة لهذا المشروع الطبي الذي تم بناؤه على مساحة 65 ألف متر مربع، تلبية حاجات الشعوب المغاربية والإفريقية إلى العلاجات الدقيقة والجد متقدمة. ومن بين مميزات المشروع، اعتماده على نظرة مستقبلية للتطورات التي ستعرفها الممارسات الطبية. فخدمة الاستشفاء لن تقتصر مستقبلا على المرضى الذين تستدعي حالتهم مراقبة دقيقة أو سلسلة من العلاجات المستمرة، بل ستطال أيضا الحالات التي تحتاج إلى الخضوع للتدخلات العلاجية الأكثر شيوعا كالفحوصات الطبية مثلا، هذه الحالات ستستفيد من خدمة الاستشفاء اليومي. وأوضح وزير الصحة، الحسين الوردي، في تصريح سابق ل«الأخبار»، أن القانون الذي صادق عليه البرلمان، والمتعلق بمؤسستي الشيخ زايد بالرباط، والشيخ خليفة بالدارالبيضاء، تمت إضافة ثلاثة تعديلات إلى القانونين المنظمين لهاتين المؤسستين، تتعلق النقطة الأولى بتطوير البحث العلمي والتعليم العالي في المجال الطبي وشبه الطبي، والثانية بالترخيص لهاتين المؤسستين بفتح مؤسسات تابعة لهما، يمكن أن تكون جامعات خاصة للتكوين، والتعديل الثالث، يتعلق بالقيام بالدور الاجتماعي من خلال التكفل ببعض المرضى المعوزين في إطار نظام المساعدة الطبية «راميد»، مشيرا إلى أن أبواب المؤسستين لن تكون مفتوحة في وجه بعض الحالات الخاصة من المعوزين المستفيدين من نظام المساعدة الطبية، للاستفادة من الخدمات التي تقدمها المؤسستان.
المستشفى بلغة الأرقام تبلغ الطاقة الاستيعابية للمستشفى 205 أسرة من بينها 46 سريرا للاستشفاء اليومي، فيما تم تصميم المنصة التقنية بناء على طاقة استيعابية نظرية تبلغ 400 سرير للاستشفاء، حسب النهج الكلاسيكي للتصميم الاستشفائي. من جهة أخرى، سيقوم المستشفى بتوفير خدمات الاستشفاء المنزلي للمرضى الذين تستدعي حالاتهم تلقي علاجات مزمنة، تفاديا للجوء إلى الاستشفاء العادي. ويوجد المستشفى على مساحة إجمالية تصل إلى 65 ألف متر مربع، فيما تصل المساحة الإجمالية للبناء إلى 41 ألف متر مربع، وتتكون البناية من أربعة طوابق تضم طابقا تحت أرضي، وطابقا أرضيا، طابقا أول، طابقا ثانيا، وتضم البناية 143 سريرا للاستشفاء، و62 سريرا للاستشفاء اليومي، و46 قاعة للاستشارات الطبية، و85 قاعة للعلاج والاستكشافات، و740 موظفا، و130 طبيبا يعملون بشكل دائم. وتم تحديد أقطاب التميز انطلاقا من الرهانات الوبائية التي يواجهها المغرب، فبعد دراسة أجريت حول الأمراض التي تشكل أول تكلفة مرضية للمغرب والأمراض المزمنة الأكثر انتشارا، تم تحديد أربعة أقطاب للتميز، وهي أمراض السرطان، وأمراض القلب والشرايين، وأمراض الحمل والولادة، والإصابات المتعلقة بحوادث السير والرياضة. وتشير المعطيات الواردة في البطاقة التقنية للمستشفى، إلى أن المغرب يعرف تسجيل ألف حالة جديدة سنويا لمرض السرطان، فيما 34 في المائة من المغاربة الذين يفوق عمرهم 50 سنة يعانون من ارتفاع الضغط الدموي، وسجلت 41 حالة وفاة في صفوف الأطفال الرضع من بين 1000 حالة على قيد الحياة، كما تسجل 112 حالة وفاة للنساء الحوامل من بين 100 ألف حالة على قيد الحياة، بالإضافة إلى وجود 10.8 في المائة من المجموع الإجمالي للحالات المرضية. وخصص المستشفى جزءا كبيرا من الإمكانيات المتاحة لاستقبال وعلاج أمراض السرطان، ويعتبر ضمن أولويات اهتمام المستشفى، نظرا للوتيرة الراهنة للمرض، إضافة إلى ارتفاع عدد الحالات الجديدة المرتقب تسجيلها بفعل شيخوخة السكان وتغير أنماط الحياة، ولذلك تم تخصيص ثلاث غرف خاصة بالطب الإشعاعي الخارجي، وغرفة واحدة مجهزة، وغرفة للعلاج بالأشعة (brachytherapy)، و9 أسرة للعلاج الكيميائي قابلة للتمديد إلى 18 سريرا، بالإضافة إلى قاعتين للعمليات مجهزة بمعدات خاصة بالطب النووي:PET CT وSPECT CT. كما سيهتم المستشفى بعلاج أمراض القلب والشرايين، لكون هذه الأمراض تشكل أول تكلفة للحالة المرضية في المغرب، وهي مرشحة للارتفاع خلال الثلاثين سنة الأخيرة بفعل عوامل الشيخوخة والتدخين وقلة الحركة، وتعرف هذه الأمراض انتشارا مهما في غرب إفريقيا أيضا، نظرا لتطور أنماط الحياة بالمنطقة. ووضع المستشفى مجموعة من الإمكانيات لاستقبال المصابين بهذه الأمراض، وتم وضع مركز للفحوصات الخاصة بأمراض القلب والشرايين، وقاعتين لأمراض القلب التدخلية، وقاعتين متخصصتين للعمليات، و14 سريرا للعناية المركزة، بالإضافة إلى 5 أسرة للإنعاش. وتشكل حالات الحمل الخطيرة ومضاعفاتها الصحية أبرز اهتمامات المستشفى، ونظرا للتراجع التدريجي لسن الزواج، وتأخر الحمل بالنسبة إلى النساء في سن الإنجاب، إضافة إلى بعض الأمراض التي تكون المرأة مصابة بها في الفترة التي تسبق الحمل، كلها مؤشرات على حالات حمل خطيرة تستدعي رعاية طبية خاصة، سواء تعلق الأمر بالأم، أو بالطفل أثناء الفترة المحيطة بالولادة. ويضم المستشفى قاعات للولادة، و26 سريرا للاستشفاء الخاص بالأم والطفل، و12 سريرا للإنعاش متعدد التخصصات، و8 أسرة لإنعاش حديثي الولادة قابلة للتمديد إلى 82 سريرا، وقاعة للعمليات، كما خصص المستشفى عدة مرافق لاستقبال حالات الإصابة في حوادث السير التي ما زالت تستنزف الآلاف من الأرواح بالمغرب، ولذلك تم خلق قطب داخل المستشفى، نظرا لطبيعته المتمثلة في كونه متعدد التخصصات، وهذه الخصوصية، تمكنه من التكفل بجميع الأمراض المتعلقة بالصدمات بفضل المعدات التقنية والموارد البشرية التي يتوفر عليها من أجل خلق مركز حقيقي خاص بالصدمات. ويضم القطب قاعات للفحوصات والعلاج، و4 مراكز لاستقبال الحالات المستعجلة الحرجة، و4 سيارات إسعاف خاصة بالإنعاش مجهزة بالأدوية، و12 سريرا للعناية المركزة متعدد التخصصات، وقاعتين للعمليات متعددة التخصصات، و4 أسرة خاصة بالحروق.
خدمات طبية متطورة يتوفر مستشفى الشيخ خليفة على منصة تقنية جد متقدمة تلبي معايير الجودة والسلامة الدولية، بهدف تقديم خدمات ذات جودة عالية للمرضى، ويضم مختبرات خاصة بالكمياء الحيوية، علم الدم، علم الأحياء الدقيقة، علم الفيروسات، علم السموم، المناعة والتشريح المرضي، بالإضافة إلى طب الأشعة، حيث يتوفر قسم العلاج بالأشعة على جميع المعدات الخاصة بالتصوير الحديث لضمان فحوصات فعالة ومتطورة، وجهازين للتصوير بالرنين المغناطيسي T 1.5، وجهازي «سكانير» من فئة 121 و16، وتسعة أجهزة للتصوير بالصدى، وجهازين للتصوير الإشعاعي للثدي مع التجسيم، وقاعتين للتصوير بالأشعة، وجهاز «سكانير» للأسنان، وجهاز قياس كثافة العظام، وستة أجهزة متنقلة للتصوير بالأشعة، كما يضم مرافق وتجهيزات خاصة بالطب النووي، منها قاعتان للمعالجة باليود المشع، وجهاز «سكانير» 128، وجهاز «سبيكتسكانير» للفحوصات بالتصوير الجزيئة. وبالإضافة إلى كل هذا، يتوفر المستشفى على معدات تقنية لإجراء فحوصات وظيفية شبه سريرية خاصة بالجهاز العصبي، الجهاز الهضمي، أمراض التنفس، أمراض النساء، أمراض الجلد، أمراض العيون، أمراض الأذن والأنف والحنجرة. كما يضم مركز التنظير الباطني متعدد الاختصاصات، أربع قاعات للتنظير الباطني موزعة بين أمراض الجهاز الهضمي، أمراض المسالك البولية، أمراض التنفس، وأمراض النساء. ويضم المستشفى أيضا ثماني غرف للعمليات، منها أربع قاعات تضم تجهيزات لعلاج الصدمات الجسدية، الجراحة العصبية، جراحة القلب والشرايين، جراحة العيون، الأذن والأنف والحنجرة، وطب التوليد، وأربع قاعات تم تجهيزها بكافة المعدات التقنية من أجل استقبال الحالات التي تستدعي إجراء عمليات جراحية تخص الجهاز الهضمي، أمراض النساء، الجهاز البولي، الجراحة التقويمية، جراحة الأطفال، كما تم تخصيص أيضا قاعة مكونة من أسرة خاصة بالمراقبة بعد العمليات الجراحية. ويضم المستشفى أيضا مصالح الإنعاش الطبي والجراحي، بحيث يتوفر على أربع مصالح للاستشفاء والإنعاش، تضم 12 سريرا للإنعاش متعدد التخصصات (للبالغين والأطفال)، و16 حاضنة لإنعاش المواليد، وأسرة معقمة خاصة بالحروق، كما يضم المستشفى مركزا للألم، وهو مركز يجمع بين اختصاصات مختلفة (التخدير، الأمراض العصبية، الأمراض العقلية) من أجل علاج حالات الألم الحادة والمزمنة. كما يتوفر المستشفى على قسم الطب الوقائي، يتوفر على وحدة متخصصة للفحص الوقائي تضم غرفا. وبالنسبة إلى قسم المستعجلات، يتوفر المستشفى على أسطول مكون من ست سيارات للإسعاف وضعت رهن إشارة المرضى 24/24 ساعة، هذه السيارات تم تخصيصها لإغاثة المرضى والجرحى بمقر سكناهم، أو بالطريق العام من أجل علاج استباقي للحالات الأكثر خطورة، إضافة إلى تحسين جودة العلاج.
التكوين والبحث يطمح مستشفى الشيخ خليفة إلى أن يصبح فاعلا رئيسيا في مجال التكوين المستمر، وأن يساهم في التكوين الأولي للأطباء المقيمين في مختلف التخصصات. لهذا الغرض قامت مؤسسة الشيخ خليفة بتفويض هذه المهمة للمستشفى، لجعله وجهة للتكوين المستمر في المجال الطبي والعلوم الطبية المساندة، وفاعلا مميزا في كل ما يتعلق بالتكوين والابتكار الطبي. وقامت مؤسسة الشيخ خليفة، بعد المصادقة على القوانين المنظمة لها، بفتح جامعة خاصة للطب بالدارالبيضاء، شرعت في تسجيل الطلبة خلال الموسم الجاري، وقامت بإجراء مقابلات انتقاء المترشحين، بعد حصولها على ترخيص من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وفتحت هذه الجامعة التي تحمل اسم «جامعة محمد السادس لعلوم الصحة»، أبوابها خلال شهر أكتوبر الماضي، وتضم أربع مؤسسات هي كلية الطب وكلية علوم التمريض وتقنيات الصحة والمدرسة العليا للهندسة البيو- طبية والمدرسة العليا للصحة العمومية وتدبير الأنظمة الصحية، وستستقبل الجامعة أكثر من 2500 طالب. وتمت مراعاة اعتبارات كثيرة عند إنشاء المستشفى ليكون علامة مميزة في تقديم الخدمات العلاجية على مستوى دول شمال إفريقيا، حيث تم تأهيل طاقم المستشفى وتدريبه على أكمل وجه، مع الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة والتجهيزات المتطورة لغرف العمليات وغرف المرضى، ويعمل المستشفى بشراكة مع جامعة محمد السادس لعلوم الصحة بالدارالبيضاء ويتميز بجودة وسلامة الخدمات الطبية وذلك طبقا للمعايير الدولية، حيث يتبع مستشفى الشيخ خليفة مجموعة من الإجراءات في ما يخص الجودة وتدبير المخاطر، هذه الإجراءات تشكل أولوية بالنسبة لكافة الموظفين والأطباء، من أجل إتمام مهمته الثلاثية المتمثلة في العلاج، التكوين، والبحث. وانخرط مستشفى الشيخ خليفة ضمن عملية للتحسين المستمر للجودة من أجل الحصول على رخص دولية، هذا المطلب، يهم كل الأنشطة التي يقوم بها المستشفى. ومن جهة أخرى، تمكن الإجراءات التي يعتمدها المستشفى من إعطاء أهمية بالغة للمريض، من أجل التكفل به في أحسن الظروف، من خلال توفير، شروط الاستقبال، واستمرارية العلاج، والوقاية من الحوادث، ومحاربة التعفنات والآلام، والإخبار، واحترام حقوق المريض، والوقاية، والاستماع إلى المريض، وهذا النهج، ترسخه الإجراءات والبروتوكولات التي تمت صياغتها مسبقا، والتي تخص تكوين الموظفين، التكفل بالمرضى، وقياس وتقييم النتائج بشكل مستمر.