ألقى وزير الشبيبة والرياضة، محمد أوزين، بحجرة كبيرة في بركة شركة تفتخر برصيد هائل من أعمالها المرجعية في تهيئة ملاعب الكولف وكرة القدم لصالح الدولة. لم يكن الأمر ليمر ببساطة على Valtech بعد أن اتهمها بالغش، فردت بما هو مناسب: «إن الوزير ومعه لجنة الفيفا كانا سببا فيما وقع.. نحن لسنا بغشاشين». لم يرد أوزين على هاتفه كي يوضح ما تعنيه الشركة رغم اتصالات «اليوم24» به طيلة صباح أمس، لكن يبدو أن الشركة قادرة على الدفاع عن نفسها! سيتعرف المغاربة لأول مرة على اسم شركة Valtech، عقب فضيحة غرق مركب مولاي عبد الله بالرباط في المياه، وتوجيه وزير الشبيبة والرياضة، محمد أوزين، اتهاما غليظا إليها، ملخصه قيامها بالغش في أشغال تهيئة الملعب. وما لا يعرفه المغاربة أن هذه الشركة كونت قائمة طويلة من الأعمال المرجعية في تاريخها، وفي صمت، كانت تحتكر أعمال تهيئة كل ملاعب الغولف الملكي بالمغرب، قبل أن تنتقل إلى تهيئة ملاعب كرة القدم. وبسبب رصيدها، لم تصمت Valtech إزاء هذا الاتهام الموجه إليها من لدن وزير الشبيبة والرياضة، وقررت أن ترد الصاع صاعين، بحيث أعلن مدير الأشغال بالشركة المكلف بتتبع ومراقبة الأعمال بمركب مولاي عبد الله،عادل الحسوني، أن الوزير ومعه الفيفا، «تجاهلا بالمطلق كل نصائحها الداعية إلى احترام آجال معينة بعد تهيئة الملعب قبل فتحه أمام المباريات، وتركا الكارثة تحل فوق رؤوس الجميع بكل بساطة. الحسوني قال: «إن شركته أنهت أعمال التهيئة في وقت قياسي لا يتعدى 25 يوما، ثم فتحت الوزارة أبواب الملعب لمباريات كرة القدم رغم عدم تسليمه من لدن الشركة ولو بصفة مؤقتة». آجال التسليم المعجلة ! تكلفت شركة Valech بكل شيء يتعلق بملعب مولاي عبد الله بالرباط؛ من العشب إلى تقنية تجفيف المياه. وعندما انهار كل ما أنجزته، كان مسؤولوها المتهمون الرئيسيون. لكن الشركة لديها روايتها لما حدث، فقد قالت إن النتائج الكارثية التي عرفها عشب مركب مولاي عبد الله، كما ظهرت في مقابلة «الموندياليتو»، «لم تكن لتحدث لو أنصتت وزارة الشبيبة والرياضة ولجنة «الفيفا» لنصائحها» بشأن قدرة العشب على تحمل ضغوط لعب مباريات كرة قدم متتالية من دون إخضاع العشب لفترة رعاية تجريبية. وقال مدير الأشغال بالشركة، عادل حسوني، وهو المكلف بتتبع ومراقبة أعمال مشروع تهيئة المركب، في تصريح ل»اليوم24»، «إن الشركة خضعت لعملية تقليص صارمة لآجال التسليم طلبتها وزارة الشبيبة والرياضة، إذ بعدما ربحت الصفقة، عبر طلب عروض، في شهر يوليوز، شرعت في أعمال التنفيذ بعد حصولها على أمر بالخدمة في شهر غشت، على أن نُسلم الملعب في 20 شتنبر، لكن الوزارة عادت لتطلب منا تسليم الملعب في غشت نفسه، وهو ما حدث في 28 منه»، ويصف المسؤول المذكور سرعة الإنجاز ب«القياسية»، لكنها كانت بحسبه، «كافية لإنجاز ما كان مطلوبا منا، لكن هنالك فرقا بين الإنجاز وبين استغلال ما هو منجز»؛ ويشرح ذلك بالقول «إن العشب جلبناه من شركة Evergreen، وموطنها بشمال برشلونة، لكن المشكلة كانت في أننا طلبنا عشبا مخصصا لبيئة الطقس المطير، بيد أن عملية نقله في فصل الصيف، وفي ظروف شحن سيئة، تسبب في تعريضه لكثير من المشاكل، ويمكنني أن أقول إن العشب لم يحافظ على جودته حين وصوله إلى المغرب»، أي أن العشب كان يحتاج إلى فترة «راحة» لكي يستعيد جودته، وهو ما لم يحصل. ورغم سرعة أعمال الشركة لتحقيق آجال التسليم المفروضة من لدن وزارة الشبيبة والرياضة و»الفيفا»، إلا أن مسؤول الشركة يرى أن النتيجة كانت بالضرورة، كارثية على العشب: «كان يجب أن نمنح العشب فترة للاستقرار تتراوح بين شهرين وثلاثة، لكن الوزارة رخصت لمباريات كأس العرش فوقه، فشرع في الانهيار التدريجي». ويوضح مدير الأشغال كيف أن شركته «أخبرت لجنة الفيفا ومسؤولي وزارة الشبيبة والرياضة بما ستتعرض له أرضية الملعب، لكنهم صمموا على تسلم الملعب رغم ذلك، بل ورفضا فيما بعد، حتى إصلاح بعض العيوب الظاهرة»، ويردف قائلا: «باختصار، كان الملعب غير جاهز، ونحن ركبنا تقنية رشح المياه، لكنها لم تكن لتستجيب لكمية المطر مع تضرر الأرضية بشكل فظيع، وكان متوقعا أن تحل الكارثة، رغم أنهم أخبرونا بأن مباريات «الموندياليتو» بالرباط، ستجري في طقس صحو حسب توقعاتهم لأرصاد الجو». وبالرغم مما حدث، فإن مسؤول الشركة مصمم على القول «إن الشركة يربطها عقد لعامين مع وزارة الشبيبة والرياضة، وستتعامل مع العيوب بمهنية، لأن الخطأ لم يكن خطأ الشركة، ولم يحدث غش أبدا في أية مرحلة من تنفيذ الأشغال». فرنسي ومغربي.. يد واحدة من تكون الشركة التي يتهمها محمد أوزين، وزير الشبيبة والرياضة، بالغش في أعمال تركيب عشب ملعب مولاي عبد الله؟ شركة Valtech، ليست شركة أجنبية، بل هي مقاولة مغربية أسسها في عام 1986، رجل أعمال فرنسي يسمى جون روسيله، قبل أن يلتحق به مغربي يدعى المهدي البحراوي الجزولي، ويشغل الأول مديرها العام، فيما الثاني يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها. وتحقق الشركة، ومقرها الاجتماعي بالعاصمة الرباط، رقم معاملات سنوي يتراوح ما بين 10 ملايير و50 مليار سنتيم بحسب طبيعة الصفقات التي تحوزها كل عام. ولم تحصل الشركة على صفقة تهيئة مركب مولاي عبد الله وحده، بل ونالت كل صفقات تهيئة الملاعب الأخرى تقريبا. ويظهر بحسب مصدر بوزارة الشبيبة والرياضة وكأن «الشركة تحتكر كل شيء يتعلق بتهيئة ملاعب كرة القدم في المغرب». وقال مدير الأشغال في Valtech، إن شركته أنجزت أعمال تهيئة ملعب مولاي الحسن بالرباط، وملعبا بالمركز الوطني للرياضات بالمعمورة، وملحق مركب مولاي عبد الله المخصص للتداريب، وملعب مراكش، وملعب أكادير؛ وكلها بحسب المصدر ذاته، «تلخص نتائج تجربة طويلة في تنفيذ أعمال تهيئة تستجيب للمعايير الدولية». وبحسب مصدر مطلع، فإن الشركة «ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب، ويمكن فهم ذلك من كشف قائمة زبنائها التاريخيين في المغرب». من تكون هذه الشركة إذن؟ كانت شركة Valech تسمى Valmont، قبل أن يشطب على الاسم من السجل التجاري في عام 2003، ومنذ هذا العام، تحولت طبيعة الصفقات والمشاريع التي تنجزها تدريجيا. ومن 1991 حتى 2003، كانت شركة Valmont/valtech، تنشط بصورة كبيرة في مشاريع تهيئة ملاعب الكولف بالمغرب، بل ونالت بصفة حصرية تقريبا، كل الصفقات المتعلقة بتهيئة أرضيات ملاعب الكولف وتقنيات تجفيف المياه وصيانتها، من خلال عقود طويلة المدة تصل إلى 9 سنوات في بعض الأحيان. وكان الزبناء الاعتياديون لهذه الشركة في الغالب، مؤسسات الدولة وشركاتها، مثل صندوق الإيداع والتدبير (CDG)، وأمونيوم شمال أفريقيا (ONA)، وكانت شركات هشام نجل إدريس البصري، لما كان وزير الداخلية، زبونا لValtech أيضا. ونالت الشركة بحسب أعمالها المرجعية، صفقة تهيئة ملعب كولف بمدينة الجديدة في 1992، من لدن صندوق الإيداع والتدبير، كما حازت على صفقة في عام 1993، لتهيئة ملعب كولف Amelkis بمدينة مراكش من لدن شركة أمونيوم الوطنية لأفريقيا O.N.A (SNI حاليا)، وكانت مدة العقد تسع سنوات تمتد من 1993 حتى 2000، كما نالت صفقة ثانية من الشركة نفسها لتهيئة الشطر الأول من ملعب الكولف بمنتجع الرأس الأسود عام 1991، ثم نالت صفقة ثانية من الشركة نفسها في عام 1994، لتهيئة الشطر الثاني من ملعب الكولف بمنتجع الرأس الأسود. كما منحتها ولاية جهة سطات صفقة تهيئة كل ما يتعلق بملعب الكولف ما بين عامي 1994 و1995، وفي 1995، ومنحتها عمالة بن سليمان صفقة تهيئة ملعب الكولف للحرس الملكي لمدة سنتين أيضا. وفي 1998، نالت صفقة لولاية أكادير لصيانة ملعب كولف القصر الملكي هناك. وفي 1999، أعادت ولاية سطات منحها صفقة توسعة ملعب الكولف ليصبح من عيار 18 حفرة. كما أعادت تجديد ملعب الكولف الملكي بأكمله بطنجة في صفقة نالتها عام 2001، من لدن شركة H.I.S.T، كما حازت صفقة إعادة تهيئة وتعشيب ملعب الكولف بمدينة المحمدية عام 2003، من لدن شركة R.G.M.A –الغولف الملكي لأنفا والمحمدية. وأيضا تهيئة ملعب كولف بوزنيقة، وهي صفقة تمتد من 1998 حتى 2004، من لدن شركة CAPRI، لمالكها هشام البصري، ابن وزير الداخلية آنذاك، إدريس البصري، وكان صندوق الإيداع والتدبير، وONA يملكان حصصا في مشروعها. غير أن الزبون الأكثر أهمية عند شركة Valtom/veltech، هو كولف دار السلام، وهي صفقة امتدت لتسع سنوات من 1994 حتى 2004، وشملت كل شيء يرتبط باللعب من العشب حتى أدوات الصيانة. وبحسب مصدر تابع نشاط الشركة، فإن صفقات الكولف «راكمت لصالح Valtech علاقات صلبة داخل دائرة رجال السلطة الكبار في المملكة، وحظيت دوما بمكانة اعتبارية، ولم يرتبط اسمها بصفقة خاسرة أو بمشروع فاشل، أو بعيوب ظاهرة، بل ولم يكن يجرؤ أحد أن يمسها بسوء»، على الأقل، حتى أعلن وزير الشبيبة والرياضة عن شكوكه في «غشها» بمعلب مولاي عبد الله. رجال Valtech من وراء الستار في مواجهة تفاعلات فضيحة مركب مولاي عبد الله بالرباط، يقفز اسم واحد إلى الواجهة من سجلات شركة Valtech: حسن أولحيان. وبالرغم من أن الرجل يشغل منصب مدير مالي ومالي للشركة، إلا أن هنالك أسماء أخرى تعلو رتبته داخل الشركة لكنها لم تقحم نفسها في «الفضيحة» وتركت أولحيان يدير حملة العلاقات العامة لتطويق الفضيحة. قبل أولحيان، هناك فرنسي اسمه جون روسليه، هو المدير العام، كما يملك شركة للهندسة في فرنسا. لكن فوقهما معا، هناك شقيقان: المهدي ويوسف البحراوي الجازولي، والأول هو رئيس مجلس الإدارة، فيما الثاني مدير مساعد. والشقيقان الجازولي يملكان شركات أخرى غير هذه، أبرزها شركة Paul، وهي سلسلة فاخرة من المطاعم والمخابز في الرباط والدار البيضاء. والأخوان هما ابنا رجل أعمال كبير يدعى عبد الغني الجازولي، كان يملك شركات للري، وكان مديرا لمشروع تنمية حوض سبو، ودرس في أمريكا بعدما أرسله الحاج إدريس البحراوي (وكان قد تبناه) إلى الولاياتالمتحدة إلى هناك قبيل الاستقلال. وكان أبوهما رجلا يملك شبكة علاقات واسعة داخل الدولة قبل أن يموت في حادث سير، ويستكمل ابناه مشاريعه.