هل ستحترم سلطاتنا الموقرة منطق العقلاء الداعين بهذا البلد الأمين إلى إسقاط " مهرجان موازين " وإخوته من الوجود وتوجيه ما يبذر على هذه المهرجانات من ميزانيات ثقيلة في الميزان إلى مشاريع تنموية تقفز بنا إلى الأمام لنحتل رتبا متقدمة ومحترمة تزحزحنا عن خانة " أسفل سافلين " الملازمة لنا في كل التقارير الدولية والمحلية ، أم ستغلق آذانها لتغرد خارج السرب الشعبي كما عودتنا كل مرة ؟؟؟ سؤال تعودت طرحه كل سنة ، ولا من جواب يشفي الغليل ... حتى حكومة بنكيران عجزت عن إيقاف مثل هذه المهرجانات التي باتت أضرارها أكبر من نفعها ... هل يحتاج المواطن المغربي إلى موازين الشطيح والرديح ، وزيد سقيني يا الساقي حتى ندوخ وندوخ وما نبقى نعرف القبلة فين جات ؟؟؟ أم أنه يحتاج إلى موازين أخرى ؟؟؟ الغالبية العظمى من مثقفي وأحرار هذا الشعب تجمع على أن ما يحتاج إليه المواطن المغربي المغلوب على أمره اليوم يتعدى حدود مهرجانات مخصصة للرقص والغناء ودغدغة المشاعر ، وما يحتاج إليه هذا المواطن يسمو عن أهداف تلك المهرجانات وما يتخللها من نقاط وفواصل ووصلات ، إنه يحتاج إلى موازين من نوع آخر ، موازين لإصلاح قضاء معوج حتى ينصف في قاعات المحاكم ، وموازين لتقويم تعليم متأخر حتى يمحو عنه وعن أبنائه أمية تحول دون مزاحمته لركب الأمم الراقية ، وموازين تصلح حاله حتى يتمتع بعيش كريم ينأى به عن تقلبات الدهر وغدر الزمان ، وموازين تعيد له الأمن وتخلصه من مخالب الجريمة المتنامية ، وموازين عدل تساوي بينه وبين أبناء الصفوة والعلية ، وموازين تحفظ كرامته في المستشفيات والإدارات العمومية وفي كل القطاعات والمجالات . إنه يحتاج إلى أبعد من ذلك بكثير ، يحتاج إلى موازين جديدة تجعل من الحكومة حكومة قوية تتمتع بصلاحيات قوية لا تجعل منها مجرد ظل أو ديكور يضحك به على الذقون والعقول . موازين تتجاوز الخطوط الحمراء وتضع الأصابع على مكمن كل خلل وتبحث عن توزيع عادل للثروات من غير " عفا الله عما سلف " ، أو تصوير الفاسد بتمساح لا تقوى الحكومة على مواجهته أو عفريت لا يظهر لها . هذا هو بعض ما يحتاج إليه المواطن في هذا البلد ، أما المهرجانات التي تنقلب فيها الموازين وتسمن فيها بطون البعض في الوقت الذي يضحك بها على فئة عريضة من الشعب فما هي إلا سياسة يراد بها ترقيع ما لا يرقع وإخفاء شرارة واقع الظلم والاستبداد والتهميش والتمييع بغربال متعدد الثقوب .... ولو أن الميزانيات الخيالية للمهرجانات المضيعة لكافة أنواع اللبن وزعت على عشرة من المعطلين كل سنة لكان أجدى وأنفع بكثير. نعم هذا بعض ما كتبته شخصيا العام الماضي في باب بعض ما يحتاج إليه المواطن المغربي على مدونتي الشخصية ، وقد تعمدت إعادة ذكره هاهنا عسى كلماتنا تجد آذانا صاغية وتحركات مسؤولة تنأى بنا جميعا عن لغة التسفيه والتسفيه المضاد .