عادت العلاقات المغربية – الأوروبية لتسجل بوادر أزمة جديدة بسبب نية المفوضية الأوروبية مستقبلا تطبيق قرار المحكمة الأوروبية الذي يستثني منطقة الصحراء الغربية من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية. ويهدد المغرب بالبحث عن شركاء جدد بديلا عن أوروبا، ولكن العملية ليست بالسهلة. ويسود قلق في اسبانيا بحكم تهديد المغرب ضمنيا بالتقليل من مراقبة الهجرة السرية. وكانت المحكمة الأوروبية قد قضت يوم 10 ديسمبر/كانون الأول الماضي باستمرار اتفاقية الزراعة والمنتوجات البحرية بين المغرب والاتحاد الأوروبي طالما أنها لا تشمل منطقة الصحراء الغربية. وكانت جبهة البوليساريو قد تقدمت بالطعن في هذه الاتفاقية. ومن المنتظر الحكم ضد اتفاقية الصيد البحري لأنها تشمل مياه الصحراء. واعتبر المغرب وقتها الحكم في صالحه وأصدر بيانا وقدم مسؤولوه تصريحات يرحبون بالحكم. وفي المقابل نادت أصوات بالتريث لأن الحكم كان لا يصب في مصلحة المغرب. وهذا ما بدأ يحصل، إذ أصبحت المفوضية الأوروبية مطوقة بمنطوق الحكم، ولهذا يتقدم نواب من البرلمان الأوروبي متعاطفين مع جبهة البوليساريو بأسئلة إلى أعضاء المفوضية يطالبون بتطبيق الحكم القضائي الذي ينص على استثناء منتوجات الصحراء الغربية. وفي هذا الصدد جاءت أسئلة حول أملاح من الصحراء إلى شمال غرب فرنسا نقلتها سفينة أوروبية، وتقدمت جبهة البوليساريو بدعوى بشأنها أمام قضاء فرنسا خلال الشهر الماضي. لكن التطور الذي أقلق المغرب هو تصريح المفوض الأوروبي المسؤول عن الطاقة والمناخ ميغيل كانييتي وشغل سابقا منصب وزير الزراعة والصيد البحري في حكومة اسبانيا، حيث قال نهاية الأسبوع الماضي إن المفوضية الأوروبية ستأخذ منتوجات الصحراء الغربية ومنها الطاقة بعين الاعتبار في الاتفاقيات مع المغرب، وذلك في إشارة إلى احتمال استثنائها. وهذا التصريح يؤكد نية الاتحاد الأوروبي تطبيق حكم المحكمة الأوروبية حول الاتفاقيات التجارية مع المغرب باستثناء الصحراء، وهو الخطر الذي استشعره المغرب، وبادر وزير الزراعة والصيد البحري عزيز أخنوش منذ يومين إلى إصدار بيان تحذيري سواء بمراجعة موقف المغرب من حراسة الهجرة السرية والبحث عن أسواق بديلة لمنتوجاته الزراعية إذا جرى استثناء الصحراء. واعترفت مصادر أوروبية مقربة من المفوضية الأوروبية بأن الوضع حساس، فالمغرب بربطه الإنتاج الزراعي بمكافحة الهجرة، فهو يهدد بالتغاضي عن قوارب الهجرة مجددا نحو السواحل الإسبانية. وعمليا، تبقى إسبانيا هي الدولة الأكثر قلقا لأنها بوابة المغرب نحو الاتحاد الأوروبي، وكل تراخي في مراقبة الهجرة سيجعل هذا المشكل سيمم العلاقات الثنائية. وإذا كانت الهجرة تشكل قلقا، فالبحث عن أسواق بديلة كما يقول المغرب لا تقلق نهائيا الاتحاد الأوروبي لأن المغرب لن يستطيع على الأقل خلال العشر سنوات المقبلة إيجاد أسواق بديلة، فأفريقيا لن تمتص إنتاجه، كما أن السوق الروسية والأمريكية متشددة في المراقبة. ويتوفر المغرب على فائض في الخضروات والحوامض ويجد صعوبة في تسويقه بعد استكمال النسبة المحددة له في السوق الأوروبية. ويأتي هذا التطور الجديد ليؤكد العلاقات المغربية – الأوروبية قد فقدت جودتها السابقة، وما أن تنهي أزمة إلا لتسقط في أخرى.