نجحت الشرطة الأوروبية هذه الأيام في تفكيك ما وصفته بنظام بنكي مواز كان يستعمل في تبييض أموال المخدرات وتهريب هذه الأموال إلى المغرب ولاحقا عبر الدارالبيضاءودبي. واندهش المحققون للتقنية العالية التي استعملها المهربون، حيث قدرت الأموال المبيضة ب 400 مليون يورو خلال الأربع سنوات الأخيرة. وتناولت الصحافة الأوروبية هذا الملف من خلال تصريحات القضاة المحققين من فرنسا وبلجيكا وهولندا الذين أشرفوا على العملية وقدموا توضيحات في ندوة في مدينة مارسيليا جنوبفرنسا يوم الثلاثاء من الأسبوع الجاري، حيث صرح أحدهم «ملف استثنائي وخارج كل المقاييس». وقال القضاة إن المبلغ الذي نجحت شبكة واحدة في تبييضه خلال الأربع سنوات الأخيرة يتجاوز 400 مليون يورو، وهو مبلغ ضخم للغاية يبرز مدى تشعب هذه الشبكة من المهربين ونوعية الأشخاص المتورطين فيها. وكان أشخاص يتكلفون بجمع أموال المخدرات القادمة من أوروبا والتي تباع في الأسواق الأوروبية، ويقومون بطرق تقليدية بتحويلها إلى المغرب عبر إخفاء الأموال في السيارات التي تسافر إلى المغرب. وبدأت العملية عندما رصدت الجمارك الفرنسية خلال يونيو/حزيران 2015 سيارة بها قرابة 300 ألف يورو. وبدأ التحقيق الضخم انطلاقا من هذا الحادث ليتبين، مع تقدم التحقيق، أن الأمر يتعلق بشبكة عملاقة تقوم بنقل الأموال نحو المغرب. وشاركت مجموعة ضخمة من المحققين التابعين للاستخبارات والشرطة والقضاء الأوروبي. وانتهى التحقيق مؤقتا بتوقيف خمسين شخصا 20 منهم في فرنسا وصدور مذكرات اعتقال دولية منها ضد مغاربة مقيمين في المغرب، وجرت الاعتقالات الأسبوع الماضي. وقاد التحقيق في خيط تتبع الأموال إلى شركات في الدارالبيضاء في المغرب ثم لاحقا نقل الأموال إلى دبي في الإمارات العربية المتحدة، وفق جريدة «لفونير» الفرنسية التي قدمت معلومات دقيقة اعتمادا على تقارير الشرطة. وابتداء من الدارالبيضاء تتولى شركات عبر طرق بنكية هذه المرة في تبييض الأموال ومنها نحو الخليج وليس عبر نقل الأموال كما يحدث في أوروبا. ويعتبر المغرب أول مصدر للمخدرات «القنب الهندي» إلى السوق الأوروبية، وتفيد دراسات أن هذه التجارة غير المشروعة تخلف أكثر من عشرة مليارات دولار سنويا يجري اقتسامها بين مزارعين مغاربة، وهم الحلقة الأضعف ثم شبكات إجرامية كبرى ووسطاء . ويعمل مغاربة على إعادة جزء من أموال المخدرات إلى المغرب عبر التبييض وكذلك عبر ما يسمى عملية الصرف في سبتة ومليلية المحتلتين. ويجهل الأموال التي تعود إلى المغرب، ولكن لا تقل عن ثلث مما تخلف دوليا، أي حوالي ثلاثة مليارات يورو بل تصل حتى خمسة مليارات يورو وتدخل الاقتصاد المغربي بطرق مختلفة وأغلبها ضمن الاقتصاد غير المهيكل. ونتيجة ارتفاع نسبة أموال المخدرات خلال السنوات الأخيرة، تبدع شبكات التهريب في طرق تبييض هذه الأموال، حيث عادة ما يشارك خبراء ماليون في بلورة مراحل التبييض. وقد يعتقد أن شبكات الإجرام المنظم في أوروبا والمغرب قد استفادت من تقنيات التبييض التي تقوم بها شبكات تهريب المخدرات في الولاياتالمتحدة وأمريكا الجنوبية.