ركز متشدّدو داعش، اهتمامهم على عمر الحدوشي، أبرز شيوخ السلفية الجهادية في المغرب، وأفردوه بشريط يحمل عنوان “حقيقة مخالفي الدولة الإسلامية.. الحدوشي نموذجا”، انتقدوا فيه موقف الشيخ المغربي من الجهاد، بالقول “لا بارك الله فيك لا أنت جاهدت ولا تركت الناس تجاهد ولا خلفتهم في أهليهم خيرا”. وأضافوا بالقول: “رأينا كيف يصور (أي الحدوشي) الهجرة لنصرة الإسلام والمسلمين على أنها جهاد للطلب، ملبسا بذلك على الناس دينهم”، مردفين “في المقابل يدعو إلى نصرة الإخوان الديمقراطيين وإعانتهم على باطلهم”، في إشارة إلى حركة النهضة بتونس، التي سبق للحدوشي أن دعا إلى نصرتها “حتى ولو أخطأت لأنها مأجورة على ذلك أيضا”. وتابعوا تهجمهم على الحدوشي بالقول “حاشا الله أن يجعل نصر دينه بصناديق اقتراع شركية.. متى كان فاعل الشرك لتخفيف الشر مأجورا”. ويُعتبر عمر الحدوشي أحد الشيوخ المنظرين للسلفية الجهادية في المغرب، الذي يعتقد أنه على ارتباط وثيق بالتنظيمات الجهادية في المنطقة، مثل أنصار الشريعة التونسي المصنّف كتنظيم إرهابي. فقد تمّ سنة 2012 ترحيله من مطار تونسقرطاج الدولي، وندد سيف الله بن حسين المعروف باسم “أبو عياض” حينها بذاك الترحيل، معتبرا أنّه يعدّ استفزازا للسلفيين الجهاديين في بلاده. وأعلنت “جمعية دار السلام للأعمال الخيرية والعلوم الشرعية”، آنذاك، على صفحتها على “فيسبوك” أنها “استدعت الحدوشي والكتاني ليقدما دورة في العلوم الدينية بمدينة بنزرت التونسية”. وأدرجت تونس منذ عام 2003 كلاّ من الحدوشي والكتاني ضمن قائمة الممنوعين من دخول أراضيها بعد إدانتهما بالضلوع في هجمات انتحارية وقعت في 16 مايو 2003 في مدينة الدارالبيضاء وأسفرت عن مقتل 45 شخصا من بينهم 12 انتحاريا. وأصدرت السلطات المغربية في 2003 حكما بسجن عمر الحدوشي لمدّة 30 سنة وحسن الكتاني لمدّة 20 سنة بتهمة التحضير للهجمات، وقد أفرج عنهما سنة 2012 بموجب عفو ملكي أصدره العاهل المغربي محمد السادس. واستند تنظيم الدولة الإسلامية في الهجوم على الحدوشي، على تغريدات له يرد فيها على تصورات داعش، منها قوله: “أصول خلافنا مع الدولة خمسة أمور؛ التكفير بغير حق، والقتل بغير حق، والكذب والجهل وعدم مراعاة السياسة الشرعية في العمل الجهادي”. ويعتبر الحدوشي أنّ تنظيم داعش يعدّ بمثابة “جماعة لها إسهال فكري وتكفيري لا تقوم لها قائمة، ومؤسسها لا نسمع له حيا ولا ركزا”. وأورد الفيديو انتقاد الحدوشي لفكر داعش، عندما قال في معرض حديثه “ابتلينا بأناس يكفرون بالجملة يتركون النصيرية ويذبحون الموحدين، والسبب جهلهم المكعب والمركب الجهل الكثيف، هؤلاء أفسدوا الجهاد مع مسلمي الثورة”، وقوله كذلك “عدم رجوع إلى الحق واعتراف بالخطأ أفضل من تأسيس إمامة صغرى .. ما هكذا يكون الإتباع والانقياد للشرع″. ولم يكتف التنظيم بالتهجم على الحدوشي بل انتقد أيضا عبدالسلام ياسين، مرشد جماعة العدل والإحسان ومؤسّسها، حيث وصفه ب”القبوري المشرك”، كما وصف الاشتراكيين المغاربة ب”رؤوس الكفر والإلحاد من الشيوعيين”، فيما وصف الناشطَين السلفيين أبو حفص عبدالوهاب رفيقي ب”المترفض العلماني” وحسن الكتاني ب”الصوفي المترفض”. وأثار المقطع المصور تصريحات صحفية للحدوشي عن وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، الذي وصفه الفيديو ب”وزير الظلم”، حيث جرى التركيز على “دفاع″ الحدوشي عن الرميد، بعد أن تعرض الأخير إلى تهديد بالقتل قبل سنتين من طرف جماعة متطرفة، ما رأى فيه الشريط تناقضا مع “مفهوم الولاء والبراء”. ويرى مراقبون أن في إصدارات التنظيمات المقاتلة، إعادة لمعارك السلف، في خطاباتهم التحريضية، والتبريرية أحياناً، ويختلف المنهج الجهادي بين التنظيمات السلفية ويتجسد الخلاف أساسا في تأويل النصوص، وكيفية إسقاطها على الواقع، والمعلوم أن كل تنظيم، يحاول تأسيس خطابه على حجج، وأصول، يقنع بها مريديه وأتباعه، ويركز على إظهار مدى تشبثه بالفهم الصحيح للدين ومدى امتلاكه للحقيقة المطلقة. ويعتبر مراقبون أنه مهما اختلفت التظيمات الجهادية في قراءتها للنص الديني وتأويلها له، إلاّ أنها جميعا تتفق على ضرورة إعادة إحياء الخلافة وإقامة الدولة الإسلامية عن طريق الجهاد الذي يعتبرونه «فرض عين».