إذا كانت الحكومات السابقة ترمز للظلم والقهر والفساد وانعدام الحرية والمساواة وفقدان أدنى مقومات العيش الكريم وغير ذلك مما له ارتباط وثيق بسياسة الفساد والإفساد وعقلية الفاسدين والمفسدين، فإن حكومة إخوان بنكيران التي حلمت بعدالتها فئات عريضة من الشعب، وتبنى شعاراتها ثلة من أبناء هذا الوطن ، باتت كمن سبق ترمز بدورها للعجز البين والمتنوع ، والارتجالية في صنع القرارات وإصدارها ، والتحول السريع في الشعارات والانقلاب عليها في ظرف وجيز ، فمن تعرية الفساد إلى تعرية العباد ، ومن محاربة التماسيح والعفاريت ، إلى محاربة جيوب الفقراء ، ومن قمع المفسدين إلى قمع المواطنين في كل تظاهرة ووقفة ومسيرة . كل هذا وغيره يدفع المتتبعين لأخبار هذا الوطن إلى الجزم بأن بنكيران وإخوانه يعشقون ممارسة السياسة بالقمع ويسيرون شؤون البلاد بالعصا ويحبون رؤية البلد جاثما بوضعه على الصدور والنفوس ، تنتهك فيه الحقوق وتضيع فيه المكرمات ولا يحفظ فيه عرض إلا بشفاعة من له صلة وصل بمراكز صنع القرار أو أمر من "أهل الفوق" ... قد يقول قائل هذا تحامل على حكومة بنكيران ، وهذا قلة صبر عليها ، فالحكومة يا الله بدات كا تخدم وما يمكنش ليها تغير ، لكن يرد على هكذا قول بأن علامة الدار على باب الدار ، وبأن حكومة عبد الاله بنكيران لم تستفد من أخطاء من سبقها لكراسي الحكومة ، ولم تتقن قياس ما تصدره من قرارات مع متطلبات الشعب وطبيعة المرحلة التي يمر منها الشعب والوطن معا ، فلذلك لن تفلح في صنع التغيير الحقيقي الذي حلم بها المغاربة جميعا . شخصيا حينما أتأمل فيما تصدره حكومة بنكيران من قرارات في مختلف الميادين أجد نفسي مستحضرا قصة قرد كان يعيش سعيدا في حديقة للحيوان ، هذا يطعمه موزا وذاك يطعمه إجاصا ، يبتسم لكل من يحن عليه بما لذ وطاب من طعام وشراب و " يصبع " لكل من يبخل عليه ، وحدث ذات يوم أن ألقى إليه شخص بحبات جوز(گر گاع ) كاملة غير مكسورة ، فابتلعها القرد بسرعة . وحين حاول القرد ان يقضي حاجته كما تفعل بقية القرود ، لم تخرج حبات الجوز بسهولة ، فظل المسكين ليومين يعاني من القبط وآثاره ، وما خرجت الحبات إلا بعد هتك مؤخرة القرد المزغوب . المهم القرد وبعدما شفي من آثار حبات الگر گاع ، تعلم الدرس جيدا ، فصار كلما أطعمه أحد شيئا أو ألقى إليه بشيئ ، حتى ولو كان حجمه صغيرا ،إلا ويقيسه على مؤخرته فإذا ناسبها ووافقها أكله ، والا رماه إلى بعيد حتى لا تتكرر ورطته . ما يقع اليوم لحزب العدالة والتنمية وهو في الحكومة يشبه كثيرا ما وقع لهذا القرد المزغوب ، وهو نفس ما وقع للاتحاد الاشتراكي من قبل ، وهو نفس ما وقع لأحزاب مغربية رميت في مزبلة التاريخ ، والفرق بين ساستنا ووزرائنا وحكومتنا وأحزابنا وبين القرد المزغوب هو أن هذا الأخير تعلم الدرس واستفاد منه ، أما من قورنوا به فهم في غيهم يعمهون صم بكم عمي إلى الشعب لا يرجعون .