أخيرا خرجت بلدة أغبالة من عزلتها التي فرضها تحالف التاريخ والجغرافيا معا.. تصارع الإثنان، فانهزمت مصاعب الجغرافيا أمام صدق التاريخ وولاء المثقفين. فلقد شهدت البلدة يوم 10 مارس 2013 عرسا ثقافيا بكل المقاييس، عندما حضر إليها البروفسور الباحث أحمد المعتصم رفقة العديد من المثقفين والأساتذة الجامعيين والباحثين والمهتمين من داخل الوطن وخارجه، لتدشين "مؤسسة أحمد المعتصم للتربية والثقافة" بأغبالة. لقد كانت البدايات الأولى لهذه الفكرة أثناء زيارة البروفسور إلى أغبالة سنة 1991، عندما أكد على ضرورة تأسيس مكتبة ثقافية في البلدة، واعدا بإغنائها بكتبه وأبحاثه. وأثناء منتدى بني عمير حول الهجرة الذي نظم بالفقيه بنصالح في العام الدراسي 2010 /2011، بحضور ثلة من الأساتذة والباحثين من المغرب والخارج، تبلورت الفكرة أكثر حينما أكد البروفسور أحمد المعتصم على ضرورة تدشين مؤسسة ثقافية بأغبالة عرفانا للمنطقة التي شهدت انطلاقته كمدرس وباحث، وعرفانا أيضا لأهلها الذين استقبلوه واحتضنوه يوم تعيينه معلما بها سنة 1946. وصل الوفد الثقافي إلى مقر جماعة أغبالة حوالي الساعة الثانية عشرة، حيث استقبله بحفاوة وتلقائية ثلة من ممثلي الجماعة والسلطة والمؤسسات التربوية والأساتذة وجمعيات المجتمع المدني والتلاميذ والمهتمين.. في البداية، تناول الزوار الشاي والحلوى بفناء المكتبة الوسائطية للجماعة، وانتقل الجميع بعد ذلك إلى قاعة المحاضرات لعقد جلسة التأسيس، والتي ترأسها البروفسور المعتصم، حيث تناول الكلمة كل من الدكتور سعيد العلام، الأستاذ علي بوالحسن، الكاتب العام للوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج السيد محمد البرنوسي، الدكتور فؤاد حليم، رئيس جماعة أغبالة، والأستاذ عثمان زوهري، النائب الأول لرئيس المجلس القروي، وكذا الرئيس السابق لجامعة السوربون، السيد غابرييل لانغوات، والذين نبشوا جميعا في الذاكرة الغنية للباحث أحمد المعتصم، وشكروا له هذه الالتفاتة. ليسترسل البروفسور المعتصم بعد ذلك في كلمة شدت إليها انتباه الحضور، إذ عاد بنا إلى بداياته الأولى بأغبالة كمدرس ومقاوم بالفكرة.. حيث ذكر بمن احتضنوه آنذاك، وبمن احتضنهم هو كمدرس، والذين بلغوا اليوم من الكبر عتيا، إلا أن ذاكرة الرجل وما يمثل إليهم من رمزية أتت بهم ليحضروا الحفل ويحتضنوا الأستاذ في صور جليلة ومعبرة.. واختتم الحفل بهدية ذات أبعاد رمزية أبى هذا الأبي إلا أن يحضن بها مختلف المؤسسات التربوية بالمنطقة، تتمثل في صورة تذكارية له مع تلامذته سنة 1947، وهو بعد ابن ست عشرة سنة. لينتقل الجمع إلى مقر المركز الاجتماعي متعدد الاختصاصات، لتناول وجبة الغذاء التي أقامها على شرفهم رئيس المجلس القروي.. ويتفرقوا وقد غمرت الجميع فرحة عارمة لأن ما همشته السياسة والسياسيون قد أعلت شأنه الثقافة والمثقفون..