تعتبر فئة الشباب دافعة حقيقية لكل تغيير وإصلاح على مر العصور بالنظر إلى قدرتها الإبداعية إذا ما تم احتضانها وتوفير الشروط اللازمة لإقلاعها الفكري والاجتماعي . واستحضار اللحظة التاريخية الإيجابية التي يمر منها العالم العربي والتي تميزت بإسقاط أنظمة استبدادية كانت تعيث في الأرض فسادا ، فإن الشباب يشكلون العمود الفقري في تحقيق القطيعة مع الاستبداد بكل أنواعه ولبنة أساسية في بناء غد مشرق ملؤه الكرامة والعدالة ورد الاعتبار لإنسانية الإنسان وتمتيع المواطن بحقوقه كاملة غير منقوصة مع أداء الواجب بكل أمانة وتفان ونكران الذات. في ظل هذا الواقع لم يشكل المغرب استثناء في ظل هذه المستجدات المتسارعة بل إن رياح التغيير امتدت إليه وفهم القائمون على شؤون هذا البلد مضمون الرسالة الجديدة. فجاء الخطاب الملكي لتاسع مارس ، الذي يعد نقلة نوعية وتاريخية تؤسس لعهد جديد،مما أسس لمرحلة جديدة تجلت أهم معالمها في التمكين لمجموعة من القيم السياسية والاجتماعية الإيجابية : دولة المؤسسات ، دولة الحق والقانون، القضاء على الريع بكل أشكاله ، تحقيق الكرامة ، المواطنة الحقة...... في خضم هذه التغيرات، استفادت فئة الشباب من مجموعة من المكتسبات التاريخية حيث منحت وثيقة الدستور الجديد اعتبارات سياسية واجتماعية واقتصادية لهذه الفئة...جاء في الفصل 33 من الدستور : "يحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي من أجل تحقيق هذه الأهداف" في إشارة إلى توسيع وتعميم مشاركة الشباب ..، مساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة...، تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا والفن والرياضة ...إلى غيرها من الأهداف. ويعتبر المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي الوعاء التنظيمي والدستوري لبلورة هذه الأهداف مما يشكل مكسبا شبابيا بامتياز، حيث تم إضفاء البعد المؤسساتي الدستوري على الشأن الشبابي بالمغرب .وبغض النظر عن طابعه الاستشاري، فهو يعد قوة اقتراحية في" ميادين حماية الشباب والنهوض وتطوير الحياة الجمعوية". بالإضافة إلى ذلك ، فهوجهاز يسهر على تقديم آليات لتنمية ثقافة الإبداع والابتكار والانخراط الفعلي في المجتمع عن طريق المشاركة الإيجابية التي تمليها روح المواطنة الحقة. وكل هذه الأهداف وغيرها ،تشكل اختبارا ومحكا أمام الشباب المغربي لتحمل مسؤوليته التاريخية للمساهمة في بناء معالم الدولة الحديثة لتجاوز مظاهر الفساد التي تعتري مجموعة من المجالات الحيوية ، فالزمن اليوم ليس زمن التفرج وإلقاء مسؤولية الوضع المتأزم على الآخر في مايعرف بنظرية المؤامرة ، بل هوزمن المشاركة بقيم المواطنة وثقافة البناء والانخراط والنقد من داخل المؤسسات. وفي انتظار إصدار القانون المنظم للمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي – الذي نتمنى أن يصدر قريبا مع مراعاة معايير : الكفاءة، النزاهة، الإبداع في تشكيلته-..هل ستنجح الحكومة الحالية في أجرأة هذا المجلس ووضع الآليات التنظيمية التي تمكنه من أداءمهامه على أحسن وجه؟ وهل سيكون الشباب المغربي مع الموعد للنهوض بأوضاعه التربوية، الإقتصاديةوالإجتماعية...؟ هل هومؤهل لفهم طبيعة التحولات التاريخية التي يعرفها المغرب مما يجعله مساهما حقيقيا في الدفاع عن التوابث الوطنية؟ إن الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها يعد مدخلا حقيقيا للتمكين لحكامة شبابية ولورش كبير يتعاون الجميع على على ميلاده ، تحكمه قيم : العمل ، الإيجابية ، المواطنة الحقة.