تعتبر جمعية الآباء وأولياء التلاميذ شريكا أساسيا في بناء المنظومة التعليمية بالمغرب. ومنذ تأسيسها كانت تهدف إلى ردم الهوة بين التلميذ والمدرسة من جهة، وكذلك ربط الأولياء والآباء والأمهات بهذه المنظومة التي تحتاج في بنائها إلى مقاربات تشاركية. فلا يمكن بناء التلميذ إلا في ظل هذه الأبعاد المتكاملة، مع عدم تجزيء الإصلاح الذي تعتبر جمعية الآباء أحد روافده الأساسية. إلى هذه الحدود فإن جمعية الآباء تلعب دورا مركزيا في بناء هذا الصرح العلمي، ولا يمكننا أن نتصور دورا سلبيا يمكن أن تلعبه هذه الجمعيات إلا إذا حادت عن القوانين المنظمة لها، أو وظفت توظيفا مغرضا، بحيث تصبح هذه التجمعات مرتعا لأصحاب المآرب الخاصة أو ذوي النفوذ السياسي أو القبلي. ومن هذه الزاوية يمكننا مناقشة الدور السلبي الذي لعبته جمعية الآباء بثانوية أم الرمان زاوية الشيخ في الآونة الأخيرة، تبعا للقضية التي ما زالت في يد العدالة لحدود كتابة هذه السطور، ألا وهي اتهام أستاذ اللغة العربية بنفس الثانوية باغتصاب إحدى الفتيات التي تدرس بنفس المؤسسة. ولمعرفة حجم التجاوزات التي وقعت فيها جمعية الآباء بهذه الثانوية يلزمنا العودة إلى القوانين المؤسسة، كما يجب علينا أن نستحضر مجموعة من المعطيات الغائبة على الرأي العام المحلي والإقليمي والوطني من أجل التنوير وتحديد المسؤوليات. *- خرق للميثاق: ولعل أول شيء يطالعنا في هذا الموضوع هو المبادئ التي أسست من أجلها جمعيات الآباء في المغرب وتنقسم إلى اثنين: أ – استقلالية قرار الجمعية ، وعدم تسخيرها أو استغلالها لأغراض شخصية أو منافية لأهدافها . ب – تمارس الجمعية نشاطها بكل شفافية وديمقراطية ومسؤولية. إن الوقوف عند هذه المبادئ يجعلنا نقوم بعملية تنزيل أو إسقاط لها على الجمعية المعنية بالأمر، ألا وهي جمعية الآباء بثانوية أم الرمان. فقضية عدم استغلال الجمعية لأغراض شخصية أو منافية لأهدافها يتجلى بوضوح في واقعة الاتهام بالاغتصاب. والذي يبين بوضوح حقيقة هذا الأمر، وهو أن الشخص الذي حرك وما زال يحرك دواليب القضية في الخفاء هو رئيس الجمعية ( حماد عبد الكبير )، هذا الأخير كانت له مع الأستاذ المتهم حزازات سابقة، تمثلت في كون الأستاذ المتهم قدم ابنه الذي كان يدرس حينها في السنة الثانية بكالوريا إلى مجلس تأديبي، ورفض السماح له بإعادة التمدرس. كل هذه الخلفيات السلبية راكمت العداوة بين الأستاذ ورئيس الجمعية إلى أن حدثت الواقعة، فانبرى الأخير يحشد ويدعو إلى احتجاجات أدت إلى اقتحام نسوة للثانوية، ودعوتهن التلاميذ للخروج في تظاهرات واحتجاجات بالرغم من عدم قانونية الفعل. ولولا حكمة الأطر التربوية الذين اكتفوا بالحياد وترك العدالة تأخذ مجراها الطبيعي، لحدث ما لم يكن في الحسبان. ويمكن نقاش الموضوع من زاوية أخرى، فمن الناحية القانونية لا يعتد بشهادة شخص له عداوة مع آخر، فكلام الأقران لا يقبل كما يقال، أي أن الشهادة التي يمكن أن يكون منشؤها البعد النفسي وترسبات الماضي هي شهادة مجروحة. وهنا قد يحتج علينا بكون الجمعية هي طرف معنوي في الموضوع وحينها نقول: إن القضية هي بيد العدالة، ووحدها المحكمة هي من يحق لها الحكم في هذه القضية، فلماذا يا ترى يستبق رئيس الجمعية ويتهم الأستاذ قبل إصدار الأحكام؟ ولماذا الضغط عبر الجمعية بالرغم من فشل كل محاولات الضغط بالشارع؟ ولماذا يلتجئ رئيس الجمعية إلى أطراف أخرى لتكثيف الضغط؟. الجواب واضح. وإذا ظهر السبب بطل العجب. إن القضية بالأساس لم تحدث بين أسوار المؤسسة، حتى يمكن أن تدخل جمعية الآباء على الخط؟ ولماذا انتظر السيد الرئيس ثلاث سنوات ليحتج؟ فإذا كان ضد العلاقة كان لزاما عليه أن يحشد قبل أن تخرج الأمور عن قواعدها؟. فالحقيقة ظاهرة وهي أن هذه القضية ليست وليدة المدرسة، بل هي نتاج للجوار والتقارب بين عائلتين يقتسمان نفس السكن، وعبثا يحاول الإنسان أن يخرجها عن هذا البعد لتتحول إلى علاقة أستاذ تلميذة. ومن هنا نرى بأن البعد الشخصي واضح في تحريك دواليب هذه القضية، بغض النظر عن ما ستؤول إليه من إدانة أو تبرئة للأستاذ. وهذا تخطي واختراق لمبدأ تأسيس الجمعيات كما ذكرنا سابقا. *- الجمعية والكيل بمكيالين: يبدو أن رئيس الجمعية في ورطة، ففي الوقت الذي يحشد كل قواه وكل مؤيديه للضغط عبر الشارع بالرغم من خطورة الأمر في هذه النازلة، لا يقوم بالوقت نفسه في حشد هذه القوى في الاحتجاج ضد ظاهرة المخدرات التي اعترفت بها تلميذة أمام الكل. فهذه الظاهرة التي انتشرت بين التلاميذ بشكل مخيف حسب شهادات تلميذة، لا تدعو الرئيس إلى القيام بمهامه، فقط هو الاتهام بالاغتصاب من يحرك. ولمعرفة حجم التناقض أيضا نذكر بحادثة وقعت في العام الماضي تمثلت في اتهام المدير السابق بالتحرش الجنسي، فالسيد الرئيس لم يذخر جهدا في الانحياز إلى جهة المدير، والتعبئة لصالحه تخوفا من انتشار الاتهام بالتحرش، لأن المدير صديقه. أما بخصوص الأستاذ فالحياد حرام في مذهب الرئيس ما دام الأستاذ خصما وعدوا. الجمعية بين الأهداف والاستهداف: يضع الظهير المؤسس لجمعيات الآباء مجموعة من الأهداف لتحقيقها وهي: - العمل على دعم المبادئ الأساسية لنظام التربية والتكوين ،والحفاظ على مكتسباته والإسهام في الرفع من جودته . - العمل على تعزيز وتحسين التواصل بين الأسرة والمؤسسة . - التنسيق والتعاون مع إدارة المؤسسة وكل الفاعلين والتربويين بها من خلال المشاركة الفعالة والمنتجة في مجلس تدبير المؤسسة ومختلف مجالسها التقنية قصد المساهمة في التقويم الدوري للأداء التربوي وللوضعية المادية للمؤسسة وتجهيزاتها ، والمناخ التربوي بها ، واقتراح حلول ملائمة للرفع من مستوى المؤسسة وكل ما من شأنه أن يساهم في النهوض بها ةانفتاحها على محيطها . - تتبع عطاءات التلامذة من خلال نتائج المراقبة المستمرة والامتحانات الدورية ، وتقديم المساعدات الضرورية للمتعثرين منهم في الوقت المناسب . - المساهمة في محاربة الغيابات الفردية والجماعية للتلاميذ وضمان استمرارهم في الدراسة ، والحد من الانقطاعات بالبحث عن أسبابها والعمل على تجاوزها . - إبداء الرأي في مواقيت الدراسة واستعمالات الزمن وتوزيع مهام المدرسين - إبداء الرأي في البرامج والمناهج والمساهمة في تسطير برامج النشطة الداعمة - تقديم الدعم المادي والمعنوي للتلاميذ الأيتام والمعوزين ، وتنظيم المؤازرة والعزاء المؤسسي للأسرة التربوية بالمؤسسة . - المساهمة في الإشراف على حسن تسيير الداخلية والمطعم المدرسي . - المساهمة في دعم برامج تعميم التمدرس وتنمية التربية غير النظامية وتفعيل استراتيجية محو الأمية . هل طبقت جمعية آباء وأولياء تلاميذ ثانوية أم الرمان هذه الأهداف؟. أترك الإجابة للعارفين. لكن هناك بند أضافته الجمعية الأخيرة لم يرد في الظهير. استهداف الأساتذة بالتحريض . والسلام