ان ما نعيشه في هذا البلد السعيد في الآونة الأخيرة من انحلال أخلاقي وقلة حياء وانعدام الاحترام بين مختلف مكونات المجتمع وطغيان لغة الشارع والعامية السوقية على أغلب حواراتنا اليومية لدليل على ان تربيتنا ليست بخير وفي حاجة الى إعادة النظر وتفكير جدري في قيم مجتمع كالمغرب مجتمع يدعي كونه ينتمي إلى دول إسلامية منفتحة على كل الثقافات وتحترم فيه الحريات الفردية ما دام أنها لا تتعارض مع حريات الآخرين فنجد الملهى الليلي لمن يريد الزهو والنشاط والترويح عن نفسه للإنسان المتحرر طبعا ونجد المسجد لمن يريد التعبد أي للانسان المسلم الملتزم ففي هذا البلد تحترم الحريات وتحترم الديانات غير ان ما يهمنا اليوم هو الانحلال الأخلاقي الذي عرفته مؤسساتنا التعليمية في الآونة الأخيرة من اعتداء على الأساتذة والاستاذات من طرف تلاميذهم والشتم والسب من طرف آبائهم والانحلال الاخلاقي بين التلاميذ في المؤسسات التعليمية من تبادل القبل والاحضان في اماكن خصصت للتربية والتعليم والتنشئة الحسنة .لقد سالت دماء من قيل فيهم أمير الشعراء كاد المعلم ان يكون رسولا. من طرف من؟ من طرف تلاميذتهم الذين يعتبرونهم ابناؤهم وان لم يلدوهم فامنية اي استاذ او استاذة ان يرى او ترى في يوم من الايام تلاميذهم قد وصلوا واصبحوا اطرا عليا في مناصب مرموقة ويفتخر وتفتخر بهم اكيد لانهم يرون انفسهم قد قدموا ولو النزر اليسير لبلدهم فتكون فرحة الأستاذ أكثر من فرحة والدي التلميذ أنفسهم لكن للأسف ما نشاهده اليوم لا يبشر بالخير جيل اجتمعت فيه كل الصفات الذميمة فلم يعد يعرف للاحترام والوقار سبيلا جيل تربى في الشارع فأخذ منه كل سلبياته جيل عاق لا يحترم والديه فما بالك أساتذته وجيرانه جيل ليس كالاجيال السابقة لا يحترم كبيرا ولا ينصح صغيرا ولا يقف اجلالا لمربيه فهذا كله دفعنا إلى التساؤل من المسؤول على ما آلت إليه الأمور ؟ وما السبب في هذه الأزمة الأخلاقية والقيمية التي نعيشها ونحن في القرن الواحد والعشرون ؟ هل الأسرة المغربية لم تعد تقوم بواجبها تجاه أبنائها ؟ام ان المدرسة أيضا اقتصر دورها في تلقين دروس لا علاقة لها بالقيم والأخلاق؟ لتخرج لنا جيلا جافا من الأخلاق ومستعد للثوران في أية لحظة ؟. ان ما يقع الان في المؤسسات التعليمية يحتاج الى تفكير جدري من أجل استئصال هذا الورم الخبيث الذي ينهش مجتمعنا لأن بنيان أي مجتمع كيفما كان هو الشباب فإن صلح شبابنا فالمجتمع صالح وسيزدهر وإن فسد شبابنا فانتظر الساعة لأن ساس المجتمع ليس بخير وبحاجة الى اعادة تأهيل وتربية والسبب الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه في الحقيقة أسباب متعددة ومتنوعة سنذكر بعضها . أولا الأسرة المغربية . لم تعد الأسرة المغربية تقوم بدورها المنوط بها على أحسن وجه من تربية و تنشئة حسنة وزرع الحياء في أبنائها وقيم التضامن والتآزر وحب الخير للناس وللوطن واحترام الكبير والصغير كما كانت تفعل الأسرة المغربية قديما فلم نكن نسمع اعتداء ولا اغتصاب ولا اعتراض سبيل فما بالك بضرب الأستاذ أو المربي وخدش كرامته فالأسرة ترسم لأبنائها صورة المعلم وتزينها في عقولهم ويرونه أنموذجا ينبغي الاقتداء به فتصبح مهنة التعليم أمنية الصغير والكبير لأنها مهنة شريفة مهنة الأنبياء والرسل فكان الأستاذ يحترم من الجميع ويستحيي منه الجميع فكانت له مكانة راقية داخل مجتمع متماسك أما الآن فتغيرت الأحوال وانقرض الحياء داخل الأسرة لأسباب متعددة لا داعي لذكرها فأصبح التلميذ لا يحترم ولا يستحيي من أبيه وأمه وأخته وجيرانه فما بالك ب احترامه لاستاذه ومربيه الذي يراه عدوه اللذوذ . ثانيا :وسائل الإعلام وتأثير قنوات الصرف الصحي فالاسرة المغربية المكافحة وأن قلت تلك الأسر التي تسعى كادحة من أجل تربية أبنائها، على القيم والسلوك الحسن والنبيل ،وتعلي من شأن العلم والمعرفة ،وفي آخر المطاف يأتي إعلامنا “العاهر” ليهدم كل شيء بنيناه ويسوق ثقافة المجون ويعطي القدوة الزائفة لأطفالنا فانقلبت الموازين إذ أصبح المغني الماجن أو الممثل السكير قدوة أبنائنا يقتدون بهم. فكيف تريد أن تستقيم منظومتنا التعليمية وإعلامنا العاهر أعثى في الارض فسادا من خلال برامجه المخلة بالآدب ومسلسلاته التركية التي اقتحمت كل البيوت وفرضت نفسها على كل العائلات فاصبحت لها قاعدة جماهيرية مهمة مدمنة ومتابعة فأصبح الأب والأم والأخ والأخت يتابعون هذه المسلسلات يشاهدون البطل يتبادل القبل مع البطلة ونشاهد الخادمة تقع في حب أب الأسرة وتخون ربة البيت وتنال عطف المشاهدين فكيف تريدون أن ننتج جيلا متعلما واعيا يعرف ماله وما عليه في ظل كل هذه الاكراهات السالفة الذكر . ثالثا : المدرسة لا أحد ينكر ان المدرسة لم تعد تقوم بدورها على أحسن وجه فبعدما كانت المدرسة تحظى بمكانة مرموقة داخل المجتمع باعتبارها مكانا للتربية والتعليم وصقل المواهب وتنشئة حسنة وكان المعلم قدوة الجميع باعتباره ذلك الإنسان المثقف وتلك الشمعة التي تذوب في سبيل تنوير حياة الآخرين فاصبح الاب الثاني لكل تلميذ وتلميذة فلم يكن باستطاعة أحد رفع صوته في حضرة الأستاذ فما بالك بسبه أو شتمه أو ضربه كان الاحترام المتبادل هو السائد وهو أساس العملية التعليمية التعلمية الناجعة فكان التعليم آنذاك تعليما فعالا ناجعا وان لم نتفق مع بعض الممارسات التي كانت سائدة آنذاك في الوسط التعليمي من عنف جائر من طرف بعض الأساتذة الذين يبالغون في الضرب والغريب في الأمر أنه لم يسبق لأحد أن اعترض على الأستاذ أسلوبه لأنه قبل كل شيء فهو يبتغي مصلحة التلميذ وأن ضربه له إنما لمصلحة الأخير وهذا ما لم يفهمه الناس الآن فبمجرد ما تصرخ في وجه تلميذ او توبخه فكن على يقين ان أمه او أبوه سيسأل عنك غدا ليس للاستفسار عن مستوى ابنه او ابنته وانما ليرد الصاع صاعين ويوبخك على معاملتك القاسية لابنه دون الاكتراث عن سبب تلك المعاملة والتي صدرت منك قصد تربية ابنه وحثه على الاجتهاد والمثابرة فعوض ان يأتي ليراقب تعلم أبنائه جاء ليثور في وجه الأستاذ ويلقنه أدبيات التعامل مع أبنائه ويستدل عليه بنصوص قانونية تمنع استعمال العنف في الحرم المدرسي . ليجد الأستاذ المسكين نفسه متهما تحت مساطر لم تكن معروفة قديما اذ كان الأستاذ آنذاك سيد قسمه وكان الأب هو المسؤول عن كل كبيرة وصغيرة في بيته راع على تربية أبنائه متحكما في زمام أموره. بقلم ابراهيم العموش 2018