إن الكائن الحي الذي هو الإنسان لا يحق في حقه إلا أن يكون حرا حتى يتسنى لنا تكليفه و محاسبته , أما إذا كان مثقلا بكل أشكال الاهانة و التحقير فلا يستحق إلا الشفقة و الإحسان . مقام هذا التأمل هو ما نتابعه اليوم في تنامي الإحساس بالرغبة في امتلاك الحرية و العيش في كرامة لدى شرائح كبيرة من المواطنين بهذا البلد الكريم , الذي لا يليق في حقه إلا أن يكون بلد أمن واستقرار , وكل انتهاك لكرامة الإنسان يعتبر وصمة عار.لكن و للأسف الشديد لا يزال ببلدنا حنين إلى ادلال الناس و السطو على أرزاقهم وتحقيرهم و نعتهم باحقر النعوت و الأوصاف فإذا ما أبدى واحد مطالبته بحقه كاملا غير منقوص اتهم ب سخونية الرأس الشيء الذي لا يتوقف عند هذا الحد بل يتطور أمره إلى اتهامه باهانة موظف الدولة و تعد له مساطر القذف و السب أو تحرر محاضر إثارة الفتنة و التحريض على الفوضى . و هكذا تتحرك الأجهزة لتكسر همة المواطن إلى أن يعود ليصطف وراء الطابور الكبير لقطيع اسمه مواطنو الدولة فإذا كان لهذه الدولة موظفون يقومون بإشعال مصابيحها وجباية ضرائبها فإنها لا يمكن أن تقوم بدون الشق الثاني لقيام هذه الدولة ,فإذا استحال قيام دولة بدون موظفين يمثلونها و يشملون تجسيدا لسلطتها ' فانه يستحيل أن تكون بدون مواطنين منتسبين إليها باعتبارهم مواطنو الدولة ,وإلا فما يمكن لهم ان يكونوا إذا لم يكونوا مواطنين يحق لهم أن يتمتعوا بحقهم في التواجد تحت حماية الدولة , فادا كان موظفو الدولة يتقاضون على خدمتهم للدولة أجرا , فان يكون المواطن مواطنا فهدا لا يقدر بثمن ,فالدولة قد ستبذل موظفا بموظف و ربما قد تستغني عنه, لكنها لاتستطيع أن تستغني عن مواطنيها , فمتى يدرك بعض موظفي الدولة أهمية المواطن قبل أن تفقد الدولة مواطنيها , لأنها إن فقدتها لن تجلبهم من مكان اخر حتى و إن فكرت يوما ما أن تستورد مواطنا فلن تجد كالمواطن المغربي الذي يتحمل في صبر ما يتحمله المواطن المغربي من شطط في استعمال السلطة . فكم ستكون الصورة جميلة إذا كان لهده الدولة مواطن و موظف يتعاونان على المصلحة العامة,و خدمة للوطن.