\"16 ماي، شرح في هوية الدولة والمجتمع\" العالم العربي والإسلامي مليار و 600 مليون مسلم، يعرف في العقود الأخيرة تصدعات وشروخ عميقة في الهوية، بدأت إرهاصاتها مباشرة بعد سقوط الإتحاد السوفياتي، وتزعم الولاياتالمتحدة الأمركية إلى جانب قوى إمبريالية أخرى الحرب ضد أنظمة إسلامية وعربية، قبل أن تبلغ هذه الحرب أوجها وتنال التأييد الوطني الأمريكي، ثم التأييد الدولي، فيما اصطلح عليه بالحرب ضد الإرهاب بعد أحداث 11 شتنبر، ليصبح العالم الإسلامي والعربي أكبر تجمع للشر في العالم من طرف أمريكا وحلفائها، وبذلك تكون الولاياتالمتحدة قد وضعت شرعية الهجوم والتدخل العسكري في هذا العالم الشرير، القاتل، المتوحش، الذي استهدف البراءة : أفغانستان، العراق، الجزائر البوسنة كرواتيا، مصر، إيريثيا، الهند، إيران...، غير أنه سيتضح ميدانيا أن التدخل العسكري لم يكن في العمق سوى غطاء لتدمير كل مقومات الهوية الإسلامية، إنه جنون الاستلاب الثقافي، والإختلاف الوحشي، والأفظع هو تحول حكومات البلدان الإسلامية والمنظمات الدولية إلى كيان بدون مضمون، أو إلى مجرد ملحقة من ملحقات الإستراتيجية الأمريكية في حربها ضد الإرهاب، وإذا كان العالم الإسلامي والعربي يعاني من انعدام ظروف العيش الكريم (صحة، سكن، تعليم، ..) بسبب برامج التنمية المملاة من المؤسسات الدولية، وغياب تمثيليات ديموقراطية من شأنها المساهمة في تقدم الوضع الحقوقي، فإن مجمل هذه الأوضاع، سيجعل من مجال القيم (المعتقد + المقدس) مجالا خصبا ، لإنتاج أشكال الرفض، لكن أن يأخذ الخطاب الهوياتي نزعة تدميرية عمياء، تلك أكبر جريمة في حق المقدس. إن أحداث 16 ماي غير منفصلة عن عرضنا السابق، قطعة صغيرة من حزام الفقر الذي يلف مدينة ضخمة، طوما والسكويلة ، والرحامنة ، في الدارالبيضاء وفي وطننا العزيز المغرب، خلايا سرطانية تنمو في روح شباب هذه القطعة الصغيرة. وتصنع فيهم وبهم الموت لتوزعه بمقاسها على من تراهم أعداء، النصارى واليهود والمؤيدين لهم من إخواننا، طريقة كاريكانورية لرسم جبهة الكفر، تأخذ من الإسلام كل ما يكمل صناعة الموت ، الشهادة ، الفردوس، إعلاء كلمة الله، وفي النهاية استهداف أبرياء في نادي أو ملهى، أو تجمع. يأبى الله ذلك والمسلمون، لكن أن تجد هذه الخلايا السرطانية مكانا داخل أجهزة الدولة، ذلك ما يجعل من 16 ماي درس مزدوج للدولة والمجتمع؟. مصطفى بوتلين.