مقترحات بتشكيل لجنة استشارية عربية لتبادل الخبرات وإرشاد الدول إلى قوانين أفضل لحماية حقوق الطفل اختتمت أمس الثلاثاء بمراكش، فعاليات المؤتمر الرابع رفيع المستوى لحقوق الطفل الذي ينعقد في إطار التقييم المرحلي للخطة العربية الثانية للطفولة 2004-2015. وتواصلت منذ أول أمس الاثنين، جلسات أشغال المؤتمر لمناقشة التوصيات المنبثقة عن وثيقة التقييم المرحلي للخطة العربية الثانية، ودراسة قانون الطفل في الدول العربية، والدراسة التحليلية للآليات المؤسساتية المعنية بالطفولة في هاته الدول، والتقرير العربي المقارن لمدى إعمال توصيات دراسة الأمين العام للأمم المتحدة لوقف العنف ضد الأطفال. واختتم المؤتمر العربي الرابع رفيع المستوى لحقوق الطفل بتلاوة إعلان مراكش وقراءة مجمل القرارات الصادرة عنه. وقال حسن البلاوي، أمين عام المجلس العربي للطفولة والتنمية في تدخله خلال أشغال المؤتمر «إن المجلس العربي للطفولة والتنمية كان شريكا في التحضيرات التي سبقت المؤتمر، والتزم بتوصيات المؤتمر العربي الثالث لحقوق الطفل بتونس عام 2004، كما تابع العمل مع منظمات المجتمع المدني العربي لتنفيذ وتفعبل الخطة الثانية للطفولة»، وأضاف أن المنتدى التمهيدي للمجتمع المدني العربي للطفولة الذي نظمه المجلس بالتعاون مع جامعة الدول العربية وبرنامج الخليج العربي للتنمية وشركاء آخرين في فبراير الماضي بالقاهرة، كان «خطوة نوعية في سياق التحضير لهذا المؤتمر الهام». وتابع أن المجلس العربي للطفولة والتنمية موجود برصيد خبراته وموارده وكذا بالتزامه بالعمل لدعم الشراكات مع كل الأطراف، كما أن له مبادرات عدة منها مبادرة حماية أطفال الشوارع التي بوشر العمل بها منذ بداية التسعينيات لغاية اليوم في خمس دول عربية، أضف إلى ذلك، برنامج دمج الطفل ذي الإعاقة، وتدريب الإعلاميين في مجال حماية الأطفال من العنف، وإستراتيجية تنمية لغة الطفل العربي، وتأسيس منتدى منظمات المجتمع المدني العربي في مجال الطفولة والذي عقد أول لقاءاته في المغرب، علاوة على العمل على متابعة تنفيذ توصيات دراسة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن العنف ضد الأطفال، والسعي إلى إنشاء مرصد إعلامي لحقوق الطفل العربي. وأكد البلاوي أن دعم المنظمات والمؤسسات ذات الصلة هو الأجدر بالعناية، مثلها مثل الحاجة إلى تفعيل المؤسسات الفاعلة الموجودة، ونشر مزيد من ثقافة التنسيق والعمل المشترك. ومن جهته، أكد عبد القادر مساهل الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية في الحكومة الجزائرية، في عرضه، أن خطة العمل الجهوية العربية من أجل الطفولة، المعتمدة في عام 2004 من قبل القمة العربية بتونس، والتي يقوم المؤتمر بتقييم مدى تنفيذها، تمثل قاعدة عمل ثمينة من أجل التنسيق بين البلدان العربية، لأنها ستسمح من جهة بالحفاظ على الحركية الجارية حاليا، وبالحرص من جهة أخرى، على إعطاء صورة أكثر صدقا عن المكاسب المسجلة في ترقية وضعية الأطفال في الوطن العربي. وأبرز مساهل أن الاستثمارات الضخمة التي تم تقديمها في مجال التنمية البشرية، سمحت للجزائر أن تحرز تقدما كبيرا في هذا المجال، حيث خصصت أكثر من 40 في المائة من موارد برنامج الاستثمار العمومي 2010 -2014، لقطاعي التربية والصحة، لأن الهدف المسطر لهذه الفترة، هو القضاء على النقائص التي لا تزال مسجلة مثل الأمية لدى فئة من الأطفال دون سن 18 عاما، والتأخر النسبي المسجل في التقليل من وفيات الأمهات. ومن جهتها، أكدت مشيرة خطاب وزيرة الدولة للأسرة والسكان في جمهورية مصر العربية، خلال مداخلتها، أن مصر لم تؤل جهدا في تطوير التشريعات المتعلقة بالطفولة حيث قامت في هذا الصدد، بإجراء تعديلات جوهرية على قانون الطفل أسفرت عن إخراج القانون المعدل 126/2008 الذي تم إعداده استنادا إلى مشاركة واسعة من جميع الجهات المعنية الحكومية بشقيها التشريعي والتنفيذي وبشراكة فاعلة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص والأطفال أنفسهم، فجاء تشريعا يضمن الحقوق التي تكفلها اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكوليها الاختياريين. وأضافت أن أحد أهم التحديات التي تواجه الدول العربية هي التصدي للممارسات السلبية التي تغذيها ثقافة بعض المجتمعات في الأماكن النائية مثل حرمان الفتيات من التعليم وختان الإناث وكذلك عمالة الأطفال وظاهرة أطفال الشوارع والتمييز ضد الأطفال ذوي الإعاقة وممارسات الإدمان والتعاطي لدى الشباب. ومن جانبه، تحدث عبد السادة شناوة فهد، وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، عن أوضاع الأطفال العراقيين وقال «لقد واجه الأطفال العراقيون ظروفا عصيبة، إذ كانوا ضحايا سلسلة من النزاعات والحروب وضحايا حصار دولي استمر لأكثر من عقد من الزمن». وتابع «من المؤسف أن معاناتهم استغلت سياسيا لتصبح معاناتهم بموازاة ما يرتكبه الإرهابيون والتكفيريون من جرائم لم تستثن المدارس ولا الملاعب ولا الأسواق، تاركة الآلاف من الأيتام». وأضاف أن العمل الاجتماعي في العراق جهاز سليم يشتغل على مستوى عدد من شبكات الأمان لتغطية حاجيات الأيتام والأرامل والمعوقين، فضلا عن إعانات وقروض صغيرة وقروض عمل للعاطلين الشباب، هذا إلى جانب تطوير المؤسسات الإيوائية للأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والجائعين وبناء عدد من المراكز المفتوحة تهدف إلى تقديم الخدمات لأطفال الشوارع وإعادة دمجهم في المجتمع. وناقش المشاركون دراسات قدمت خلال المؤتمر حول حقوق الطفل بينها دراسة بعنوان «الطفل في الدول العربية: الواقع والمأمول»، ركزت على التعريف بأهمية وجود قانون لحقوق الطفل، ووضع معايير توضح الفارق بين قانون حماية الطفل وقانون حقوق الطفل، ورصد واقع التشريعات فى مجال حقوق الطفولة فى البلدان العربية. كما نوقشت دراسة حول مدى مواءمة التشريعات العربية للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والحاجات المجتمعية، ورصد مدى التقدم نحو تنفيذ الخطة العربية الثانية للطفولة (2004-2015) في جزئها المتعلق بالتشريعات والبروتوكولين الملحقين بها والوثائق العربية ذات الصلة، والتعرف على النقائص. كما وقفت الدراسة على التحديات والصعوبات التي تواجه الدول العربية للوصول إلى قانون وطني متكامل لحقوق الطفل، وسبل التغلب عليها، ووضع أطر استرشادية لجميع الدول العربية تعتبر الحد الأدنى لأي قانون تصدره بشأن حقوق الطفل، إلى جانب توفير معايير موحدة متفق عليها تتيح للدول العربية إمكانية التقييم الذاتي لموقفها فيما يتعلق بالجانب التشريعي لتبنى قضايا حقوق الطفل وبما ييسر لها تطوير أوضاعها. ومن بين خلاصات هذه الدراسة، تشكيل لجنة استشارية عربية في مجال حقوق الطفل تكون من مهامها دراسة القوانين القائمة المعنية بالطفل في جميع الدول العربية لتقييمها وإعداد تقارير بشأنها ترسل للدول المعنية للاستئناس والاسترشاد بها، وإبداء الرأي فيما ترسله الدول العربية من مشروعات قوانين أو تعديلات قوانين مقترحة في مجال حقوق الطفل وتطلب استطلاع الرأي بشأنها، وتقديم الخبرات القانونية للدول التي تشرع فى إدخال تعديلات على القانون القائمة أو تشرع في استحداث قانون جديد لحقوق الطفل، على أن تكون عضوية تلك اللجنة من قانونيين وخبراء متخصصين فى مجال حقوق الطفل.